للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (وَقَال مَالِكٌ وَمَنْ تَجَرَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَمَنْ لَمْ يَتَّجِرْ سَوَاءٌ لَيْسَ عَلَيْهِمْ إلَّا صَدَقَةٌ وَاحِدَةٌ فِي كُلِّ عَامٍ تَجَرُوا فِيهِ أَوْ لَمْ يَتَّجِرُوا) .

مَا جَاءَ فِي الْكَنْزِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَهُوَ يُسْأَلُ عَنْ الْكَنْزِ مَا هُوَ فَقَالَ هُوَ الْمَالُ الَّذِي لَا تُؤَدَّى مِنْهُ الزَّكَاةُ)

ــ

[المنتقى]

يُخْرِجَ إلَّا الْعَيْنَ وَبِهِ قَالَ سَحْنُونٌ وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ عَلَيْهِ بِالنِّصَابِ فَإِذَا كَانَ عِنْدَهُ عَيْنٌ أَدَّى مِنْهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ عَيْنٌ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ بَيْعُ الْعَرْضِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو أَنْ يَسْتَأْجِرَ عَلَيْهِ مَنْ يَبِيعُهُ فَتَكُونَ الْأُجْرَةُ زِيَادَةً عَلَى زَكَاتِهِ، أَوْ يَتَوَلَّى بَيْعَهُ فَيَلْزَمُهُ زِيَادَةُ عَمَلٍ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِزَكَاةِ الْعَيْنِ وَرُبَّمَا لَمْ يَجِدْ مَنْ يَشْتَرِي مِنْهُ ذَلِكَ الْعَرْضَ بِقِيمَتِهِ فَيَلْزَمُهُ الزِّيَادَةُ مِنْ مَالِهِ أَوْ يُخْرِجُ أَقَلَّ مِنْ النِّصَابِ فَكَانَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ الْعَرْضَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ مَا وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ.

وَوَجْهُ رِوَايَةِ الْقَاضِي أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّ النِّصَابَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ ضَرَرٌ فِي الْإِخْرَاجِ مِنْهَا وَجَبَ الْإِخْرَاجُ مِنْهَا كَسَائِرِ أَمْوَالِ الزَّكَاةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَالْمُدِيرُ يُقَوِّمُ عَرْضَهُ قِيمَةَ عَدْلٍ بِمَا تُسَاوِي حِينَ تَقْوِيمِهِ لَا يَنْظُرُ إلَى شِرَائِهِ، وَإِنَّمَا يَنْظُرُ إلَى قِيمَتِهِ عَلَى الْبَيْعِ الْمَعْرُوفِ دُونَ بَيْعِ الضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الَّذِي يَمْلِكُهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَالْمُرَاعَى فِي الْأَمْوَالِ وَالنُّصُبِ حِينَ الزَّكَاةِ دُونَ مَا قَبْلَ ذَلِكَ وَمَا بَعْدَهُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَلْ يُزَكِّي دُيُونَهُ الدُّيُونُ عَلَى ضَرْبَيْنِ مِنْهَا مَا لَمْ يَكُنْ أَصْلُهُ التِّجَارَةَ كَالْعُرُوضِ وَغَيْرِهِ فَهَذَا لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا يُزَكَّى وَمِنْهَا مَا أَصْلُهُ التِّجَارَةُ فَهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَجُمْهُورُ أَصْحَابِهِ يُزَكِّيهِ الْمَدِينُ إذَا كَانَ يَرْتَجِيهِ وَمَا لَا يَرْتَجِيه فَلَا يُزَكِّيهِ عَيْنًا كَانَ أَوْ عَرْضًا.

وَقَالَ الْمُغِيرَةُ لَا يُزَكِّي الْمَدِينُ دَيْنَهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ الْمَدِينَ لَمَّا كَانَ يُزَكِّي عَرْضَهُ بِالْقِيمَةِ فَكَذَلِكَ دَيْنُهُ وَيَجْرِي ذَلِكَ أَنَّ الدَّيْنَ مَالٌ عَلَى صِفَةٍ لَا يَقْطَعُ الْحَوْلَ فَجَازَ أَنْ يُزَكِّيَهُ الْمَدِينُ كَالْعُرُوضِ.

