للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ قَرَنَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ ثُمَّ فَاتَهُ الْحَجُّ فَعَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ قَابِلًا وَيَقْرِنَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَيُهْدِيَ هَدْيَيْنِ هَدْيًا لِقِرَانِهِ الْحَجَّ مَعَ الْعُمْرَةِ وَهَدْيًا لِمَا فَاتَهُ مِنْ الْحَجِّ) .

هَدْيُ مَنْ أَصَابَ أَهْلَهُ قَبْلَ أَنْ يُفِيضَ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ وَقَعَ بِأَهْلِهِ وَهُوَ بِمِنًى قَبْلَ أَنْ يُفِيضَ فَأَمَرَهُ أَنْ يَنْحَرَ بَدَنَةً) .

ــ

[المنتقى]

بِحَلَاقٍ أَوْ تَقْصِيرٍ لِمَنْ أَرَادَهُ مِنْهُمْ وَاخْتَارَهُ وَإِنْ كَانَ الْحِلَاقُ أَفْضَلَ عَلَى مَا يَأْتِي بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَقَوْلُهُ: ثُمَّ ارْجِعُوا لَمْ يَكُنْ عَلَى جِهَةِ الْإِلْزَامِ وَالْوُجُوبِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى جِهَةِ إبَاحَةِ الرُّجُوعِ وَالْأَمْرِ بِالْفَضْلِ أَوْ عَلَى مَا عَلِمَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ حَالِهِمْ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُمْ إلَّا الرُّجُوعُ إلَى أَهَالِيِهِمْ وَأَنَّهُمْ لَوْ أُمِرُوا بِغَيْرِ ذَلِكَ لَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَأَعْلَمَهُمْ مَا عَلِمَهُ مِنْ الْأَمْرِ الْمُبَاحِ لَهُمْ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَإِذَا كَانَ عَامًا قَابِلًا فَحُجُّوا وَاهْدُوا يُرِيدُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمْ الْقَضَاءُ لِلْحَجِّ الَّذِي فَاتَهُمْ سَوَاءٌ كَانَ فَرْضًا أَوْ نَافِلَةً وَيَجِبُ عَلَيْهِمْ الْهَدْيُ لِأَجْلِ الْفَوَاتِ وَالتَّحَلُّلِ بِغَيْرِ مَا أَحْرَمُوا بِهِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعَ وَهَذَا حُكْمُ كُلِّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ هَدْيٌ يَلْزَمُهُ إخْرَاجُهُ فَلَمْ يَجِدْهُ فَأَمَّا هَدْيُ الْجَزَاءِ وَفِدْيَةُ الْأَذَى فَلَيْسَ بِلَازِمٍ بَلْ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ: إنَّ مَنْ قَرَنَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَفَاتَهُ فَإِنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ قَابِلًا قَضَاءً عَنْ الْحَجِّ الَّذِي فَاتَهُ وَعَلَى صِفَتِهِ مِنْ الْقِرَانِ وَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ الْعُمْرَةُ مَعَ الْحَجِّ فِي الْقَضَاءِ بِالْعُمْرَةِ الَّتِي تَحَلَّلَ بِهَا لِأَنَّ تِلْكَ لَيْسَتْ بِالْعُمْرَةِ الَّتِي قَرَنَهَا مَعَ حَجِّهِ لِأَنَّ تِلْكَ لَا يَصِحُّ التَّحَلُّلُ مِنْهَا وَلَا الْإِتْمَامُ لَهَا إلَّا مَعَ تَمَامِ الْحَجِّ وَالتَّحَلُّلِ مِنْهُ عَلَى حَسَبِ مَا قَرَنَهَا بِهِ وَهَذِهِ الْعُمْرَةُ إنَّمَا هِيَ عُمْرَةُ التَّحَلُّلِ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ أَفْرَدَ الْحَجَّ ثُمَّ فَاتَهُ تَحَلَّلَ مِنْهُ بِعُمْرَةٍ فَثَبَتَ أَنَّ عُمْرَةَ التَّحَلُّلِ غَيْرُ الْعُمْرَةِ الَّتِي قَرَنَهَا بِحَجِّهِ.

(فَصْلٌ)

وَقَوْلُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَيُهْدِي هَدْيَيْنِ لِقِرَانِهِ وَهَدْيًا لِفَوَاتِ الْحَجِّ يُرِيدُ أَنَّهُ يُهْدِي فِي حَجَّةِ الْقَضَاءِ هَدْيَيْنِ هَدْيًا لِلْقِرَانِ فِي ذَلِكَ الْعَامِ وَهَدْيًا لِلْفَوَاتِ فِي الْعَامِ الْحَالِي وَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَهُ فِي هَدْيِ الْقِرَانِ عَنْ الْعَامِ الْمَاضِي الَّذِي فَاتَهُ فِيهِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ إنْ كَانَ يَلْزَمُهُ الدُّخُولُ فِيهِ أَوْ يَسْقُطُ عَنْهُ بِالْفَوَاتِ وَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ دَمَ الْقِرَانِ يَسْقُطُ بِالْفَوَاتِ وَالتَّحَلُّلُ بِالْعُمْرَةِ وَمِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ.

وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِعُمْرَةٍ فَلَمْ يَلْزَمْهُ دَمُ الْقِرَانِ كَاَلَّذِي أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ مُفْرَدَةٍ.

وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ أَحْرَمَ قَارِنًا فَلَزِمَهُ حُكْمُ الْقِرَانِ فِي الدَّمِ كَمَا لَوْ أَتَمَّ قِرَانَهُ.

[هَدْيُ مَنْ أَصَابَ أَهْلَهُ قَبْلَ أَنْ يُفِيضَ]

(ش) : قَوْلُهُ فِي الَّذِي وَقَعَ بِأَهْلِهِ بِمِنًى قَبْلَ أَنْ يُفِيضَ يَنْحَرُ بَدَنَةً يَقْتَضِي عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الرَّمْيِ بِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ أَوْ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ وَقَبْلَ الْإِفَاضَةِ وَأَمَّا إنْ أَصَابَهَا قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَشْهُورَ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّ حَجَّهُ يَفْسُدُ وَإِنْ كَانَ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّ عَلَيْهِ الْهَدْيَ مَعَ الْعُمْرَةِ.

(فَصْلٌ)

وَقَوْلُهُ يَنْحَرُ بَدَنَةً الْبَدَنَةُ أَرْفَعُ الْهَدْيِ لِأَنَّ الْهَدْيَ قَدْ يَكُونُ بَقَرَةً وَيَكُونُ شَاةً وَأَرْفَعُ ذَلِكَ الْبَدَنَةُ وَخَصَّهُ هَاهُنَا بِالْبَدَنَةِ لِعِظَمِ مَا أَتَى بِهِ.

ص (مَالِكٌ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَا أَظُنُّهُ إلَّا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: الَّذِي يُصِيبُ أَهْلَهُ قَبْلَ أَنْ يُفِيضَ يَعْتَمِرُ وَيُهْدِي مَالِكٌ أَنَّهُ سَمِعَ رَبِيعَةَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ فِي ذَلِكَ مِثْلَ قَوْلِ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ أَحَبُّ مَا سَمِعْت إلَيَّ فِي ذَلِكَ) .

(ش) : قَوْلُهُ الَّذِي يُصِيبُ أَهْلَهُ قَبْلَ أَنْ يُفِيضَ يَحْتَمِلُ مَا قُلْنَاهُ قَبْلَ هَذَا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الرَّمْيِ أَوْ بَعْدَهُ عَلَى التَّفْسِيرِ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَقَوْلُهُ يَعْتَمِرُ وَيُهْدِي هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>