للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَمِعَهَا تَقُولُ «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُخْتَفِيَ وَالْمُخْتَفِيَةَ يَعْنِي نَبَّاشَ الْقُبُورِ» ) .

(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَتْ تَقُولُ كَسْرُ عَظْمِ الْمُسْلِمِ مَيِّتًا كَكَسْرِهِ وَهُوَ حَيٌّ تَعْنِي فِي الْإِثْمِ) .

جَامِعُ الْجَنَائِزِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ «أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إلَى صَدْرِهَا وَأَصْغَتْ إلَيْهِ يَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَأَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ الْأَعْلَى» ) .

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنَّ أَحَدَكُمْ إذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ يُقَالُ لَهُ هَذَا مَقْعَدُك حَتَّى يَبْعَثَك اللَّهُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» ) .

ــ

[المنتقى]

[مَا جَاءَ فِي الِاخْتِفَاءِ]

(ش) : قَوْلُهَا «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُخْتَفِيَ» اللَّعْنُ الْإِبْعَادُ فِي أَصْلِ كَلَامِ الْعَرَبِ وَهُوَ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْإِبْعَادِ مِنْ الْخَيْرِ فَلَعْنُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُخْتَفِيَ إنَّمَا هُوَ الدُّعَاءُ عَلَيْهِ بِالْإِبْعَادِ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَالْمُخْتَفِي وَالْمُخْتَفِيَةُ هُمَا النَّبَّاشُ وَالنَّبَّاشَةُ لِلْقُبُورِ لِأَخْذِ أَكْفَانِ الْمَوْتَى وَسَيَأْتِي ذِكْرُ وُجُوبِ الْقَطْعِ فِيهِ فِي كِتَابِ السَّرِقَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ.

(ش) : قَوْلُهَا كَسْرُ عَظْمِ الْمُسْلِمِ مَيِّتًا كَكَسْرِهِ وَهُوَ حَيٌّ يُرِيدُ أَنَّ لَهُ مِنْ الْحُرْمَةِ فِي حَالِ مَوْتِهِ مِثْلَ مَا لَهُ مِنْهَا حَالَ حَيَاتِهِ وَأَنَّ كَسْرَ عِظَامِهِ فِي حَالِ مَوْتِهِ يَحْرُمُ كَمَا يَحْرُمُ كَسْرُهَا حَالَ حَيَاتِهِ وَقَوْلُ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَعْنِي فِي الْإِثْمِ يُرِيدُ أَنَّهُمَا لَا يَتَسَاوَيَانِ فِي الْقِصَاصِ وَغَيْرِهِ، وَإِنَّمَا يَتَسَاوَيَانِ فِي الْإِثْمِ.

[جَامِعُ الْجَنَائِزِ]

(ش) : قَوْلُهُ «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَأَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ الْأَعْلَى» يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ مَنْ يُرَافِقُهُ فِي الْجَنَّةِ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ.

وَقَدْ رُوِيَ «عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا سَمِعَتْهُ يَقُولُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَأَخَذَتْهُ غَشْيَةٌ يَقُولُ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ» الْآيَةَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الرَّفِيقَ الَّذِي يُرْتَفَقُ بِهِ يُرِيدُ بِالرَّفِيقِ الْأَعْلَى رَفِيقَ الرَّفِيقِ، وَرَوَى ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ ابْنِ نَافِعٍ أَنَّهُ يُرِيدُ بِالرَّفِيقِ الْأَعْلَى أَعْلَى مُرْتَفَقِهَا.

وَقَدْ رَوَى الزُّهْرِيُّ أَخْبَرَهُ عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ صَحِيحٌ يَقُولُ إنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نَبِيٌّ قَطُّ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ فِي الْجَنَّةِ، ثُمَّ يَحْيَا أَوْ يُخَيَّرَ فَلَمَّا اشْتَكَى وَحَضَرَهُ الْقَبْضُ وَرَأْسُهُ عَلَى فَخِذِ عَائِشَةَ غُشِيَ عَلَيْهِ فَلَمَّا أَفَاقَ شَخَصَ بَصَرَهُ نَحْوَ سَقْفِ الْبَيْتِ، ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى فَقُلْتُ إذًا لَا يُجَاوِرُنَا فَعَرَفْتُ أَنَّهُ حَدِيثُهُ الَّذِي كَانَ يُحَدِّثُنَا وَهُوَ صَحِيحٌ» فَظَاهِرُ لَفْظِ هَذَا الْحَدِيثِ يَقْتَضِي أَنَّ الرَّفِيقَ بِمَعْنَى الْمُرْتَفَقِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ الرَّفِيقُ اسْمٌ لِكُلِّ سَمَاءٍ وَأَرَادَ الْأَعْلَى مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْجَنَّةَ فَوْقَ ذَلِكَ وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ ذَكَرَهُ وَأَرَاهُ وَهِمَ.

(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا مِنْ نَبِيٍّ يَمُوتُ حَتَّى يُخَيَّرَ قَالَتْ فَسَمِعْته وَهُوَ يَقُولُ اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الْأَعْلَى فَعَرَفْت أَنَّهُ ذَاهِبٌ» ) ش قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا مِنْ نَبِيٍّ يَمُوتُ حَتَّى يُخَيَّرَ» يُرِيدُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ يَرَى مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ مِنْ الثَّوَابِ فِي الْجَنَّةِ وَمَا ذَكَرَ لَهُ فِيهَا لِيُسَرَّ بِذَلِكَ وَيَتَشَوَّقَ بِهِ إلَى لِقَاءِ اللَّهِ وَقَوْلُهُ «حَتَّى يُخَيَّرَ» يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْمُقَامِ فِي الدُّنْيَا وَبَيْنَ الِانْتِقَالِ إلَى مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ، وَقَدْ بَيَّنَتْ ذَلِكَ عَائِشَةُ بِقَوْلِهَا فَعَلِمْت أَنَّهُ ذَاهِبٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ التَّخْيِيرَ فِي مَنَازِلِ الْآخِرَةِ فَاخْتَارَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الرَّفِيقَ الْأَعْلَى وَقَوْلُهَا فَعَرَفْت أَنَّهُ ذَاهِبٌ يُرِيدُ أَنَّهَا عَلِمَتْ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا كَانَ جَوَابَ التَّخْيِيرِ الَّذِي خُيِّرَ فَكَانَ ذَلِكَ انْقِضَاءَ عُمُرِهِ.

(ش) : قَوْلُهُ «إنَّ أَحَدَكُمْ إذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ» ، الْعَرْضُ لَا يَكُونُ إلَّا عَلَى حَيٍّ وَلَا يَصِحُّ الْعَرْضُ عَلَى مَيِّتٍ لَا يَحْتَاجُ أَنْ يَعْلَمَ مَا يُعْرَضُ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>