للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ أَنَّ أَبَا غَطَفَانَ بْنَ طَرِيفٍ الْمُرِّيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ طَرِيفًا تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَهُوَ مُحْرِمٌ فَرَدَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ نِكَاحَهُ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ الْمُحْرِمِ إنَّهُ يُرَاجِعُ امْرَأَتَهُ إنْ شَاءَ إذَا كَانَتْ فِي عِدَّةٍ مِنْهُ) .

حِجَامَةُ الْمُحْرِمِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَوْقَ رَأْسِهِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ بِلَحْيَيْ جَمَلٍ مَكَانٌ بِطَرِيقِ مَكَّةَ» )

ــ

[المنتقى]

فَصْلٌ) وَقَوْلُهُ وَلَا يَخْطُبُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ السِّفَارَةَ فِي النِّكَاحِ وَالسَّعْيَ فِيهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ إيرَادَ الْخُطْبَةِ حَالَ النِّكَاحِ، فَأَمَّا السَّعْيُ فَإِنَّهُ مَمْنُوعٌ فَإِنْ سَعَى فِيهِ وَتَنَاوَلَ الْعَقْدَ لِسِوَاهُ أَوْ سَعَى فِيهِ لِنَفْسِهِ وَأَكْمَلَ الْعَقْدَ بَعْدَ التَّحَلُّلِ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا، وَعِنْدِي أَنَّهُ قَدْ أَسَاءَ وَالنِّكَاحُ لَا يُفْسَخُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا إذَا خَطَبَ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ وَتَنَاوَلَ الْعَقْدَ غَيْرُهُ فَهُوَ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَاهُ وَمَنْ حَضَرَ الْعَقْدَ فَقَدْ أَسَاءَ رَوَاهُ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

(ش) : قَوْلُهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَدَّ نِكَاحَ طَرِيفٍ لَمَّا تَزَوَّجَ وَهُوَ مُحْرِمٌ تَرْجِيحٌ لِمَا ذَهَبْنَا إلَيْهِ، وَقُلْنَا بِهِ مِنْ أَنَّ الْمُحْرِمَ لَا يَنْكِحُ؛ لِأَنَّ عَمَلَ الْأَئِمَّةِ وَحُكْمَهُمْ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ مُشَاوَرَةٍ وَنَظَرٍ وَاسْتِدْلَالٍ وَاجْتِهَادٍ وَمُرَاجَعَةٍ مِنْ الْمُخَالِفِ إنْ كَانَ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ قَائِلٍ لَمْ يُعْمَلْ بِهِ وَلَا رُوجِعَ فِيهِ قَائِلُهُ وَلَا شَاوَرَ فِيهِ غَيْرَهُ، وَرَدُّهُ لِنِكَاحِهِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِفَسْخٍ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِطَلَاقٍ، وَالْفَسْخُ بِاسْمِ الرَّدِّ أَلْيَقُ.

وَقَدْ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي إبْطَالِ نِكَاحِ الْمُحْرِمِ فَقَالَ مَرَّةً هُوَ فَسْخٌ وَقَالَ مَرَّةً هُوَ طَلَاقٌ وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ النِّكَاحِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ مَمْنُوعٌ حَتَّى يَحِلَّ بِالْإِفَاضَةِ فَإِنْ تَزَوَّجَ بَعْدَ الرَّمْيِ وَقَبْلَ الْإِفَاضَةِ فُسِخَ نِكَاحُهُ وَرَوَاهُ مُحَمَّدٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ» وَمَا لَمْ يَتَحَلَّلْ التَّحَلُّلَ التَّامَّ فَاسْمُ الْإِحْرَامِ يَتَنَاوَلُهُ، وَحَقِيقَتُهُ بَاقِيَةٌ عَلَيْهِ.

وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ حُكْمَ إحْرَامِهِ بَاقٍ فِي بَابِ الِاسْتِمْتَاعِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ بَاقِيًا أَصْلُهُ قَبْلَ الرَّمْيِ.

ص (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يَخْطُبُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ) ش قَوْلُهُ لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ مَنْعِهِ النِّكَاحِ حَالَ الْإِحْرَامِ، وَقَوْلُهُ لَا يَخْطُبُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ مَنْعٌ لَهُ مِنْ تَنَاوُلِ ذَلِكَ بِوَجْهٍ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ وَهُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ عُمُومِ نَهْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَنْ يَخْطُبَ فِي حَدِيثِ عُثْمَانَ إلَّا أَنَّ هَذَا أَزَالَ وُجُوهَ الِاحْتِمَالِ وَمَنَعَ التَّخْصِيصَ.

ص (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ سَأَلُوا عَنْ نِكَاحِ الْمُحْرِمِ فَقَالَ لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكَحُ) .

(ش) : أَكْثَرَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ إدْخَالِ الْآثَارِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّ الْمُخَالِفَ فِيهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَهُوَ مِنْ فُقَهَاءِ الصَّحَابَةِ فَأَظْهَرَ قُوَّةَ الْخِلَافِ عَلَيْهِ وَكَثْرَتَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَالْحُكْمُ مِنْ الْأَئِمَّةِ بِخِلَافِهِ وَأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِمَّا تَهَمَّمَ بِهَا النَّاسُ فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَسَأَلُوا عَنْهَا وَخَاضُوا كَثِيرًا فِيهَا، وَأَنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّهُ إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً فِي حَالِ إحْرَامِهِ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا مَا كَانَتْ لَهُ الرَّجْعَةُ عَلَيْهَا بِبَقَاءِ عِدَّتِهَا خِلَافًا لِمَا يُرْوَى عَنْ ابْنِ حَنْبَلٍ مِنْ مَنْعِهِ الرَّجْعَةَ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ الرَّجْعَةَ لَيْسَتْ بِنِكَاحٍ وَإِنَّمَا هِيَ إصْلَاحُ مَا انْثَلَمَ مِنْ النِّكَاحِ كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[حِجَامَةُ الْمُحْرِمِ]

(ش) : قَوْلُهُ «احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَوْقَ رَأْسِهِ» بَيَانٌ لِمَوْضِعِ الْحِجَامَةِ؛ لِأَنَّهَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ مَوْضِعهَا وَهِيَ فِي الرَّأْسِ أَشَدُّ لِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ حَلْقِ شَعْرِ مَوْضِعِهَا وَرُبَّمَا قَتَلَ شَيْئًا مِنْ الدَّوَابِّ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مُبَاحٌ مَعَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ.

وَقَدْ رَوَى عَنْهُ أَوْ شَيْئًا

<<  <  ج: ص:  >  >>