للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ، وَإِذَا كَانَتْ لِرَجُلٍ ذَهَبٌ أَوْ وَرِقٌ مُفْتَرِقَةٌ بِأَيْدِي أُنَاسٍ شَتَّى فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُحْصِيَهَا جَمِيعًا، ثُمَّ يُخْرِجُ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ زَكَاتِهَا كُلِّهَا) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ مَنْ أَفَادَ ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا أَنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهَا حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ أَفَادَهَا) .

الزَّكَاةُ فِي الْمَعَادِنِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطَعَ لِبِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُزَنِيِّ مَعَادِنَ الْقَبَلِيَّةِ» وَهِيَ مِنْ نَاحِيَةِ الْفَرْعِ فَتِلْكَ الْمَعَادِنُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهَا إلَى الْيَوْمِ إلَّا الزَّكَاةُ)

ــ

[المنتقى]

فِي مِلْكِ وَاحِدٍ وَقَوْلُهُ، وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْت إلَيَّ يَقْتَضِي أَنَّهُ قَدْ سَمِعَ فِيهِ الْخِلَافَ مَرْوِيًّا عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالشَّعْبِيِّ.

وَقَالَ مَالِكٌ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالْمَشْيَخَةِ السَّبْعَةِ بِالْمَدِينَةِ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ وَمِنْ جِهَة الْمَعْنَى أَنَّ الزَّكَاةَ مُخْتَصَّةٌ بِالْأَمْوَالِ الَّتِي تَحْتَمِلُ الْمُوَاسَاةَ وَمَنْ كَانَ شَرِيكًا فِي عِشْرِينَ دِينَارًا بِدِينَارٍ وَاحِدٍ لَمْ يَحْتَمِلْ مَالُهُ الْمُوَاسَاةَ أَصْلُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يُشَارِكْ بِهِ أَحَدًا.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ ذَهَبٌ مُتَفَرِّقَةٌ بِأَيْدِي أُنَاسٍ شَتَّى عَلَى وَجْهِ الْقِرَاضِ أَوْ الْوَدِيعَةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْوُجُوهِ الَّتِي يَتَمَكَّنُ بِهَا مِنْ تَنْمِيَتِهَا وَلَا يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ تَصْرِيفُهَا فَإِنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الْمُجْتَمِعِ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِاجْتِمَاعِهَا فِي مِلْكِهِ وَتَصَرُّفِهِ دُونَ يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ مَا لَوْ كَانَتْ بِيَدِهِ دُونَ مِلْكِهِ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ فِيهَا الزَّكَاةُ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ مَنْ أَفَادَ فَائِدَةً فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهَا حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ سَوَاءٌ كَانَتْ جَمِيعَ مَالِهِ أَوْ انْضَافَتْ إلَى نِصَابٍ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ أَفَادَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فِي رَجَبٍ، ثُمَّ أَفَادَ عَشَرَةً أُخْرَى فِي الْمُحَرَّمِ فَإِنَّهُ يُزَكِّيهَا جَمِيعًا لِحَوْلِ الْآخِرَةِ وَلَوْ كَانَتْ الْأُولَى عِشْرِينَ دِينَارًا وَالثَّانِيَةَ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ فَإِنَّهُ يُزَكِّي الْأُولَى لِحَوْلِهَا ثُمَّ يُزَكِّي الثَّانِيَةَ لِحَوْلِهَا وَهَكَذَا أَبَدًا حَتَّى يَرْجِعَا إلَى أَقَلِّ مِنْ النِّصَابِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَبْقَى مِنْهَا أَقَلُّ مِنْ عِشْرِينَ دِينَارًا فَتَسْقُطَ الزَّكَاةُ فِيهِمَا.

فَإِنْ بَلَغَتْ إحْدَاهُمَا بِتَمَامِهَا مَا يُبْلِغُهُمَا جَمِيعًا النِّصَابَ بَعْدَ أَنْ زَكَّيْت كُلَّ ذَهَبٍ مِنْهُمَا فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَ حَوْلَ الثَّانِيَةَ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَ حَوْلَ الثَّانِيَةِ أَوْ الْأُولَى بَعْدَ حَوْلِ الثَّانِيَةِ زُكِّيَتْ الْأُولَى مِنْ يَوْمِ بَلَغَتْ النِّصَابَ سَوَاءٌ كَانَ النَّمَاءُ فِي الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ وَزُكِّيَتْ الثَّانِيَةُ لِحَوْلِهَا وَكَانَتَا عَلَى حَوْلِهِمَا مِنْ حِينِ زُكِّيَتَا، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ يُدْرِكَ حَوْلَ الْأُولَى مِنْهُمَا حَوْلُ الثَّانِيَةِ فَقَدْ صَارَ حَوْلُهُمَا وَاحِدًا مِنْ يَوْمِ بَلَغَا النِّصَابَ وَزُكِّيَتَا عَلَى ذَلِكَ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

[الزَّكَاةُ فِي الْمَعَادِنِ]

(ش) : قَوْلُهُ «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطَعَ لِبِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُزَنِيِّ مَعَادِنَ الْقَبَلِيَّةِ» ، وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ إنَّ الْقَبَلِيَّةَ لَمْ تَكُنْ خُطَّةً لِأَحَدٍ، وَإِنَّمَا كَانَتْ فَلَاةً وَالْمَعَادِنُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ ضَرْبٌ مِنْهَا لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ كَالْبَرَارِيِّ وَالْمَوَاتِ وَأَرْضِ الْعَنْوَةِ وَضَرْبٌ مِنْهَا فِي أَرْضِ الصُّلْحِ وَضَرْبٌ مِنْهَا طُهْرٌ فِي مِلْكِ رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَأَمَّا مَا كَانَ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُقْطِعَهَا مَنْ شَاءَ وَمَعْنَى إقْطَاعِهَا إيَّاهُ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ الِانْتِفَاعَ بِهَا مُدَّةً مَحْدُودَةً أَوْ غَيْرَ مَحْدُودَةٍ وَلَا يُمَلِّكُهُ رَقَبَتَهَا؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْأَرْضِ الَّتِي لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فَلِلْإِمَامِ حَبْسُهَا لِمَنَافِعِهِمْ وَلَا يَبِيعُهَا عَلَيْهِمْ وَلَا يُمَلِّكُهَا بَعْضَهُمْ وَسَيَأْتِي بَيَانُ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا فِي أَرْضِ الصُّلْحِ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُقْطِعُهَا الْإِمَامُ مَنْ ذَكَرَ وَذَكَرَ ذَلِكَ عَمَّنْ لَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ.

وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ لَا حَقَّ لِلْإِمَامِ فِيهَا وَهِيَ لِأَهْلِ الصُّلْحِ وَجْهُ مَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّهُمْ إنَّمَا صَالَحُوا عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِلْكُهُمْ لَهُ وَهَذِهِ مَعَادِنُ مَوْدُوعَةٌ فِي الْأَرْضِ لَمْ يَعْلَمُوا بِهَا وَلَا تَقَدَّمَ مِلْكُهُمْ عَلَيْهَا وَلَا تَنَاوَلَهَا الصُّلْحُ فَكَانَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُقْطِعَهَا مَنْ شَاءَ وَوَجْهُ مَا قَالَهُ ابْنُ نَافِعٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>