وَوَجْهُ قَوْلِ الْمُغِيرَةِ أَنَّ الدَّيْنَ فِي ضَمَانِ غَيْرِهِ فَلَمْ يَلْزَمْهُ أَنْ يُزَكِّيَهُ كَالْقَرْضِ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا إنَّ الْمَدِينَ يُزَكِّي دَيْنَهُ فَإِنَّ الدَّيْنَ مُعَجَّلٌ وَمُؤَجَّلٌ فَأَمَّا الْمُعَجَّلُ فَإِنَّهُ يَحْسُبُهُ بِعَدَدِهِ إنْ كَانَ عَيْنًا؛ لِأَنَّ لَهُ قَبْضَهُ، وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْهُ أَيَّامًا فَتَأَخَّرَ الْعُرُوض رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَإِنْ كَانَ عَرْضًا فَإِنَّهُ يُقَوِّمُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي عَيْنِهِ وَأَمَّا الْمُؤَجَّلُ فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُقَوِّمُهُ وَرَوَى أَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُزَكِّيهِ حَتَّى يَحُلَّ وَجْهُ قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّهُ مَالٌ لَوْ احْتَاجَ إلَى أَدَاءِ دُيُونِهِ مِنْهُ لَاسْتَطَاعَ عَلَى ذَلِكَ بِبَيْعِهِ فَوَجَبَ أَنْ يُزَكِّيَهُ إذَا كَانَ مِنْ أَمْوَالِ التِّجَارَةِ كَالْمَالِ.

وَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْهُ فَلَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ زَكَاتُهُ كَالْمَالِ الْمَغْصُوبِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَا يُزَكِّي الْمَدِينُ كِتَابَةَ مُكَاتَبِهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهَا فَائِدَةٌ لَمْ يَكُنْ أَصْلُهَا التِّجَارَةَ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِئْنَافِ حَوْلٍ بِهَا بَعْدَ قَبْضِهَا كَالْمِيرَاثِ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ الزَّكَاةَ وَاجِبَةٌ فِي أَمْوَالِ التَّنْمِيَةِ وَمِنْهَا الْعَيْنُ سَوَاءٌ صَرَفَهَا أَهْلُهَا بِتَنْمِيَةٍ أَوْ لَمْ يَصْرِفُوا؛ لِأَنَّ التَّنْمِيَةَ مُمْكِنَةٌ فِيهَا، وَإِنْ تَجَرُوا بِهَا وَنَمَّوْهَا مِرَارًا فَإِنَّ الزَّكَاةَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً فِي الْحَوْلِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمُدَّةَ قَدْ قَدَّرَهَا الشَّرْعُ لِتَكَامُلِ النَّمَاءِ وَرُبَّمَا أَمْكَنَ تَنْمِيَتُهَا فِي بَعْضِ الْعَامِ وَرُبَّمَا تَعَذَّرَ فِي بَعْضِهِ فَقَدَّرَ الشَّرْعُ هَذِهِ الْمُدَّةَ لِتَكَامُلِ النَّمَاءِ وَذَلِكَ عَدْلٌ بَيْنَ مَنْ تَجَرَ فِي مَالِهِ مِرَارًا وَمَنْ لَمْ يَتَّجِرْ بِهِ أَصْلًا كَزَكَاةِ الْمَاشِيَةِ إنَّمَا هِيَ مَرَّةٌ فِي الْحَوْلِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمَاشِيَةِ مَا يَنْمُو مَرَّتَيْنِ بِالْوِلَادَةِ وَمِنْهَا مَا لَا يَجِبُ جُمْلَةً فَالزَّكَاةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مِثْلِ هَذَا مِنْ التَّعْدِيلِ فِي الْأَمْوَالِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَا جَاءَ فِي الْكَنْزِ]

(ش) : قَوْلُهُ فِي الْكَنْزِ هُوَ الْمَالُ الَّذِي لَا تُؤَدَّى مِنْهُ الزَّكَاةُ يُرِيدُ أَنَّ هَذَا اسْمٌ مُخْتَصٌّ فِي الشَّرْعِ بِهَذَا النَّوْعِ مِنْ الْمَالِ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْكَنْزِ فِي اللُّغَةِ هُوَ الْجَمْعُ وَكُلُّ مَالٍ جُمِعَ فَهُوَ كَنْزٌ لَكِنَّ الشَّرْعَ قَرَّرَ هَذَا الِاسْمَ عِنْدَهُ عَلَى جَمْعِ الْمَالِ عَلَى وَجْهِ مَنْعِ الْحَقِّ مِنْهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة: ٣٤]

<<  <  ج: ص:  >  >>