للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي النَّضْرِ السُّلَمِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا يَمُوتُ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثَةٌ مِنْ الْوَلَدِ فَيَحْتَسِبَهُمْ إلَّا كَانُوا لَهُ جُنَّةً مِنْ النَّارِ فَقَالَتْ امْرَأَةٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْ اثْنَانِ؟ قَالَ أَوْ اثْنَانِ» ) .

جَامِعُ الْحِسْبَةِ فِي الْمُصِيبَةِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لِيُعَزِّ الْمُسْلِمِينَ فِي مَصَائِبِهِمْ الْمُصِيبَةُ بِي» ) .

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ فَقَالَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: ١٥٦] اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَعْقِبْنِي خَيْرًا مِنْهَا إلَّا

ــ

[المنتقى]

الْقَسَمِ» قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ تَفْسِيرُهُ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا} [مريم: ٧١] قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فَإِذَا مَرَّ بِهَا وَجَاوَزَهَا فَقَدْ أَبَرَّ اللَّهُ تَعَالَى قَسَمَهُ قَالَ وَمَوْضِعُ الْقَسَمِ مَرْدُودٌ إلَى قَوْلِهِ {فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا} [مريم: ٦٨] وَالْعَرَبُ تُقْسِمُ وَتُضَمِّنُ الْمُقْسَمَ بِهِ وَمِثْلَهُ قَوْله تَعَالَى {وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ} [النساء: ٧٢] مَعْنَاهُ، وَإِنَّ مِنْكُمْ - وَاَللَّهِ - لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ، وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا} [مريم: ٧١] ، وَقَالَ غَيْرُهُ لَا قَسَمَ فِي قَوْلِهِ {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا} [مريم: ٧١] فَيَكُونَ لَهُ تَحِلَّةً وَمَعْنَى قَوْلِهِ «إلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ» إلَّا الشَّيْءَ الَّذِي لَا يَنَالُهُ مَعَهُ مَكْرُوهٌ وَأَصْلُهُ مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ ضَرَبَهُ تَحْلِيلًا إذَا لَمْ يُبَالِغْ فِي ضَرْبِهِ وَمَعْنَاهُ عَلَى هَذَيْنِ التَّأْوِيلَيْنِ أَنَّ النَّارَ لَا تَمَسُّهُ إلَّا قَدْرَ وُرُودِهِ عَلَيْهَا، ثُمَّ يَنْجُو بَعْدَ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} [مريم: ٧٢] .

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي النَّضْرِ السُّلَمِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا يَمُوتُ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثَةٌ مِنْ الْوَلَدِ فَيَحْتَسِبَهُمْ إلَّا كَانُوا لَهُ جُنَّةً مِنْ النَّارِ فَقَالَتْ امْرَأَةٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْ اثْنَانِ؟ قَالَ أَوْ اثْنَانِ» ) (ش) : الْكَلَامُ فِي هَذَا الْمَتْنِ كَالْكَلَامِ فِي الَّذِي قَبْلَهُ وَقَوْلُهُ «فَيَحْتَسِبَهُمْ» بَيَانٌ لِصِفَةِ مَنْ يُؤْجَرُ بِمُصَابِهِ فِي وَلَدِهِ وَهُوَ أَنْ يَحْتَسِبَهُمْ، وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَحْتَسِبْهُمْ وَلَمْ يَرْضَ بِأَمْرِ اللَّهِ فِيهِمْ فَإِنَّهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي هَذَا الْوَجْهِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُ الْمَرْأَةِ أَوْ اثْنَانِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ تَعَلُّقَ هَذَا الْحُكْمِ عَلَى الثَّلَاثِ عَلَى انْتِفَائِهِ عَمَّنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْهُ وَلَوْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ لَمَا سَأَلَتْهُ وَلَكِنَّهَا لَمَّا جَوَّزَتْ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الِاثْنَيْنِ حُكْمَ الثَّلَاثَةِ فِي ذَلِكَ وَجَوَّزَتْ أَنْ يُخَالِفَهُ؛ لِأَنَّ أَجْرَ الْمُصِيبَةِ بِالثَّلَاثَةِ أَعْظَمُ مِنْ أَجْرِ الْمُصِيبَةِ بِالِاثْنَيْنِ سَأَلَتْهُ فَأَخْبَرَهَا أَنَّ تَفَضُّلَ اللَّهِ فِي ذَلِكَ عَلَى مَنْ أُصِيبَ بِاثْنَيْنِ يَبْلُغُ بِهِ السَّتْرَ مِنْ النَّارِ وَالنَّجَاةَ مِنْ عَذَابِهَا.

(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ أَبِي الْحُبَابِ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَا يَزَالُ الْمُؤْمِنُ يُصَابُ فِي وَلَدِهِ وَحَامَّتِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَلَيْسَتْ لَهُ خَطِيئَةٌ» ) (ش) : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا يَزَالُ الْمُؤْمِنُ يُصَابُ فِي وَلَدِهِ وَحَامَّتِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ» الْحَامَّةُ الْخَاصَّةُ وَمِنْهُ قِيلَ حَمِيمُ فُلَانٍ أَيْ خَاصَّتُهُ يَعْنِي أَنَّهُ يُفْجَعُ فِيهِمْ بِمَوْتٍ أَوْ قَتْلٍ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَلَيْسَتْ لَهُ خَطِيئَةٌ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ يُحَطُّ عَنْهُ لِذَلِكَ خَطَايَاهُ حَتَّى لَا يَبْقَى لَهُ خَطِيئَةٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْأَجْرِ مَا يَزِنُ جَمِيعَ ذُنُوبِهِ فَيَلْقَى اللَّهَ تَعَالَى وَلَيْسَ لَهُ ذَنْبٌ يَزِيدُ عَلَى حَسَنَاتِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ، وَإِنَّمَا هَذَا لِمَنْ صَبَرَ وَاحْتَسَبَ، وَأَمَّا مَنْ سَخِطَ وَلَمْ يَرْضَ بِقَدَرِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ أَقْرَبُ إلَى أَنْ يَأْثَمَ لِسَخَطِهِ فَيَكْثُرَ بِذَلِكَ سَائِرُ آثَامِهِ وَهَذَا تَفْسِيرٌ لِلْحَدِيثَيْنِ الْمُتَقَدِّمِينَ.

[جَامِعُ الْحِسْبَةِ فِي الْمُصِيبَةِ]

(ش) : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لِيُعَزِّ الْمُسْلِمِينَ فِي مَصَائِبِهِمْ الْمُصِيبَةُ بِي» يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ مُصَابَهُ أَعْظَمُ مِنْ سَائِرِ مَصَائِبِ الدُّنْيَا فَإِنَّهُ لَا مُصِيبَةَ أَعْظَمُ مِنْ الْمُصِيبَةِ بِهِ وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مُصَابٍ بِهِ لَهُ مِنْهُ عِوَضٌ وَلَا عِوَضَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا أُصِبْنَا بِمُصِيبَةٍ فِي غَيْرِهِ مِنْ قَرِيبٍ أَوْ حَمِيمٍ فَإِنَّهَا دُونَ الْمُصَابِ بِهِ فَيُعَزَّى فِي ذَلِكَ بِأَنَّهُ قَدْ أُصِيبَ بِأَعْظَمَ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ الْمُصَابُ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَصَبَرَ فَبِأَنْ يَصْبِرَ عَلَى مَا هُوَ أَيْسَرُ مِنْهُ وَأَخَفُّ أَوْلَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>