للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِرَجُلٍ غَنَمٌ أَوْ بَقَرٌ أَوْ إبِلٌ تَجِبُ فِي كُلِّ صِنْفٍ مِنْهَا الزَّكَاةُ، ثُمَّ أَفَادَ إلَيْهَا بَعِيرًا أَوْ بَقَرَةً أَوْ شَاةً صَدَّقَهَا مَعَ صِنْفِ مَا أَفَادَ مِنْ ذَلِكَ حِينَ يُصَدِّقُهُ إذَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ ذَلِكَ الصِّنْفِ الَّذِي أَفَادَ نِصَابَ مَاشِيَةٍ قَالَ مَالِكٌ وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْت فِي هَذَا كُلِّهِ) .

الْعَمَلُ فِي صَدَقَةِ عَامَيْنِ إذَا اجْتَمَعَا (ص) : (قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الرَّجُلِ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ وَإِبِلُهُ مِائَةُ بَعِيرٍ فَلَا يَأْتِيهِ السَّاعِي حَتَّى تَجِبَ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ أُخْرَى فَيَأْتِيهِ الْمُصَّدِّقُ وَقَدْ هَلَكَتْ إبِلُهُ إلَّا خَمْسَ ذَوْدٍ قَالَ مَالِكٌ يَأْخُذُ الْمُصَّدِّقُ مِنْ الْخَمْسِ ذَوْدٍ الصَّدَقَتَيْنِ اللَّتَيْنِ وَجَبَتَا عَلَى رَبِّ الْمَالِ شَاتَيْنِ فِي كُلِّ عَامٍ شَاةً؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ إنَّمَا تَجِبُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ يَوْمَ يُصَدِّقُ مَالَهُ قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ هَلَكَتْ مَاشِيَتُهُ أَوْ نَمَتْ فَإِنَّمَا يُصَدِّقُ الْمُصَّدِّقُ مَا يَجِدُ يَوْمَ يُصَدِّقُ مَالَهُ، وَإِنْ تَظَاهَرَتْ عَلَى رَبِّ الْمَالِ صَدَقَاتٌ غَيْرُ وَاحِدَةٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُصَدِّقَ إلَّا مَا وَجَدَ الْمُصَّدِّقُ عِنْدَهُ فَإِنْ هَلَكَتْ مَاشِيَتُهُ أَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ فِيهَا صَدَقَاتٌ فَلَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ شَيْءٌ حَتَّى هَلَكَتْ مَاشِيَتُهُ كُلُّهَا أَوْ صَارَتْ إلَى مَا لَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ فَإِنَّهُ لَا صَدَقَةَ عَلَيْهِ وَلَا ضَمَانَ فِيمَا هَلَكَ وَمَضَى مِنْ السِّنِينَ)

ــ

[المنتقى]

