للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا جَاءَ فِي صَدَقَةِ الْبَقَرِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدٍ بْنِ قَيْسٍ الْمَكِّيِّ عَنْ طَاوُسٍ الْيَمَانِيِّ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ الْأَنْصَارِيَّ أَخَذَ مِنْ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً تَبِيعًا وَمِنْ أَرْبَعِينَ بَقَرَةً مُسِنَّةً وَأُتِيَ بِمَا دُونَ ذَلِكَ فَأَبَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا، وَقَالَ لَمْ أَسْمَعْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ شَيْئًا حَتَّى أَلْقَاهُ فَأَسْأَلَهُ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ) .

ــ

[المنتقى]

هِيَ ذَاتُ الْعَيْبِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الْعَوَارُ بِالْفَتْحِ الْعَيْبُ وَهُوَ الَّذِي فِي الْحَدِيثِ لَا يُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ وَأَمَّا بِرَفْعِ الْعَيْنِ فَمِنْ الْعَوَرِ فَمَا كَانَ مِنْهَا مَرِيضًا أَوْ جَرِبًا أَوْ أَعْوَرَ.

فَلَيْسَ عَلَى الْمُصَدِّقِ أَخْذُهُ إلَّا أَنْ يَرَى أَنَّ ذَلِكَ غِبْطَةٌ لِأَهْلِ الزَّكَاةِ وَأَنَّهَا مَعَ عَيْبِهَا أَغْبَطُ وَأَفْضَلُ مِمَّا يُجْزِي عَنْهُ مِنْ الصَّحِيحِ فَإِنَّ لَهُ أَخْذَهَا وَيُجْزِئُ عَنْ رَبِّهَا ذَلِكَ وَلَيْسَ بِمَعْنَى الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ كَانَتْ الْغَنَمُ كُلُّهَا تُيُوسًا أَوْ هَرِمَةً أَوْ ذَاتَ عَوَارٍ فَإِنَّ عَلَى رَبِّ الْغَنَمِ أَنْ يَأْتِيَهُ بِمَا يُجْزِئُ وَلَمْ يَلْزَمْ الْمُصَدِّقَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا إلَّا أَنْ يَرَى ذَلِكَ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ يَأْخُذُ مِنْهَا وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ} [البقرة: ٢٦٧] وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا حَيَوَانٌ يُخْرَجُ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ فَكَانَ مِنْ شَرْطِهِ السَّلَامَةُ كَالضَّحَايَا وَهَذَا الْقِيَاسُ إنَّمَا يُتَّجَهُ عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي أَبِي الْحَسَنِ إنَّ ذَا الْعَيْبِ لَا يُجْزِئُ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ السَّالِمَةِ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّهَا تُجْزِئُ إذَا كَانَتْ أَفْضَلَ لِلْمَسَاكِينِ مِنْ السَّلِيمَةِ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَادَّانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ فَإِنَّ تَفْسِيرَهُ يَأْتِي بَعْدَ هَذَا وَقَوْلُهُ وَفِي الرِّقَةِ إذَا بَلَغَتْ خَمْسَ أَوَاقٍ رُبُعُ الْعُشْرِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الرِّقَّةُ اسْمُ الْوَرِقِ حَكَى الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ أَنَّ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ هُوَ اسْمُ الْوَرِقِ وَالذَّهَبِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ فَإِنَّ فِي الْمَالَيْنِ رُبُعَ الْعُشْرِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ.

[مَا جَاءَ فِي صَدَقَةِ الْبَقَرِ]

(ش) : قَوْلُهُ أَخَذَ مِنْ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً تَبِيعًا التَّبِيعُ هُوَ الْعِجْلُ الَّذِي فُطِمَ عَنْ أُمِّهِ فَهُوَ تَبِيعٌ وَيَقْوَى عَلَى ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَكُونُ هَكَذَا إذَا دَخَلَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ التَّبِيعُ هُوَ الْجَذَعُ مِنْ الْبَقَرِ وَهُوَ الَّذِي أَوْفَى سَنَتَيْنِ وَدَخَلَ فِي الثَّالِثَةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا الْكَلَامُ عَلَى سِنِّهِ فَأَمَّا صِفَتُهُ فِي نَفْسِهِ فَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ ذَكَرٌ وَلَا يَلْزَمُ صَاحِبَ الْمَاشِيَةِ أَنْ يُخْرِجَهُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ ذَلِكَ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَجُوزُ أَنْ يُؤْخَذَ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَمِنْ أَرْبَعِينَ بَقَرَةً مُسِنَّةً حَكَى الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ أَنَّهَا الَّتِي دَخَلَتْ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَابْنُ الْمَوَّازِ هِيَ الَّتِي أَتَتْ عَلَيْهَا ثَلَاثُ سِنِينَ وَدَخَلَتْ فِي الرَّابِعَةِ قَالَ وَلَا تُؤْخَذُ إلَّا أُنْثَى وَسَوَاءٌ كَانَتْ بَقَرُهُ ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا كُلُّهَا.

وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: إذَا كَانَتْ الْبَقَرُ كُلُّهَا ذُكُورًا أُخِذَ مِنْهَا مُسِنٌّ ذَكَرٌ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ مُعَاذٍ وَمِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةً وَلَمْ يُعْرَفْ وَمِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّهُ نِصَابٌ وَجَبَتْ فِيهِ مُسِنَّةٌ فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ أُنْثَى كَمَا لَوْ كَانَتْ بَقَرُهُ إنَاثًا.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنْ كَانَتْ بَقَرُهُ إنَاثًا جَازَ فِيهَا مُسِنٌّ ذَكَرٌ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ هَذَا فَرْضٌ وَرَدَ الشَّرْعُ فِيهِ بِالْأُنْثَى عَلَى الْإِطْلَاقِ فَلَمْ يَجُزْ فِيهَا الذَّكَرُ كَبَنَاتِ لَبُونٍ فِي الْإِبِلِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَأُتِيَ بِمَا دُونَ ذَلِكَ فَأَبَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا انْقِيَادًا مِنْ مُعَاذٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَطَاعَةً لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَوُقُوفًا عِنْدَ حَدِّهِ وَبَيَّنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ لَمْ أَسْمَعْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهَا شَيْئًا

<<  <  ج: ص:  >  >>