للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ السُّنَّةُ عِنْدَنَا الَّتِي لَا اخْتِلَافَ فِيهَا أَنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَى وَارِثٍ زَكَاةٌ فِي مَالٍ وَرِثَهُ فِي دَيْنٍ وَلَا عَرْضٍ وَلَا دَارٍ وَلَا عَبْدٍ وَلَا وَلِيدَةٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَى ثَمَنِ مَا بَاعَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ اقْتَضَى الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ بَاعَهُ أَوْ قَبَضَهُ) .

الزَّكَاةُ فِي الدَّيْنِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ كَانَ يَقُولُ هَذَا شَهْرُ زَكَاتِكُمْ فَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلْيُؤَدِّ دَيْنَهُ حَتَّى تَحْصُلَ أَمْوَالُكُمْ فَتُؤَدُّونَ مِنْهَا الزَّكَاةَ)

ــ

[المنتقى]

الْمَجْمُوعَةِ.

وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا آوَاهُ إلَى بَيْتِهِ فَقَدْ تَعَدَّى عَلَيْهِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَجِبُ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى مُسْتَحِقِّهِ قَبْلَ نَقْلِهِ إلَى بَيْتِهِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا أَخْرَجَ الزَّكَاةَ بِمَا حُكْمُهُ حُكْمُ الْحَوْلِ فِي الْإِجْزَاءِ وَقَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْحَوْلِ عَلَى الْحَقِيقَةِ فَتَلِفَتْ قَبْلَ دَفْعِهَا إلَى أَهْلِهَا.

(ش) : قَوْلُهُ إنَّهُ لَا يَجِبُ فِي مَالٍ وَرِثَهُ زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ قَوْلٌ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْمَوْرُوثَ مِنْ الْمَالِ فَائِدَةٌ وَالْفَائِدَةُ يُسْتَقْبَلُ بِهَا الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ يَقْبِضُهَا مُسْتَفِيدُهَا وَالْأَمْوَالُ الْمَوْرُوثَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ ضَرْبٌ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ وَضَرْبٌ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي قِيمَتِهِ فَأَمَّا مَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ فَإِنَّهُ عَلَى قِسْمَيْنِ قِسْمٌ لَيْسَ فِيهِ عَمَلُ قِنْيَةٍ وَقِسْمٌ فِيهِ عَمَلُ قِنْيَةٍ فَأَمَّا مَا لَيْسَ فِيهِ عَمَلٌ فَسَوَاءٌ نَوَى بِهِ تِجَارَةً أَوْ غَيْرَهَا فَإِنَّ زَكَاتَهُ تُؤَدَّى إذَا حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ قَبَضَهُ الْوَارِثُ وَمَا كَانَ فِيهِ عَمَلُ قِنْيَةٍ وَهِيَ الصِّيَاغَةُ فَإِنْ نَوَى بِهِ التِّجَارَةَ زَكَّاهُ الْحَوْلَ مِنْ يَوْمِ يَرِثُهُ، وَإِنْ نَوَى بِهِ الْقِنْيَةَ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَهُوَ عَلَى أَصْلِهِ فِي حُكْمِ الزَّكَاةِ وَتَعَلُّقِهَا بِهِ وَمَا كَانَتْ الزَّكَاةُ فِي قِيمَتِهِ فَسَوَاءٌ نَوَى بِهِ التِّجَارَةَ أَوْ لَمْ يَنْوِهَا تُؤَدَّى زَكَاتُهُ بَعْدَ أَنْ يَحُولَ الْحَوْلُ عَلَى ثَمَنِ مَا بِيعَ مِنْهُ مِنْ يَوْمِ قَبَضَهُ الْوَارِثُ، وَإِنْ بَاعَهُ بِعَرْضٍ وَنَوَى بِهِ التِّجَارَةَ فَحِينَ يَحُولُ الْحَوْلُ عَلَى الْعَرْضِ الَّذِي قَبَضَهُ عَلَى نِيَّةِ التِّجَارَةِ وَالْإِدَارَةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَيُعْتَبَرُ الْحَوْلُ عَلَى حَسَبِ مَا يُمْكِنُ مِنْ تَنْمِيَةِ الْمَالِ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْأَمْوَالِ الَّتِي لَا تَنْمُو إلَّا بِالْعَمَلِ كَالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ يَقْبِضُهَا هُوَ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ وَكِيلٍ أَوْ وَصِيٍّ وَلَوْ أَقَامَتْ قَبْلَ ذَلِكَ أَعْوَامًا فَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْأَمْوَالِ الَّتِي تَنْمُو بِأَنْفُسِهَا كَالْمَاشِيَةِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الزَّكَاةُ عَلَيْهِ فِيهَا إذَا حَلَّ عَلَيْهِ الْحَوْلُ فِيهَا مِنْ يَوْمِ وَرِثَهَا، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهَا.

