للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرُ أَنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَ صَلَاةَ الْعِيدِ إنْ كَانَ ذَلِكَ جَاءَهُمْ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ) .

مَنْ أَجْمَعَ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَا يَصُومُ إلَّا مَنْ أَجْمَعَ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ زَوْجَيْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمِثْلِ ذَلِكَ)

ــ

[المنتقى]

(ش) : قَوْلُهُ إذَا صَامَ النَّاسُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُ مِنْ آخِرِ رَمَضَانَ فَجَاءَهُمْ ثَبْتٌ أَنَّهُ يَوْمُ الْفِطْرِ، وَذَلِكَ يَكُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: بِرُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ فِي أَوَّلِهِ أَوْ كَمَالِ عَدَدِهِ قَبْلَ هَذَا الْيَوْمِ.

وَالثَّانِي: بِرُؤْيَةِ هِلَالِ شَوَّالٍ بِالْأَمْسِ.

وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ يَلْزَمُ الْإِفْطَارُ سَاعَةَ يَصِحُّ الْخَبَرُ بِذَلِكَ كَانَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ أَوْ فِي آخِرِهِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الزَّوَالِ لَمْ يُصَلُّوا صَلَاةَ الْعِيدِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ فَاتَ وَقْتُهَا وَلَا يُصَلَّى فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فِي فِطْرٍ وَلَا أَضْحَى.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ كَانُوا فِي آخِرِ شَعْبَانَ فِيمَا يَظُنُّونَ فَجَاءَهُمْ الثَّبَتُ أَنَّ الْيَوْمَ مِنْ رَمَضَانَ بِأَحَدِ الْوَجْهَيْنِ اللَّذَيْنِ قَدَّمْنَا ذِكْرَهُمَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ الْإِمْسَاكُ عَنْ جَمِيعِ مَا يُمْسِكُ عَنْهُ الصَّائِمُ سَوَاءٌ كَانُوا أَكَلُوا ذَلِكَ الْيَوْمَ أَوْ لَمْ يَأْكُلُوا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا جَازَ لَهُمْ الْفِطْرُ وَهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنْ غَيْرِ رَمَضَانَ فَإِذَا عَلِمُوا أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ كَانَ عَلَيْهِمْ الْإِمْسَاكُ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ اسْتِدَامَةُ الْفِطْرِ لِمَنْ كَانَ لَهُ الْفِطْرُ لِعُذْرٍ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنْ رَمَضَانَ فَإِذَا زَالَ الْعُذْرُ كَانَ لَهُ اسْتِدَامَةُ الْفِطْرِ بَاقِيَ يَوْمِهِ كَالْحَائِضِ وَالْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ.

(فَرْعٌ) فَإِنْ أَفْطَرُوا بَعْدَ الْعِلْمِ بِأَنَّ الْيَوْمَ مِنْ رَمَضَانَ سَوَاءٌ كَانُوا أَفْطَرُوا قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يُفْطِرُوا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُفْطِرَ جُرْأَةً وَعِلْمًا بِمَا عَلَى مَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ عَامِدًا فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْقِيَاسُ أَنْ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَجِبُ بِالتَّعَمُّدِ، وَإِنَّمَا تَجِبُ بِإِفْسَادِ الصَّوْمِ يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أَفْسَدَ الصَّوْمَ بِالْأَكْلِ لَكَانَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَلَوْ أَكَلَ مَرَّةً ثَانِيَةً فِي يَوْمِهِ ذَلِكَ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُفْسِدْ لِذَلِكَ صَوْمًا.

[مَنْ أَجْمَعَ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ]

(ش) : قَوْلُهُ لَا يَصُومُ إلَّا مَنْ أَجْمَعَ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ الْإِجْمَاعُ لِلصِّيَامِ هُوَ الْعَزْمُ عَلَيْهِ وَالْقَصْدُ لَهُ، وَذَلِكَ أَنَّ الصَّوْمَ مِنْ جُمْلَةِ الْعِبَادَاتِ فَلَا يَصِحُّ صَوْمُ رَمَضَانَ وَلَا غَيْرِهِ إلَّا بِنِيَّةٍ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ تَسْتَيْقِظُ بَعْدَ الْفَجْرِ فَتَرَى الطُّهْرَ فَتَشُكُّ أَنَّ ذَلِكَ الطُّهْرَ لَيْلًا أَنَّهَا تَصُومُ وَتَقْضِي مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ الطُّهْرُ بَعْدَ الْفَجْرِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هَذِهِ رِوَايَةٌ فِي أَنَّ الْحَائِضَ لَا تَقْطَعُ النِّيَّةَ الْمُتَنَاوِلَةَ لِأَوَّلِ الشَّهْرِ بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إنَّ هَذِهِ رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ فِي جَوَازِ الصَّوْمِ بِغَيْرِ نِيَّةٍ كَقَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فِيمَنْ أَصْبَحَ وَلَا يَدْرِي بِأَنَّ الْيَوْمَ مِنْ رَمَضَانَ فَثَبَتَ بِرُؤْيَةٍ عَامَّةٍ لَا يَحْتَاجُ مَعَهَا إلَى شُهْرَةٍ أَوْ بِرُؤْيَةٍ خَاصَّةٍ تَشْهَدُ عِنْدَ الْإِمَامِ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَمْ يَأْكُلْ حَتَّى عَلِمَ بِأَنَّ الْيَوْمَ مِنْ رَمَضَانَ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ عَنْ صَوْمِهِ إنْ كَانَ لَمْ يَنْوِ فِيهِ صَوْمًا غَيْرَهُ رَوَاهُ الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ فِي مَبْسُوطِهِ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى» وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا صَوْمٌ فَلَمْ يَصِحَّ إلَّا بِنِيَّةٍ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَاَلَّذِي عِنْدِي أَنَّ الْمَسْأَلَةَ تَحْتَمِلُ غَيْرَ هَذَا، وَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ فَتَصُومُ فَتُمْسِكُ عَنْ الْأَكْلِ فِي بَقِيَّةِ يَوْمِهَا وَيَكُونُ حُكْمُهَا فِي ذَلِكَ حُكْمَ مَنْ طَرَأَ عَلَيْهِ الْعِلْمُ بِأَنَّ الْيَوْمَ مِنْ رَمَضَانَ فَإِنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ بَقِيَّةَ الْيَوْمِ، ثُمَّ يَقْضِي وَيَحْتَمِلُ وَجْهًا آخَرَ أَنْ تَكُونَ رَأَتْ الطُّهْرَ وَهِيَ تَشُكُّ فِي الْفَجْرِ فَنَوَتْ الصَّوْمَ، ثُمَّ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهَا أَمْرُ الْفَجْرِ حَتَّى نَامَتْ وَاسْتَيْقَظَتْ بَعْدَ الْفَجْرِ، وَقَدْ فَاتَهَا تَبَيُّنُ أَمْرِهَا فَإِنَّ عَلَيْهَا أَنْ تَصُومَ ذَلِكَ الْيَوْمَ؛ لِأَنَّهَا تَجُوزُ أَنَّهَا قَدْ أَدْرَكَتْ وَقْتَ النِّيَّةِ وَتَقْضِيه؛ لِأَنَّهَا تَجُوزُ أَنَّهَا لَمْ تُدْرِكْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

١ -

<<  <  ج: ص:  >  >>