للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الرَّجُلِ يَشْتَكِي أُذُنَهُ أَيَقْطُرُ فِي أُذُنِهِ مِنْ الْأَلْبَانِ الَّتِي لَمْ تَطِبْ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَقَالَ لَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا، وَلَوْ جَعَلَهُ فِي فِيهِ لَمْ أَرَ بِذَلِكَ بَأْسًا) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَبُطَّ الْمُحْرِمُ خُرَّاجَهُ وَيَفْقَأَ دُمَّلَهُ وَيَقْطَعَ عِرْقَهُ إذَا احْتَاجَ لِذَلِكَ) .

الْحَجُّ عَمَّنْ يُحَجُّ عَنْهُ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كَانَ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ تَسْتَفْتِيهِ فَجَعَلَ الْفَضْلَ يَنْظُرُ إلَيْهَا وَتَنْظُرُ إلَيْهِ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ يَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ إلَى الشِّقِّ الْآخَرِ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ أَفَأَحُجُّ عَنْهُ قَالَ نَعَمْ، وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ» )

ــ

[المنتقى]

يُرِيدُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِتَقْلِيمِهِ الْمَنْفَعَةَ الْمُعْتَادَةَ فِي تَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ، وَإِمَاطَةُ الْأَذَى فِي تَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يُزِيلَ عَنْ نَفْسِهِ خُشُونَةَ طُولِ أَظْفَارِهِ أَوْ أَكْثَرَهَا.

وَالثَّانِي: أَنْ يَقْلَقَ مِنْ طُولِ ظُفْرٍ فَيُقَلِّمَهُ فَهَذَا أَمَاطَ عَنْهُ بِهِ أَذًى مُعْتَادًا.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يُرِيدَ مُدَاوَاةَ قُرُوحٍ بِأَصَابِعِهِ أَوْ بِبَعْضِهَا وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِقَصِّ أَظْفَارِهِ فَهَذَا قَدْ أَمَاطَ بِهِ أَذًى لَا يَخْتَصُّ بِأَظْفَارِهِ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ وَذَلِكَ أَنَّ اسْتِعْمَالَ الدُّهْنِ الَّذِي لَيْسَ بِمُطَيِّبٍ يَكُونُ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ فِي بَاطِنِ جَسَدِهِ بِأَنْ لَا يَظْهَرَ مِنْهُ كَتَقْطِيرِهِ فِي الْأُذُنِ وَالِاسْتِسْعَاطِ بِهِ وَالْمَضْمَضَةِ فَإِنَّ هَذَا كُلَّهُ جَائِزٌ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَفْعَلَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَكْلِهِ إيَّاهُ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

وَالثَّانِي: أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ فِي ظَاهِرِ جَسَدِهِ غَيْرِ بَاطِنِ يَدَيْهِ وَقَدَمَيْهِ فَإِنْ فَعَلَ فَهَذَا مَمْنُوعٌ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ عِنْدَ مَالِكٍ وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِ.

قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَقَدْ رَوَى إبَاحَةَ ذَلِكَ وَبِهِ أَخَذَ اللَّيْثُ وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ إزَالَةُ شُعْثٍ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يُفْعَلُ لِلْجَمَالِ وَالتَّنَظُّفِ كَالتَّنَظُّفِ فِي الْحَمَّامِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ دَهَنَ بِهِ عُضْوًا مِنْ جَسَدِهِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَإِنْ لَمْ يَعُمَّ جَمِيعَ جَسَدِهِ إذَا كَانَ الَّذِي دَهَنَهُ مِنْ جَسَدِهِ مَوْضِعًا لَهُ بَالٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا شَيْئًا يَسِيرًا لَا بَالَ لَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ التَّجَمُّلَ وَالتَّنَظُّفَ وَإِزَالَةَ الشُّعْثِ لَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ دَهَنَ بُطُونَ قَدَمَيْهِ أَوْ يَدَيْهِ لِشُقُوقٍ بِهِمَا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِغَيْرِ عِلَّةٍ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ.

وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُمَا ظَاهِرَانِ ظُهُورَ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ فَإِذَا لَمْ يَقْصِدْ بِدُهْنِهِمَا دَفْعَ مَضَرَّةٍ فَلَا غَرَضَ فِي ذَلِكَ غَيْرَ تَحْسِينِ ظَاهِرِ الْجَسَدِ وَإِزَالَةِ الشُّعْثِ فَوَجَبَتْ بِذَلِكَ الْجِزْيَةُ وَإِنْ قَصَدَ بِذَلِكَ دَفْعَ الْمَضَرَّةِ أَوْ الْقُوَّةِ عَلَى الْعَمَلِ فَلَا فِدْيَةَ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا وَإِنْ ظَهَرَا فَإِنَّهُمَا بَاطِنَانِ مِنْ ظَاهِرِ الْجَسَدِ وَيَخْتَصَّانِ بِالْعَمَلِ وَبِذَلِكَ فَارَقَا سَائِرَ الْأَعْضَاءِ مِنْ الْجَسَدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ لَا يَتَعَلَّقُ بِقَطْعِ شَيْءٍ مِنْ جِلْدِ جَسَدِهِ وَإِنَّمَا ذَلِكَ مَمْنُوعٌ لِغَيْرِ حُرْمَةِ الْإِنْسَانِ وَهُوَ مُبَاحٌ لِلضَّرُورَةِ كَالْحِجَامَةِ.

وَقَدْ «احْتَجَمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُحْرِمٌ بِلَحْيَيْ جَمَلٍ» وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى بَطُّ جِرَاحِهِ وَفَقْءُ دُمَّلِهِ وَقَطْعُ عِرْقِهِ لِحَاجَتِهِ إلَى ذَلِكَ وَقَدْ شَرَطَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْحَاجَةَ إلَى ذَلِكَ.

[الْحَجُّ عَمَّنْ يُحَجُّ عَنْهُ]

(ش) : قَوْلُهُ كَانَ الْفَضْلُ رَدِيفَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرِيدُ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ غَدَاةَ النَّحْرِ وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْدَفَ أُسَامَةَ مِنْ عَرَفَةَ إلَى الْمُزْدَلِفَةِ لَيْلَةَ النَّحْرِ، ثُمَّ أَرْدَفَ الْفَضْلَ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ غَدَاةَ يَوْمِ النَّحْرِ فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ تَسْتَفْتِيهِ فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إلَيْهَا: يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ قَدْ سَدَلَتْ عَلَى وَجْهِهَا ثَوْبًا فَإِنَّ الْمُحْرِمَةَ يَجُوزُ لَهَا ذَلِكَ لِمَعْنَى السَّتْرِ إلَّا أَنَّهُ كَانَ يَبْدُو مِنْ وَجْهِهَا مَا يَنْظُرُ إلَيْهِ الْفَضْلُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهَا «فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ إلَى الشِّقِّ الْآخَرِ» يُرِيدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>