للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَنَّهُ قَالَ جَاءَ كِتَابٌ مِنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ إلَى أَبِي وَهُوَ بِمِنًى أَنْ لَا تَأْخُذَ مِنْ الْعَسَلِ وَلَا مِنْ الْخَيْلِ صَدَقَةً) .

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ قَالَ سَأَلْت سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ عَنْ صَدَقَةِ الْبَرَاذِينِ فَقَالَ وَهَلْ فِي الْخَيْلِ مِنْ صَدَقَةٍ) .

جِزْيَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ بَلَغَنِي «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ الْبَحْرَيْنِ وَأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ فَارِسَ وَأَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ أَخَذَهَا مِنْ الْبَرْبَرِ» )

ــ

[المنتقى]

وَلَمْ يَمْتَنِعْ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ سَائِرِ الْمَوَاشِي وَلَوْ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْخُذُ مِنْ الْخَيْلِ شَيْئًا لَمَا خَفِيَ ذَلِكَ عَلَى أَبِي عُبَيْدَةَ، وَمِثْلُهُ مِمَّنْ كَانَ يُلَازِمُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا لَا يَخْفَى عَلَيْهِ أَخْذُهُ مِنْ سَائِرِ الْمَاشِيَةِ، ثُمَّ كَتَبَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي ذَلِكَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَوَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ هَذَا وَعُمَرُ مِمَّنْ كَانَ يُخْرِجُهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَخْذِ الصَّدَقَاتِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ مِنْ الْخَيْلِ شَيْئًا وَلَوْ كَانَ فِيهَا شَيْءٌ لَأَمَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَخْذِهِ كَمَا أَمَرَهُ بِالْأَخْذِ مِنْ سَائِرِ الْمَوَاشِي.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ ثُمَّ كَلَّمُوهُ أَيْضًا يُرِيدُ أَنَّ أَهْلَ الشَّامِ أَلَحُّوا فِي ذَلِكَ عَلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ وَكَلَّمُوهُ بَعْدَ أَنْ أَبَى عَلَيْهِمْ وَبَعْدَ أَنْ أَبَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَكَتَبَ إلَى عُمَرَ بِمُعَاوَدَتِهِمْ الْقَوْلَ فَكَتَبَ عُمَرُ إلَيْهِ خُذْ مِنْهُمْ إنْ أَحَبُّوا يُرِيدُ أَنَّ هَذَا تَطَوُّعٌ مِنْهُمْ وَمَنْ تَطَوَّعَ بِشَيْءٍ أُخِذَ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَقَوْلُهُ وَارْدُدْهَا عَلَيْهِمْ يُرِيدُ عَلَى فُقَرَائِهِمْ وَقَوْلُهُ: وَارْزُقْ رَقِيقَهُمْ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَنْ يُجْرِيَ لِرَقِيقِهِمْ رِزْقًا لِكَوْنِهِمْ فِي ثَغْرٍ مِنْ ثُغُورِ الْمُسْلِمِينَ يُسْتَعَانُ بِهِمْ فِي الْحَرْبِ وَلَيْسَ لَهُمْ سَهْمٌ فَيُرْتَفَقُونَ بِالرِّزْقِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ أَنَّ هَذَا مُكَافَأَةً لَهُمْ عَلَى تَطَوُّعِهِمْ بِالصَّدَقَةِ مِنْ رَقِيقِهِمْ.

(ش) : قَوْلُهُ أَنْ لَا تَأْخُذَ مِنْ الْعَسَلِ صَدَقَةً يَقْتَضِي أَنْ لَا زَكَاةَ فِيهِ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ نَفَى أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ صَدَقَةٌ وَهَذَا اسْمٌ يَتَنَاوَلُ الزَّكَاةَ فَاقْتَضَى ذَلِكَ مَنْعَ أَخْذِ الزَّكَاةِ مِنْهُ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ نَهَاهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْعَسَلِ صَدَقَةً وَلَيْسَ فِي الْعَسَلِ صَدَقَةٌ يُمْكِنُ أَنْ يُشَارَ إلَيْهَا بِأَنَّ لِلْإِمَامِ أَخْذَهَا غَيْرُ الزَّكَاةِ فَإِذَا مُنِعَ مِنْ أَخْذِ الصَّدَقَةِ مِنْهَا كَانَ ذَلِكَ مَقْصُورًا عَلَى الزَّكَاةِ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي الْعَسَلِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِيهِ الزَّكَاةُ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا طَعَامٌ يَخْرُجُ مِنْ حَيَوَانٍ فَلَمْ تَجِبْ فِيهِ الزَّكَاةُ كَاللَّبَنِ.

(ش) : جَوَابُ سَعِيدٍ لِمَنْ سَأَلَهُ عَنْ صَدَقَةِ الْبَرَاذِينِ يَقْتَضِي أَنَّ اسْمَ الْخَيْلِ وَاقِعٌ عَلَيْهَا وَعَلَى غَيْرِهَا مِنْ الْعِرَابِ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ سُؤَالَهُ عَنْ صَدَقَةِ الْبَرَاذِينِ بِمَا يَقْتَضِي مَنْعَ الصَّدَقَةِ فِي جَمِيعِ أَجْنَاسِ الْخَيْلِ؛ لِأَنَّ هَذَا السُّؤَالَ إنَّمَا هُوَ عَلَى مَعْنَى الْإِنْكَارِ لِمَا سَأَلَ عَنْهُ.

[جِزْيَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ]

(ش) : قَوْلُهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ الْبَحْرَيْنِ» عَلَى مَا رُوِيَ أَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ إلَى الْبَحْرَيْنِ يَأْتِي بِجِزْيَتِهَا» ، وَأَهْلُ الْكُفْرِ عَلَى ضَرْبَيْنِ أَهْلُ كِتَابٍ وَهُمْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَغَيْرُ أَهْلِ كِتَابٍ وَهُمْ الْمَجُوسُ وَعَبَدَةُ الْأَوْثَانِ وَكُلُّ مَنْ لَيْسَ لَهُ كِتَابٌ فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ إقْرَارِهِمْ عَلَى الْجِزْيَةِ عَرَبًا كَانُوا أَوْ عَجَمًا وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: ٢٩] .

(مَسْأَلَةٌ) :

فَأَمَّا الْمَجُوسُ فَإِنَّهُ يُسَنُّ بِهِمْ سُنَّةُ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ وَلَيْسُوا عِنْدَهُ بِأَهْلِ كِتَابٍ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَلَهُ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ قَالَ الْمَرْوَزِيِّ مِنْ أَصْحَابِهِ وَفَائِدَةُ الْقَوْلَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>