للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إذَا أَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ لَمْ يَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ حَتَّى يَرْجِعَ مِنْ مِنًى وَكَانَ لَا يَرْمُلُ إذَا طَافَ حَوْلَ الْبَيْتِ إذَا أَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ) .

الِاسْتِلَامُ فِي الطَّوَافِ (ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا قَضَى طَوَافَهُ بِالْبَيْتِ وَرَكَعَ الرَّكْعَتَيْنِ وَأَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ الْأَسْوَدَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ» ) .

ــ

[المنتقى]

قَالَ: إنَّهُ يُعِيدُ مَا دَامَ بِمَكَّةَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ يُعِيدَ بَعْدَ التَّحَلُّلِ مِنْ ذَلِكَ النُّسُكِ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِنَا بِصِحَّةِ الرَّفْضِ فَإِنَّمَا يَجِبُ أَنْ يُعِيدَ مَا لَمْ يَتَحَلَّلْ مِنْ نُسُكِهِ ذَلِكَ وَمَنْ قَالَ: إنَّهُ مِنْ أَحْكَامِ الطَّوَافِ اللَّازِمَةِ كَلُزُومِ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَلَمْ يَرَ صِحَّةَ رَفْضِ الطَّوَافِ قَالَ لَا يُعِيدُ وَعَلَيْهِ دَمٌ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَمَنْ قَالَ يَلْزَمُ الرَّمَلُ وَرَأَى صِحَّةَ الرَّفْضِ أَوْ إتْمَامَ الْفَرِيضَةِ قَالَ لَا يُعِيدُ فَإِنْ فَاتَهُ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ الدَّمُ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ.

(ش) : قَوْلُهُ كَانَ إذَا أَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ لَمْ يَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ حَتَّى يَرْجِعَ مِنْ مِنًى لِمَا ذَكَرْنَاهُ قَبْلَ هَذَا مِنْ أَنَّ السَّعْيَ لَا يَكُونُ إلَّا عَقِيبَ طَوَافٍ وَاجِبٍ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، وَأَنَّ الطَّوَافَ الْوَاجِبَ لَا يَكُونُ إلَّا عَلَى مَنْ وَرَدَ مِنْ الْحِلِّ وَأَمَّا مَنْ كَانَ مُقِيمًا بِالْحَرَمِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ طَوَافٌ أَصْلًا فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُؤَخِّرُ طَوَافَهُ حَتَّى يَرْجِعَ مِنْ مِنًى مُنْصَرَفَهُ مِنْ عَرَفَةَ فَيَطُوفُ لِلْإِفَاضَةِ فَيَسْعَى عَقِيبَ طَوَافِهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ طَوَافٌ وَاجِبٌ لِوَارِدٍ مِنْ حِلٍّ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَكَانَ لَا يَرْمُلُ إذَا طَافَ حَوْلَ الْبَيْتِ إذَا أَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ طَوَافَ التَّطَوُّعِ الَّذِي كَانَ يَطُوفُهُ قَبْلَ الْخُرُوجِ إلَى عَرَفَةَ وَأَمَّا طَوَافُ الْإِضَافَةِ فَإِنَّهُ يَتَعَقَّبُ قُدُومَهُ مِنْ الْحِلِّ فَسُنَّتُهُ الرَّمَلُ وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ مَالِكٌ وَرَوَاهُ عَنْهُ فِي الْمُزَنِيَّة ابْنُ كِنَانَةَ وَابْنُ نَافِعٍ مَكِّيًّا كَانَ إذَا أَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ أَوْ غَيْرَ مَكِّيٍّ وَقَدْ تَأَوَّلَ ابْنُ الْمَوَّازِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ لَا يَرْمُلُ لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ إذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ قَالَ وَالرَّمَلُ أَحَبُّ إلَيْنَا فَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا تَأَوَّلَهُ فَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ مَالِكٍ. وَوَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ مَا قَدَّمْنَاهُ، وَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ فَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمَا وَفِي الْمُخْتَصَرِ عَنْ مَالِكٍ وَمَنْ أَخَّرَ الطَّوَافَ حَتَّى صَدَرَ فَلْيَرْمُلْ وَمَنْ تَرَكَ الرَّمَلَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَنْ أَهْدَى فَحَسَنٌ وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ حُكْمَ الرَّمَلِ لِمَنْ وَرَدَ مِنْ عَرَفَةَ لَازِمٌ وَأَنَّهُ إنْ تَرَكَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ فِيمَنْ تَرَكَهُ فِي طَوَافِ الْوُرُودِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ هَذَا الطَّوَافِ أَخَفَّ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ وَارِدًا مِنْ الْحِلِّ فَإِنَّهُ طَوَافُ تَحَلُّلٍ لَا طَوَافُ تَلَبُّسٍ بِالْعِبَادَةِ، وَلِذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ الرَّمَلُ وَإِنَّمَا شُرِعَ فِيهِ الرَّمَلُ إذَا كَانَ بَعْدَهُ سَعْيٌ.

[الِاسْتِلَامُ فِي الطَّوَافِ]

(ش) : قَوْلُهُ كَانَ إذَا قَضَى طَوَافَهُ بِالْبَيْتِ وَرَكَعَ الرَّكْعَتَيْنِ يُرِيدُ الطَّوَافَ الَّذِي يَتَعَقَّبُهُ السَّعْيُ فَإِنَّهُ كَانَ إذَا أَكْمَلَهُ وَأَكْمَلَ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَهُ وَصَلَ بِذَلِكَ الْخُرُوجِ إلَى الصَّفَا فَكَانَ إذَا أَرَادَ فِرَاقَ الْبَيْتِ عَادَ إلَى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ وَذَلِكَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَلِّيَ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ فِي الطَّوَافِ الْوَاجِبِ خَلْفَ الْمَقَامِ وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَأَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الصَّفَا فَإِنَّ طَرِيقَهُ عَلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَلِمُ فِي خُرُوجِهِ ذَلِكَ إلَى الصَّفَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ شُرِعَ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ مِنْ تَوَابِعِ الطَّوَافِ فَاسْتُحِبَّ أَنْ يَنْفَصِلَ عَنْهُمَا بِاسْتِلَامِ الْحَجَرِ كَالطَّوَافِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا اسْتِلَامُ الرُّكْنِ ابْتِدَاءً فِي غَيْرِ طَوَافٍ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ مِنْ شَأْنِ النَّاسِ وَمَا بِذَلِكَ مِنْ بَأْسٍ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ فِعْلِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَلَكِنْ لَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْبَيْتِ وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ اسْتِلَامِهِ طَوَافٌ وَلَا رُكُوعٌ وَلَا غَيْرُهُ بَلْ يَصِحُّ أَنْ يُفْرِدَ ذَلِكَ كَالدُّعَاءِ الَّذِي قَدْ يُفْعَلُ فِي جُمْلَةِ الْعِبَادَاتِ مِمَّنْ يَصِحُّ أَنْ يُفْرِدَ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمِنْ سُنَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>