للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ أَنَّهُ قَالَ «جَاءَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فِي بَنِي مُعَاوِيَةَ وَهِيَ قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى الْأَنْصَارِ فَقَالَ هَلْ تَدْرُونَ أَيْنَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ مَسْجِدِكُمْ هَذَا فَقُلْت لَهُ نَعَمْ أَشَرْت لَهُ إلَى نَاحِيَةٍ مِنْهُ فَقَالَ هَلْ تَدْرِي مَا الثَّلَاثُ الَّتِي دَعَا بِهِنَّ فِيهِ فَقُلْت نَعَمْ قَالَ فَأَخْبَرَنِي بِهِنَّ فَقُلْت دَعَا بِأَنْ لَا يُظْهِرَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ وَلَا يُهْلِكَهُمْ بِالسِّنِينَ فَأُعْطِيَهُمَا وَدَعَا بِأَنْ لَا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَمُنِعَهَا قَالَ صَدَقْتَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَلَنْ يَزَالَ الْهَرْجُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» ) .

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ مَا مِنْ دَاعٍ يَدْعُو إلَّا كَانَ بَيْنَ إحْدَى ثَلَاثٍ إمَّا أَنْ يُسْتَجَابَ لَهُ وَإِمَّا أَنْ يُدَّخَرَ لَهُ وَإِمَّا أَنْ يُكَفَّرَ عَنْهُ) .

الْعَمَلُ فِي الدُّعَاءِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ رَآنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو وَأَنَا أَدْعُو وَأُشِيرُ بِأُصْبُعَيْنِ أُصْبُعٍ مِنْ كُلِّ يَدٍ فَنَهَانِي) .

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ إنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا} [الإسراء: ١١٠] فِي الدُّعَاءِ)

ــ

[المنتقى]

يُرِيدَ بِمَا قَدَّمَ مَا مَضَى وَبِمَا أَخَّرَ مَا يَسْتَقْبِلُ وَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ حَمَلَهُ أَهْلُ التَّفْسِيرِ عَلَى أَنَّ الْغُفْرَانَ تَنَاوَلَ مِنْ أَفْعَالِهِ الْمَاضِيَ وَالْمُسْتَقْبَلَ.

(ش) : سُؤَالُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَيْنَ صَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ مَسْجِدِ بَنِي مُعَاوِيَةَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ حِرْصًا مِنْهُ عَلَى مَعْرِفَةِ مَا دَعَا بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ الِاخْتِبَارِ لِلْمَسْئُولِ عَنْ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ عِلْمٌ وَإِلَّا أَعْلَمَهُ، وَقَوْلُهُ هَلْ تَدْرِي مَا الثَّلَاثُ الَّتِي دَعَا بِهِنَّ يَحْتَمِلُ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا، وَقَوْلُهُ أَنْ لَا يُظْهِرَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ يَعْنِي مِنْ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: ١٠٦] وَقَوْلُهُ أَنْ لَا يُظْهِرَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ يَعْنِي مِنْ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا يُهْلِكُهُمْ بِالسِّنِينَ يُرِيدُ الشَّدَائِدَ وَالْمَحَلُّ يُقَالُ عَامُ سِنَةٍ أَيْ عَامُ جَدْبٍ وَمَجَاعَةٍ، وَقَوْلُهُ وَدَعَا بِأَنْ لَا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَمُنِعَهَا يَعْنِي أَنْ لَا يَجْعَلَ الْحَرْبَ وَالْهَرْجَ بَيْنَهُمْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ} [النحل: ٨١] وَقَوْلُهُ فَلَنْ يَزَالَ الْهَرْجُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ يَعْنِي الْحَرْبَ وَالْفِتَنَ وَالِاخْتِلَافَ.

(ش) : هَذَا إنَّمَا يَكُونُ لِلدَّاعِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ إذَا دَعَا فِيمَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْعُوَ فِيهِ فَذَلِكَ الَّذِي لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يُسْتَجَابَ لَهُ فِيمَا دَعَا فِيهِ أَوْ يُدَّخَرُ لَهُ أَجْرٌ بِدُعَائِهِ وَإِخْلَاصِهِ وَذِكْرِهِ لِلَّهِ وَإِقْرَارِهِ لَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَإِمَّا أَنْ يُكَفِّرَ لَهُ بَعْضَ مَا سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِهِ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ بَلَغَنِي أَنَّهُ مَا مِنْ دَاعٍ إلَّا كَانَ عَلَى إحْدَى ثَلَاثٍ إمَّا أَنْ يُعْطَى الدَّعْوَةَ الَّتِي دَعَا بِهَا أَوْ يُدَّخَرَ لَهُ أَوْ يُصْرَفَ عَنْهُ بِهَا فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ يُصْرَفُ عَنْهُ إثْمُ ذُنُوبِهِ وَهُوَ فِي مَعْنَى التَّكْفِيرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْعَمَلُ فِي الدُّعَاءِ]

(ش) : إنَّمَا نَهَاهُ أَنْ يُشِيرَ بِأُصْبُعَيْنِ لِأَنَّ الدُّعَاءَ إنَّمَا يُحَبُّ أَنْ يَكُونَ إمَّا بِالْيَدَيْنِ وَبَسْطِهِمَا عَلَى مَعْنَى التَّضَرُّعِ وَالرَّغْبَةِ وَإِمَّا بِالْإِشَارَةِ بِالْوَاحِدَةِ عَلَى مَعْنَى التَّوْحِيدِ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ كَانَ يَقُولُ إنَّ الرَّجُلَ لَيُرْفَعُ بِدُعَاءِ وَلَدِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَقَالَ بِيَدَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ فَرَفَعَهُمَا) (ش) : قَوْلُهُ وَقَالَ بِيَدَيْهِ بِهِ نَحْوَ السَّمَاء رِوَايَةُ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى وَمُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى يَرْفَعُهُمَا يَدْعُو لِأَبَوَيْهِ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ رَفَعَهُمَا إشَارَةً بِيَدِهِ وَقَالَ هَكَذَا يَرْفَعُ إلَى فَوْقٍ وَقَوْلُهُ وَقَالَ بِيَدِهِ نَحْوَ السَّمَاءِ يُرِيدُ إشَارَةً بِيَدَيْهِ وَسَمَّى ذَلِكَ قَوْلًا لِأَنَّ الْكَلَامَ إنَّمَا هُوَ الْمَعْنَى الْقَائِمُ فِي النَّفْسِ فَتَارَةً يُعَبَّرُ عَنْهُ بِاللَّفْظِ وَتَارَةً بِالْإِشَارَةِ وَتَارَةً بِالْكِتَابَةِ فَسُمِّيَ ذَلِكَ كُلُّهُ كَلَامًا وَقَوْلًا لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(ش) : قَالَ ابْنُ نَافِعٍ ذَلِكَ فِي الدُّعَاءِ فَمَنْ دَعَا فَلَا يَجْهَرْ بِدُعَائِهِ وَلَا يُخَافِتْ بِهِ وَهُوَ قَوْلُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَقَالَ زِيَادُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَحْسَنُ مَا سَمِعْت فِي ذَلِكَ لَا تَجْهَرْ بِقِرَاءَتِك فِي صَلَاةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>