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ حُكْمَ الْعَيْنِ وَالْمَاشِيَةِ يَخْتَلِفُ فِي وَجْهٍ آخَرَ الْوَجْهُ الَّذِي قَاسَ فِيهِ الْمَاشِيَةَ عَلَى الْعَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَاشِيَةَ إذَا أَفَادَ مِنْهَا شَيْئًا وَعِنْدَهُ نِصَابٌ مِنْ جِنْسِهَا فَإِنَّ حُكْمَ الْفَائِدَةِ فِي الْحَوْلِ حُكْمُ أَصْلِ النِّصَابِ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ وَفِي الْعَيْنِ بِخِلَافِ ذَلِكَ يُزَكِّي الْفَائِدَةَ لِحَوْلِهَا وَالنِّصَابَ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ لِحَوْلِهِ وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْفَرْعِ إذَا قِيسَ عَلَى الْأَصْلِ لِعِلَّةٍ جَامِعَةٍ بَيْنَهُمَا فِي حُكْمٍ مِنْ الْأَحْكَامِ أَنْ يُقَاسَ عَلَيْهِ فِي سَائِرِ أَحْكَامِهِ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ أَنْ يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ الَّتِي جَمَعَتْ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ لَهَا اخْتِصَاصٌ بِذَلِكَ الْحُكْمِ دُونَ غَيْرِهِ، وَإِنْ فَارَقَ الْأَصْلُ الْفَرْعَ فِي أَحْكَامٍ غَيْرِهَا لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِتِلْكَ الْعِلَّةِ؛ لِأَنَّ مَا مِنْ فَرْعٍ إلَّا وَهُوَ بِخِلَافِ الْأَصْلِ الَّذِي قِيسَ عَلَيْهِ فِي عِدَّةِ أَحْكَامٍ وَفِي مَسْأَلَتِنَا قَاسَ إتْمَامَ نِصَابِ الْمَاشِيَةِ بِتَمَامِهَا عَلَى تَمَامِ نِصَابِ الْعَيْنِ بِتَمَامِهِ لِعِلَّةٍ صَحِيحَةٍ وَهِيَ أَنَّ هَذَا نَمَاءٌ حَادِثٌ مِنْ الْعَيْنِ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ وَهُوَ مِنْ جِنْسِهَا فَوَجَبَ أَنْ يُكْمِلَ بِهَا نِصَابَهَا كَالْعَيْنِ وَهَذِهِ عِلَّةٌ تَخْتَصُّ بِالنَّمَاءِ دُونَ الْفَوَائِدِ فَاخْتِلَافُ الْعَيْنِ وَالْمَاشِيَةِ فِي الْفَوَائِدِ لَا يَمْنَعُ اجْتِمَاعَهَا فِي الَّذِي هُوَ مِنْ جِنْسِ الْأَصْلِ، وَإِنَّمَا اُخْتُلِفَ فِي الْفَوَائِدِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْأَصْلِ وَزَكَاةُ الْمَاشِيَةِ لَهَا تَعَلُّقٌ بِالسَّاعِي فَإِذَا لَمْ تَجِبْ زَكَاتُهَا لِزَكَاةِ الْأَصْلِ لَمْ يُمْكِنْ تَكَرُّرُ السَّاعِي وَنِعْمَتْ الْمَعْدِلَةُ بَيْنَ أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ وَالْمَسَاكِينِ فَإِنَّ الْفَائِدَةَ إذَا أُضِيفَتْ إلَى أَقَلَّ مِنْ النِّصَابِ زُكِّيَتْ بَعْدَ اسْتِكْمَالِ حَوْلِ الْفَائِدَةِ، وَإِذَا أُضِيفَتْ إلَى النِّصَابِ زُكِّيَتْ لِحَوْلِ النِّصَابِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْعَيْنُ فَإِنَّ رَبَّ الْمَالِ يُخْرِجُ زَكَاتَهُ فَيُمْكِنُ إخْرَاجُهُ عِنْدَ حُلُولِ حَوْلِهِ الْمُخْتَصِّ بِهِ فَلَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ إلَى اعْتِبَارِهِ لِحَوْلِ النِّصَابِ فَتَعَجَّلَ قَبْلَ حُلُولِهِ وَلَا أَنْ يُضَافَ إلَى أَقَلَّ مِنْ النِّصَابِ فَيُزَكَّى إلَى أَكْثَرَ مِنْ حَوْلِهِ فَلِذَلِكَ افْتَرَقَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

[الْعَمَلُ فِي صَدَقَةِ عَامَيْنِ إذَا اجْتَمَعَا]

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ مَنْ تَأَخَّرَ عَنْهُ السَّاعِي وَتَلِفَتْ مَاشِيَتُهُ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ مَاشِيَتَهُ؛ لِأَنَّ إمْكَانَ الْأَدَاءِ إلَى الْإِمَامِ مِنْ شُرُوطِ الْوُجُوبِ فِي الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ وَسَوَاءٌ تَلِفَتْ بِأَمْرٍ مِنْ السَّمَاءِ أَوْ أَتْلَفَهَا هُوَ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لِلْفِرَارِ مِنْ الزَّكَاةِ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنْ أَتْلَفَهَا هُوَ ضَمِنَ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مَرَّةً مَجِيءُ السَّاعِي شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ، وَقَالَ مَرَّةً هُوَ شَرْطٌ فِي الضَّمَانِ وَأَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَصْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: هَلْ الزَّكَاةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالذِّمَّةِ أَوْ بِالْعَيْنِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ مَجِيءَ السَّاعِي شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ أَوْ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِيهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي الْفَصْلَيْنِ وَبَيَّنَّا أَنَّ الزَّكَاةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْعَيْنِ وَأَنَّ الزَّكَاةَ إنَّمَا تَجِبُ بِمَجِيءِ السَّاعِي فَإِذَا أَكَلَ قَبْلَ ذَلِكَ مَاشِيَتَهُ أَوْ بَاعَ مَا قَصَرَتْ بِهِ عَنْ النِّصَابِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَلَا يَخْلُو أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>