للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تُقَدِّمُونَهُ إلَيْهِ أَوْ شَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ) .

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَرَ رَمَضَانَ فَقَالَ «لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْا الْهِلَالَ وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ» ) .

ــ

[المنتقى]

(ش) : قَوْلُهُ أَسْرِعُوا بِجَنَائِزِكُمْ يُرِيدُ تَعْجِيلَ أَمْرِهَا وَتَرْكَ تَأْخِيرِهَا.

وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ فِي تَعْجِيلِ دَفْنِهَا سَتْرًا لَهَا وَمُبَادَرَةً لِسَتْرِهَا وَلَا مَانِعَ مِنْ تَعْجِيلِهَا وَلَا فَائِدَةَ فِي تَأْخِيرِهَا؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ إنْ كَانَ صَالِحًا فَتَقْدِيمُهُ خَيْرٌ لَهُ؛ لِأَنَّهُ يَقْدَمُ عَلَى مَا أَعَدَّ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ، وَإِنْ كَانَ فَاجِرًا فَلَا مَرْحَبًا بِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ شَرٌّ يَضَعُهُ أَهْلُهُ عَنْ رِقَابِهِمْ.

وَقَدْ رَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا وُضِعَتْ الْجِنَازَةُ فَاحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً قَالَتْ قَدِّمُونِي قَدِّمُونِي، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ قَالَتْ يَا وَيْلَهَا أَيْنَ تَذْهَبُونَ بِهَا، يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شَيْءٍ إلَّا الْإِنْسَانَ وَلَوْ سَمِعَهُ لَصَعِقَ» تَمَّ كِتَابُ الْجَنَائِزِ.

[كِتَابُ الصِّيَامِ]

[مَا جَاءَ فِي رُؤْيَةِ الْهِلَالِ لِلصَّوْمِ وَالْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ] ١

كِتَابُ الصِّيَامِ مَا جَاءَ فِي رُؤْيَةِ الْهِلَالِ لِلصَّوْمِ وَالْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ الصِّيَامُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْإِمْسَاكُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} [مريم: ٢٦] إلَّا أَنَّ اسْمَ الصَّوْمِ وَاقِعٌ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ عَلَى إمْسَاكٍ مَخْصُوصٍ فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ عَنْ أَشْيَاءَ مَخْصُوصَةٍ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ، وَأَمَّا الْفِطْرُ فَهُوَ قَطْعُ الصَّوْمِ الشَّرْعِيِّ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ؛ لِأَنَّ الْفِطْرَ إنَّمَا هُوَ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي كُلِّ مَا يَقْطَعُ الصَّوْمَ وَيَمْنَعُهُ مِنْ الْجِمَاعِ وَالْإِنْزَالِ وَغَيْرِهِ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ وَالْإِتْسَاعِ وَرَمَضَانُ هُوَ شَهْرُ الصَّوْمِ مَأْخُوذٌ مِنْ رَمِضَ الصَّائِمُ يَرْمَضُ إذَا حَرَّ جَوْفُهُ مِنْ شِدَّةِ الْعَطَشِ وَالرَّمْضَاءُ شِدَّةُ الْحَرِّ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ لِلصِّيَامِ وَالْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ الْفِطْرُ لَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ، وَإِنَّمَا يَكُونُ رُؤْيَةَ الْهِلَالِ فِي زَمَانِ رَمَضَانَ لِلْفِطْرِ وَالصَّوْمِ فِي رَمَضَانَ وَرُؤْيَةَ الْهِلَالِ فِي الْأَغْلَبِ فِي غَيْرِهِ.

(ش) : قَوْلُهُ «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَرَ رَمَضَانَ» ذَكَرَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهُ لَا يُقَالُ جَاءَ رَمَضَانُ وَلَا دَخَلَ رَمَضَانُ، وَإِنَّمَا يُقَالُ جَاءَ شَهْرُ رَمَضَانَ.

وَرُوِيَ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثُ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا تَقُولُوا جَاءَ رَمَضَانُ وَقُولُوا جَاءَ شَهْرُ رَمَضَانَ فَإِنَّ رَمَضَانَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى» قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَأَيْتُ الْقَاضِي أَبَا الطَّيِّبِ الطَّبَرِيَّ قَالَ يُقَالُ صُمْتُ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى مَعْرُوفٌ فَإِذَا وُصِفَ بِالْمَجِيءِ لَا يُقَالُ جَاءَ رَمَضَانُ حَتَّى يُقَالَ جَاءَ شَهْرُ رَمَضَانَ لِلْإِشْكَالِ فِيهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ وَالصَّوَابُ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ فَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ مَا طَرِيقٍ صَحِيحٍ.

وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ» .

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَأَوَّلُ مَا فُرِضَ مِنْ الصِّيَامِ صَوْمُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ نَسَخَ وُجُوبَهُ فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَهُ.

١ -

(فَصْلٌ) :

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْا الْهِلَالَ» يَقْتَضِي مَنْعَ الصَّوْمِ فِي آخِرِ شَعْبَانَ قَبْلَ رُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْعُ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَى التَّلَقِّي لِرَمَضَانَ أَوْ الِاحْتِيَاطِ، وَأَمَّا صِيَامُ يَوْمِ الشَّكِّ وَغَيْرِهِ مِنْ شَعْبَانَ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ لِمَنْ كَانَ فِي صَوْمٍ مُتَتَابِعٍ أَوْ لِمَنْ ابْتَدَأَ التَّنَفُّلَ فِيهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ بِوَجْهٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>