للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ (ص) : (مَالِكٌ لَيْسَ عَلَى الرَّجُلِ فِي عَبِيدِ عَبِيدِهِ وَلَا فِي أَجِيرِهِ وَلَا فِي رَقِيقِ امْرَأَتِهِ زَكَاةٌ إلَّا مَا كَانَ مِنْهُمْ يَخْدُمُهُ وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ زَكَاةٌ فِي أَحَدٍ مِنْ رَقِيقِهِ مَا لَمْ يُسْلِمْ لِتِجَارَةٍ كَانُوا أَوْ لِغَيْرِ تِجَارَةٍ) .

ــ

[المنتقى]

- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَجَمَاعَةٌ مِمَّنْ رَأَيْت كَلَامَهُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلِأَصْحَابِنَا بِمَسَائِلَ تَقْتَضِي غَيْرَ هَذِهِ الْأَقْوَالِ كُلِّهَا.

وَجْهُ رِوَايَةِ أَشْهَبَ قَوْلُهُ «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ» فَأَضَافَهَا إلَى الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ وَحَقِيقَتُهُ أَوَّلُ فِطْرٍ يَقَعُ فِي زَمَانِ شَوَّالٍ وَهُوَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ رَمَضَانَ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَقْتَ وُجُوبِهَا.

وَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا قَدَّمْنَاهُ قَبْلَ هَذَا أَنَّ الْفِطْرَ مِنْ رَمَضَانَ إنَّمَا يَنْطَلِقُ عَلَى الْفِطْرِ الَّذِي يُخَالِفُهُ صَوْمُ رَمَضَانَ وَيُنَافِيهِ وَذَلِكَ فِطْرُ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ شَوَّالٍ وَأَمَّا الْفِطْرُ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَلَيْسَ بِمُنَافٍ لِصَوْمِ رَمَضَانَ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إخْرَاجُ زَكَاةِ الْفِطْرِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَقَبْلَ الْغُدُوِّ إلَى الْمُصَلَّى وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَوَّلُ وَقْتِ وُجُوبِهَا عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لَكَانَ ذَلِكَ وَقْتَ اسْتِحْبَابِ خُرُوجِهَا.

(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنْ قُلْنَا إنَّ وَقْتَ الْوُجُوبِ طُلُوعُ الْفَجْرِ فَمَنْ وُلِدَ لَهُ مَوْلُودٌ أَوْ اشْتَرَى مَمْلُوكًا قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَجَبَ عَلَيْهِ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ عَنْهُ، وَإِنْ مَاتَ لَهُ وَلَدٌ أَوَبَاعَ عَبْدَهُ قَالَ أَشْهَبُ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ احْتَلَمَ وَلَدُهُ الذَّكَرُ أَوْ بُنِيَ بِابْنَتِهِ الْبِكْرِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ سَقَطَتْ عَنْهُ زَكَاةُ الْفِطْرِ، وَكَذَالِكَ الْأَمْرُ فِيمَنْ قَالَ إنَّ وَقْتَ الْوُجُوبِ غُرُوبُ الشَّمْسِ، وَكَذَالِكَ يَجْرِي حُكْمُ مَنْ أَسْلَمَ فِي الْمَشْهُورِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ إلَّا أَشْهَبَ فَإِنَّهُ قَالَ لَوْ أَسْلَمَ قَبْلَ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ أَوْ بَعْدَ الْفَجْرِ مِنْ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ فَلَا فِطْرَةَ عَلَيْهِ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ أَدْرَكَ صِيَامَ يَوْمٍ لَزِمَتْهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ هَذَا شَاذٌّ وَلَوْ وَجَبَتْ بِالصَّوْمِ لَسَقَطَتْ عَنْ الْمَوْلُودِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُ مَالِكٍ وَذَلِكَ وَاسِعٌ أَنْ يُؤَدُّوا قَبْلَ الْغُدُوِّ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ أَوْ بَعْدَهُ، يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يُفِيتُ الْإِخْرَاجُ وَالْأَدَاءُ بِالْغُدُوِّ إلَى الْمُصَلَّى؛ لِأَنَّ وَقْتَ الْأَدَاءِ وَاسِعٌ وَإِنْ كَانَ وَقْتُ الْوُجُوبِ قَدْ انْقَضَى.

[مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ]

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ زَكَاةٌ فِي عَبِيدِ عَبِيدِهِ؛ لِأَنَّ عَبِيدَ عَبِيدِهِ لَيْسُوا فِي مِلْكِهِ وَإِنَّمَا يَكُونُونَ فِي مِلْكِهِ بَعْدَ أَنْ يَنْتَزِعَهُمْ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَ عَبِيدَهُ لَمْ يُعْتَقُوا بِعِتْقِهِمْ وَلَكَانُوا مِلْكًا لَهُمْ إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَهُمْ وَلِيَنْتَزِعَهُمْ وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُمْ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِمْ.

١ -

وَلَا فِطْرَةَ عَلَيْهِ فِي أَجِيرِهِ وَإِنْ الْتَزَمَ نَفَقَتَهُ؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْأَجِيرِ لَيْسَتْ بِلَازِمَةٍ بِالشَّرْعِ وَإِنَّمَا هِيَ إجَارَةٌ تُشْتَرَطُ فِي الْعَقْدِ كَمَا تُشْتَرَطُ الزِّيَادَةُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَجِنْسِهَا.

١ -

وَقَوْلُهُ وَلَا فِي رَقِيقِ امْرَأَتِهِ قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ وَقَوْلُهُ وَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِي رَقِيقِهِ إذَا لَمْ يَكُونُوا مُسْلِمِينَ لِتِجَارَةٍ كَانُوا أَوْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الطَّهَارَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الزَّكَاةُ مِنْ زَكَاةِ الْأَمْوَالِ فَتَجِبُ فِيهِمْ عَلَيْهِ إذَا كَانُوا لِلتِّجَارَةِ، وَإِنَّمَا هِيَ زَكَاةٌ عَلَى وَجْهِ الطُّهْرَةِ لِمَنْ أُخْرِجَتْ عَنْهُ فَسَوَاءٌ كَانُوا لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِغَيْرِهَا لَمْ يُخْرِجْ عَنْهُمْ وَإِنَّمَا يَخْتَلِفُ حُكْمُهُمْ إذَا كَانُوا لِلتِّجَارَةِ أَوْ غَيْرِهَا فِي زَكَاةِ الْقِيمَةِ، فَإِنَّهُمْ إذَا لَمْ يَكُونُوا لِلتِّجَارَةِ زُكِّيَتْ قِيمَتُهُمْ كَسَائِرِ الْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ فَلَا يُعْتَبَرُ هُنَاكَ إسْلَامٌ وَلَا حُرِّيَّةٌ وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ هَذِهِ الزَّكَاةُ فَإِنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِالرِّقَابِ؛ وَلِذَلِكَ لَا يُخْرَجُ عَنْ غَيْرِ بَنَى آدَمَ وَتُخْرَجُ عَنْ الْأَحْرَارِ فَلَيْسَتْ مِنْ زَكَاةِ الْأَمْوَالِ وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ مَعْنَى طَهَارَةِ بَنِي آدَمَ فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الطَّهَارَةِ وَهُمْ الْمُسْلِمُونَ لَزِمَتْهُ وَلَزِمَتْ عَنْهُ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الطَّهَارَةِ لَمْ تَلْزَمْ عَنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ تَمَّ كِتَابُ الزَّكَاةِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>