للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَا يَحْتَجِمَانِ وَهُمَا صَائِمَانِ) .

صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ «عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ يَوْمًا تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصُومُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ كَانَ هُوَ الْفَرِيضَةَ وَتَرَكَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ» )

ــ

[المنتقى]

(ش) : قَوْلُهُ أَنَّهُمَا كَانَا يَحْتَجِمَانِ وَهُمَا صَائِمَانِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ فِعْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قِيلَ هَذَا إذَا كَانَا يَحُسَّانِ مِنْ أَنْفُسِهِمَا وَقُوَّتِهِمَا أَنَّ الْحِجَامَةَ مَعَ الصَّوْمِ لَا تُضْعِفُهُمَا وَيَعْلَمَانِ أَنَّهُ لَا يُدْخِلُ نَقْصًا فِي صَوْمِهِمَا (ص) : (مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَحْتَجِمُ وَهُوَ صَائِمٌ، ثُمَّ لَا يُفْطِرُ وَمَا رَأَيْته احْتَجَمَ قَطُّ إلَّا وَهُوَ صَائِمٌ) ش قَوْلُهُ إنَّهُ كَانَ يَحْتَجِمُ وَهُوَ صَائِمٌ، ثُمَّ لَا يُفْطِرُ بَيَّنَ أَنَّ اتِّقَاءَ الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ لِمَا يُخَافُ عَلَيْهِ مِنْ الْفِطْرِ لِلضَّعْفِ الَّذِي يَحْدُثُ بِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي حَالِ صَوْمِهِ، وَإِنَّ عُرْوَةَ كَانَ لَا يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ فَكَانَ يَحْتَجِمُ فِي حَالِ صِيَامِهِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَمَا رَأَيْته احْتَجَمَ قَطُّ إلَّا وَهُوَ صَائِمٌ يَحْتَمِلُ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّهُ كَانَ يَسْرُدُ صَوْمَهُ فَلِذَلِكَ لَمْ يَتَّفِقْ لَهُ حِجَامَةٌ إلَّا وَهُوَ صَائِمٌ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ كَانَ لَا يَسْرُدُ الصَّوْمَ وَلَكِنَّهُ قَصَدَ ذَلِكَ لِيُبَيِّنَ جَوَازَهُ وَلِمَنْفَعَةٍ كَانَ يَرْجُو فِي ذَلِكَ.

وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ إلَّا وَهُوَ صَائِمٌ غَيْرَ الصَّوْمِ الشَّرْعِيِّ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يَقْصِدُ أَنْ يَحْتَجِمَ قَبْلَ أَنْ يَأْكُلَ لِقُوَّتِهِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى أَوْ لِمَنْفَعَةٍ كَانَ يَرْجُوهَا مِنْ الْحِجَامَةِ عَلَى الصَّوْمِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَضَمَّنُ قُوَّتَهُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى.

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ لَا يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ الْحِجَامَةُ إلَّا خِشْيَةً مِنْ أَنْ يَضْعُفَ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يُكْرَهْ لَوْ أَنَّ رَجُلًا احْتَجَمَ فِي رَمَضَانَ، ثُمَّ سَلِمَ مِنْ أَنْ يُفْطِرَ لَمْ أَرَ عَلَيْهِ شَيْئًا أَوْ لَمْ آمُرْهُ بِالْقَضَاءِ لِذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي احْتَجَمَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْحِجَامَةَ إنَّمَا تُكْرَهُ لِلصَّائِمِ لِمَوْضِعِ التَّغْرِيرِ بِالصِّيَامِ فَمَنْ احْتَجَمَ وَسَلِمَ مِنْ أَنْ يُفْطِرَ حَتَّى يُمْسِيَ فَلَا أَرَى عَلَيْهِ شَيْئًا وَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمِ) .

ش وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ الْحِجَامَةَ إنَّمَا تُكْرَهُ لِلتَّغْرِيرِ بِالصِّيَامِ فَمَنْ أَحَسَّ مِنْ نَفْسِهِ بِضَعْفٍ أَوْ لَمْ يَعْرِفْ كُرِهَتْ لَهُ الْحِجَامَةُ فِي حَالِ صِيَامِهِ؛ لِأَنَّهُ تَغْرِيرٌ بِصِيَامِهِ وَلَا يَدْرِي هَلْ يَسْلَمُ أَمْ لَا وَلَا يَجُوزُ التَّغْرِيرُ بِالْعِبَادَاتِ الَّتِي حَرُمَ الْخُرُوجُ مِنْهَا إلَّا بَعْدَ كَمَالِهَا فَإِنْ احْتَجَمَ أَحَدُ هَذَيْنِ فَاحْتَاجَ إلَى الْفِطْرِ فَقَدْ وَاقَعَ الْمَحْظُورَ وَيَكُونُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَلَا تَكُونُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُفْطِرْ مُتَعَمِّدًا، وَإِنَّمَا فَعَلَ مُتَعَمِّدًا مَا جَرَّ إلَى الْفِطْرِ ضَرُورَةً فَإِنْ سَلِمَ مِنْ الْفِطْرِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ غَرَّرَ بِأَمْرٍ وَخَاطَرَ فِيهِ فَسَلِمَ مِنْهُ وَأَمَّا مَنْ عَرَفَ مِنْ نَفْسِهِ الْقُوَّةَ عَلَى ذَلِكَ وَأَنَّ الْحِجَامَةَ مَعَ الصَّوْمِ لَا تُضْعِفُهُ وَلَا تُخْرِجُهُ إلَى الْفِطْرِ فَإِنَّ الْحِجَامَةَ مُبَاحَةٌ لَهُ وَلِذَلِكَ كَانَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَعُرْوَةُ يَحْتَجِمَانِ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَحْتَجِمُ فِي أَوَّلِ عُمْرِهِ وَقُوَّتِهِ وَشَبَابِهِ فَلَمَّا كَبِرَ وَضَعُفَ تَرَكَ ذَلِكَ لِئَلَّا يُغَرِّرَ بِصَوْمِهِ هَذَا الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَفِي الْمُزَنِيَّة مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ لَا يَحْتَجِمُ قَوِيٌّ وَلَا ضَعِيفٌ فِي صَوْمِهِ حَتَّى يُفْطِرَ فَرُبَّمَا ضَعُفَ بَعْدَ الْقُوَّةِ وَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِثْلَهُ.

[صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ]

(ش) : اخْتَلَفَتْ الْأَحَادِيثُ فِي صَوْمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ عَاشُورَاءَ فِي سَبَبِ ذَلِكَ فَرَوَى يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ أَنَّ قُرَيْشًا كَانَتْ تَصُومُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَصُومُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ.

وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قَدِمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ فَرَأَى الْيَهُودَ يَصُومُونَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ مَا هَذَا قَالُوا يَوْمٌ صَالِحٌ هَذَا يَوْمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>