للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِمَّا صَالَحُوا عَلَيْهِ وَلَا مِمَّا شُرِطَ لَهُمْ وَهَذَا الَّذِي أَدْرَكْت عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا) .

عُشْرُ أَهْلِ الذِّمَّةِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَأْخُذُ مِنْ النَّبَطِ مِنْ الْحِنْطَةِ وَالزَّيْتِ نِصْفَ الْعُشْرِ يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يَكْثُرَ الْحَمْلُ إلَى الْمَدِينَةِ وَيَأْخُذُ مِنْ الْقُطْنِيَّةِ نِصْفَ الْعُشْرِ) .

اشْتِرَاءُ الصَّدَقَةِ وَالْعَوْدُ فِيهَا (ص) : (مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْت «عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ حَمَلْت عَلَى فَرَسٍ عَتِيقٍ

ــ

[المنتقى]

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ يُقَرُّونَ عَلَى دِينِهِمْ وَيَكُونُونَ مِنْ دِينِهِمْ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ لَا يُمْنَعُونَ مِنْ شَيْءٍ مِنْهُ فِي بَاطِنِ أَمْرِهِمْ وَإِنَّمَا يُمْنَعُونَ مِنْ إظْهَارِهِ فِي الْمَحَافِلِ وَالْأَسْوُقِ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي عَامٍ وَاحِدٍ مِرَارًا إلَى بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ فَعَلَيْهِمْ كُلَّمَا اخْتَلَفُوا الْعُشْرُ يُرِيدُ أَنَّ عَلَيْهِمْ فِي كُلِّ سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا فَبَاعُوا وَاشْتَرَوْا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ وَصَلُوا بِمَالٍ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُمْ عُشْرُ ذَلِكَ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ فِي الْعَامِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ الْغَرَضَ قَدْ حَصَلَ فِي السَّفْرَةِ الثَّانِيَةِ كَمَا حَصَلَ فِي الْأُولَى فَإِذَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ فِي الْأُولَى فَكَذَلِكَ فِي الثَّانِيَةِ.

[عُشْرُ أَهْلِ الذِّمَّةِ]

(ش) : قَوْلُهُ كَانَ يَأْخُذُ مِنْ النَّبَطِ وَهُمْ كُفَّارُ أَهْلِ الشَّامِ عَقَدَ لَهُمْ عَقْدَ الذِّمَّةِ إذَا اُسْتُحِقَّتْ فَكَانُوا يَخْتَلِفُونَ إلَى الْمَدِينَةِ بِالْحِنْطَةِ وَالزَّبِيبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَقْوَاتِ أَهْلِ الشَّامِ فَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يُخَفِّفُ عَنْهُمْ فِي الْحِنْطَةِ وَالزَّيْتِ فَيَأْخُذُ مِنْهُمْ فِيهَا نِصْفَ الْعُشْرِ فَيَكْثُرُ حَمْلُهُمْ لَهُمَا إلَى الْمَدِينَةِ فَتَرْخُصُ بِذَلِكَ الْحِنْطَةُ وَالزَّيْتُ بِالْمَدِينَةِ؛ لِأَنَّهُمَا مُعْظَمُ الْقُوتِ، وَكَانَ يَأْخُذُ مِنْهُمْ مِنْ الْقُطْنِيَّةِ الْعُشْرَ كَامِلًا؛ لِأَنَّ غَلَاءَ الْقَطَانِيِّ لَا يَكَادُ يَضُرُّ بِالنَّاسِ كَثِيرَ ضَرَرٍ.

ص (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُ قَالَ كُنْت غُلَامًا عَامِلًا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَلَى سُوقِ الْمَدِينَةِ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَكُنَّا نَأْخُذُ مِنْ النَّبَطِ الْعُشْرَ) ش هَكَذَا رَوَاهُ يَحْيَى غُلَامًا يُرِيدُ بِذَلِكَ شَابًّا وَرَوَاهُ مُطَّرِفٌ وَأَبُو مُصْعَبٍ كُنْت عَامِلًا يُرِيدُ أَنَّهُ كَانَ عَامِلًا عَلَى أَخْذِ الْعُشْرِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ الْقَادِمِينَ مِنْ سَائِرِ الْآفَاقِ فَأَخْبَرَ عَمَّا كَانَ يَأْخُذُ هُوَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ مِنْ النَّبَطِ وَهُوَ الْعُشْرُ وَأَضَافَ ذَلِكَ إلَى زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ يُفْعَلُ فِيهِ كَانَ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ لِمَشُورَتِهِمْ فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ خِلَافٌ وَلَا ظَهَرَ فَهُوَ إجْمَاعٌ وَحُجَّةٌ يَجِبُ الْمَصِيرُ إلَيْهَا وَالْعَمَلُ بِهَا.

ص (مَالِكٌ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ يَأْخُذُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مِنْ النَّبَطِ الْعُشْرَ فَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: كَانَ ذَلِكَ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَلْزَمَهُمْ ذَلِكَ عُمَرُ) .

ش قَوْلُهُ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ يَأْخُذُ عُمَرُ مِنْ النَّبَطِ الْعُشْرَ سُؤَالٌ عَنْ وَجْهِ ذَلِكَ وَحُجَّتِهِ وَدَلِيلِ جَوَازِهِ؟ فَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ إنَّ ذَلِكَ كَانَ يَقْبِضُهُ مِنْهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَلْزَمَهُمْ ذَلِكَ عُمَرُ وَلَيْسَ فِي هَذَا أَكْثَرُ مِنْ الْإِخْبَارِ بِالسَّبَبِ وَلَيْسَ هَذَا إخْبَارًا عَنْ الْحُجَّةِ الْمُوجِبَةِ، وَالْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ أَنَّهُمْ إنَّمَا عُوهِدُوا عَلَى التِّجَارَةِ وَتَنْمِيَةِ أَمْوَالِهِمْ بِآفَاقِهِمْ الَّتِي اسْتَوْطَنُوهَا فَإِذَا طَلَبُوا تَنْمِيَةَ أَمْوَالِهِمْ بِالتِّجَارَةِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ آفَاقِ الْمُسْلِمِينَ كَانَ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ حَقٌّ غَيْرُ الْجِزْيَةِ الَّتِي صُولِحُوا عَلَيْهَا فَهَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ الْوَجْهُ الَّذِي لَهُ فَعَلَ هَذَا عُمَرُ لَكِنَّهُ إذَا فَعَلَهُ عُمَرُ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُخَالِفْهُ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ ثَبَتَ أَنَّهُ إجْمَاعٌ وَكَانَ ذَلِكَ حُجَّةً قَاطِعَةً عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْحُكْمِ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ وَجْهُهُ وَكَمَا اجْتَمَعَتْ الصَّحَابَةُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْحُكْمِ كَذَلِكَ اجْتَمَعَتْ عَلَى صِحَّةِ تَقْرِيرِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ بِالْعُشْرِ - وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>