للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ وَلِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» .

١ -

(فَصْلٌ) وَقَوْلُهُ «ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ ثَلَاثًا» الْمَضْمَضَةُ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ عِنْدَ مَالِكٍ فِي الطَّهَارَةِ الصُّغْرَى وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ هِيَ وَاجِبَةٌ فِيهَا وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا الْعُضْوَ بَاطِنٌ فِي أَصْلِ الْخِلْقَةِ فَلَمْ يَجِبْ إيصَالُ الْمَاءِ إلَيْهِ فِي الْوُضُوءِ كَدَاخِلِ الْعَيْنَيْنِ.

[بَابٌ فِي بَيَانِ غَسْلِ الْوَجْهِ] ١

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا غَسْلُ الْوَجْهِ فَرْضٌ فِي الطَّهَارَةِ وَلَهُ أَبْوَابٌ فِي الْغَسْلِ وَالْمَغْسُولِ بِهِ وَالْمَغْسُولِ يَجِبُ بَيَانُهَا.

(بَابٌ فِي بَيَانِ غَسْلِ الْوَجْهِ) فَأَمَّا الْغَسْلُ فَإِنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ حَكَى عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَمْ يَحُدَّ فِي الْوُضُوءِ شَيْئًا وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَحُدَّ فِيهِ حَدًّا لَا يَجُوزُ التَّقْصِيرُ عَنْهُ وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ وَأَمَّا تَحْدِيدُ فَرْضِهِ وَنَفْلِهِ فَمَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ وَلَا خِلَافَ فِيهِ نَعْلَمُهُ وَذَلِكَ أَنَّ الْفَرْضَ فِي الْوُضُوءِ مَرَّةٌ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: ٦] وَالْأَمْرُ بِالْغَسْلِ أَقَلُّ مَا يَقْتَضِي فِعْلُهُ مَرَّةً وَاحِدَةً لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا يُسَمَّى بِهِ غَاسِلًا لِأَعْضَاءِ الْوُضُوءِ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً» وَأَمَّا النَّفَلُ فَمَرَّتَيْنِ وَثَلَاثًا.

وَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ» .

وَرُوِيَ «عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ أَرَاهُمْ وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا» وَهُوَ أَكْمَلُ الْوُضُوءِ وَأَتَمُّهُ وَهُوَ حَدٌّ لِلْفَضِيلَةِ وَرَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ هَذَا الْوُضُوءُ فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا فَقَدْ أَسَاءَ وَتَعَدَّى وَظَلَمَ» وَرَوَى عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ «أَنَّهُ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَقَالَ هَذَا وُضُوئِي وَوُضُوءُ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي» وَلَيْسَتْ الْآثَارُ فِي ذَلِكَ بِالْقَوِيَّةِ إلَّا أَنَّ الْفُقَهَاءَ اتَّفَقُوا عَلَى الْعَمَلِ بِهَا.

[بَابٌ فِي بَيَانِ الْمَغْسُولِ بِهِ]

(بَابٌ فِي بَيَانِ الْمَغْسُولِ بِهِ) وَأَمَّا الْمَغْسُولُ بِهِ وَهُوَ الْمَاءُ فَإِنَّ الْمَشْرُوعَ مِنْهُ مَا يَكْفِي وَيَصِحُّ بِهِ الْغَسْلُ وَمِقْدَارُ ذَلِكَ لِلْمُتَوَضِّئِ مِقْدَارُ مُدٍّ بِمُدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِلْمُغْتَسِلِ صَاعٌ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَفَرْضُهُ أَنْ يَكُونَ الْعُضْوُ الْمَغْسُولُ بِهِ مَعَ إمْرَارِ الْيَدِ بِأَنْ يُنْقَلَ بِالْيَدِ أَوْ يَنْزِلَ عَلَيْهِ مِنْ مَطَرٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْوُجُوهِ وَأَمَّا أَنْ يَتَنَاوَلَهُ بِيَدِهِ ثُمَّ يُرْسِلَهُ ثُمَّ يُمِرَّهَا عَلَى الْعُضْوِ الْمَغْسُولِ فَلَا يُجْزِي لِأَنَّهُ مَسْحٌ وَلَيْسَ بِغَسْلٍ.

[بَابٌ فِي بَيَانِ الْمَغْسُولِ] ١

وَأَمَّا الْمَغْسُولُ وَهُوَ الْوَجْهُ فَحَدُّهُ طُولًا مِنْ مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ إلَى طَرَفِ الذَّقَنِ فِي الْأَمْرَدِ وَأَمَّا الْمُلْتَحِي فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ فَرُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ حَدَّهُ إلَى آخِرِ الشَّعْرِ.

وَقَالَ سَحْنُونٌ فَمَنْ لَمْ يُمِرَّ بِيَدَيْهِ إلَى آخِرِ شَعْرِ لِحْيَتِهِ لَمْ يُجْزِهِ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَبْهَرِيُّ إنَّ الْفَرْضَ مِنْ ذَلِكَ مَا حَاذَى الْمَغْسُولَ مِنْ الْوَجْهِ وَسَنُبَيِّنُ ذَلِكَ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ كَانَتْ اللِّحْيَةُ خَفِيفَةً لَا تَسْتُرُ الْبَشَرَةَ وَجَبَ إيصَالُ الْمَاءِ إلَيْهَا وَإِنْ كَانَتْ كَثِيفَةً فَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي ذَلِكَ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّهُ عَابَ تَخْلِيلَهَا.

وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُخَلِّلُهَا رَغْبَةً وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُخَلِّلُ فِي الْوُضُوءِ وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَوَجْهُ مَا قَالَهُ مَالِكٌ أَنَّ هَذَا شَعْرٌ يَسْتُرُ الْبَشَرَةَ فَلَمْ يَجِبْ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى مَا تَحْتَهُ كَشَعْرِ الرَّأْسِ وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّ هَذِهِ طَهَارَةٌ يُغْسَلُ فِيهَا الْوَجْهُ فَوَجَبَ أَنْ تُخَلَّلَ فِيهَا اللِّحْيَةُ كَالْغُسْلِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَحَدُّ الْوَجْهِ عَرْضًا فِي الْمُلْتَحِي مِنْ الصُّدْغِ إلَى الصُّدْغِ وَأَمَّا الْأَمْرَدُ فَرَوَى

<<  <  ج: ص:  >  >>