وَقَالَ الْمُغِيرَةُ حُكْمُهَا حُكْمُ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ لَا زَكَاةَ فِيهَا حَتَّى يَقْبِضَهَا وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْمَاشِيَةَ تَنْمُو بِأَنْفُسِهَا فَلَمَّا لَمْ تَتَعَذَّرْ عَلَيْهِ تَنْمِيَتُهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ فِيهَا الزَّكَاةُ وَلَمْ يُؤَثِّرْ فِي إسْقَاطِ عَدَمِ قَبْضِهَا لَمَّا لَمْ يُؤَثِّرْ فِي تَنْمِيَتِهَا وَأَمَّا الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ فَإِنَّهَا لَا تَنْمُو إلَّا بِيَدِهِ وَتَصْرِيفِهِ فَإِذَا تَعَذَّرَ قَبْضُهُ لَهَا تَعَذَّرَ وَجْهُ تَنْمِيَتِهَا فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ فِيهَا زَكَاةٌ.

وَوَجْهُ قَوْلِ الْمُغِيرَةِ أَنَّ هَذَا وَرِثَ مَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ فِي عَيْنِهِ الزَّكَاةُ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ قَبَضَهُ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ.

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ السُّنَّةُ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَى وَارِثٍ فِي مَالٍ وَرِثَهُ الزَّكَاةُ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ) .

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ فِي يَدِ غَيْرِهِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى تَنْمِيَتِهِ وَقَوْلُهُ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ يُرِيدُ مِنْ يَوْمِ قَبَضَهُ أَوْ قَبَضَهُ مَنْ يَجُوزُ لَهُ قَبْضُهُ فَيُقِيمُ بِيَدِهِ مُدَّةَ التَّنْمِيَةِ وَهِيَ الْحَوْلُ فَحِينَئِذٍ يَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاتُهُ فَأَمَّا إذَا تَعَذَّرَتْ عَلَيْهِ تَنْمِيَتُهُ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَكَذَلِكَ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ بَعْدَ قَبْضِهِ حَتَّى تَمْضِيَ لَهُ الْمُدَّةُ الْمَضْرُوبَةُ لِلتَّنْمِيَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

[الزَّكَاةُ فِي الدَّيْنِ]

(ش) : قَوْلُهُ هَذَا شَهْرُ زَكَاتِكُمْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَقُولَ هَذَا لِمَنْ عَرَفَ فِي الْحَوْلِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ الشَّهْرُ الَّذِي جَرَتْ عَادَةُ أَكْثَرِهِمْ بِإِخْرَاجِ الزَّكَاةِ فِيهِ إنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَيْنَ، وَإِنْ كَانَ يُرِيدُ الْمَاشِيَةَ، وَاَلَّذِي يَجِبُ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ فِيهِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ بَعْثِ السُّعَاةِ ذَلِكَ الْوَقْتَ، فَيُؤْخَذُ الزَّكَاةُ مِنْهَا وَلَا يُحْتَسَبُ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِمَا عَلَيْهِمْ مِنْ الدَّيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>