للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَقْدِيمُ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سَالِمٍ وَعَبْدِ اللَّهِ ابْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ أَبَاهُمَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُقَدِّمُ أَهْلَهُ وَصِبْيَانَهُ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ إلَى مِنًى حَتَّى يُصَلُّوا الصُّبْحَ بِمِنًى وَيَرْمُوا قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ النَّاسُ) .

(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ سَمِعَ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَكْرَهُ رَمْيَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ وَمَنْ رَمَى فَقَدْ حَلَّ لَهُ النَّحْرُ) .

ــ

[المنتقى]

[تَقْدِيمُ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ]

(ش) : قَوْلُهُ كَانَ يُقَدِّمُ أَهْلَهُ وَصِبْيَانَهُ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ إلَى مِنًى السُّنَّةُ الْمَبِيتُ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَالْوُقُوفُ بِهَا بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ عَلَى مَا يَأْتِي ذِكْرُهُ وَتَفْسِيرُهُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(مَسْأَلَةٌ)

وَالْفَرْضُ مِنْ الْمَبِيتِ بِمِنًى النُّزُولُ فِيهَا وَالْمَقَامُ مِقْدَارَ مَا يَرَى أَنَّهُ مَقَامٌ فَمَنْ مَنَعَهُ مِنْ النُّزُولِ بِهَا مَانِعٌ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: عَلَيْهِ الدَّمُ وَهُوَ بَدَنَةٌ.

وَقَالَهُ مَالِكٌ وَإِنْ نَزَلَ بِهَا ثُمَّ ارْتَحَلَ عَنْهَا قَبْلَ الْفَجْرِ أَوَّلًا عَامِدًا أَوْ جَاهِلًا فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: يُجْزِئُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

(مَسْأَلَةٌ)

وَهَذَا لِمَنْ جَاءَهَا لَيْلًا فَأَمَّا مَنْ جَاءَهَا بَعْدَ الْفَجْرِ فَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: عَلَيْهِ الدَّمُ وَإِنْ كَانَ مِنْ ضَعَفَةِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ جَاءَهَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَنَزَلَ بِهَا فَقَدْ أَدْرَكَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَجَعَلَ مَا بَعْدَ الْفَجْرِ وَقْتًا لِلنُّزُولِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَإِنْ كَانَ النُّزُولُ عَرَى عَنْ الْمَبِيتِ بِهَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ:.

وَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّ الْوُقُوفَ بِالْمُزْدَلِفَةِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ وَلَمْ يَجِبْ بِتَرْكِهِ إلَّا الدَّمُ لَمْ يَقْوَ قُوَّةَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَيَجِبُ بِتَرْكِ تَوَابِعِهِ الدَّمُ وَمَنْ أَتَى بَعْدَ الْفَجْرِ فَنَزَلَ أَجْزَأَهُ عَنْ الْمَبِيتِ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَسَاءَ وَتَرَكَ الْأَفْضَلَ.

(فَصْلٌ)

وَقَوْلُهُ كَانَ يُقَدِّمُ أَهْلَهُ حَتَّى يُصَلِّيَ الصُّبْحَ بِمِنًى يَقْتَضِي أَنَّ التَّقَدُّمَ كَانَ قَبْلَ الصُّبْحِ وَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِمِقْدَارِ مَا يَأْتُونَ مِنًى لِصَلَاةِ الصُّبْحِ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ فَتَجِبُ صَلَاةُ الصُّبْحِ وَهُمْ بِهَا وَإِنَّمَا خَصَّ بِذَلِكَ نِسَاءَهُ وَصِبْيَانَهُ لِلضَّعْفِ عَنْ زَحْمَةِ النَّاسِ فَأَرَادَ بِذَلِكَ الرِّفْقَ بِهِمْ عَلَى حَسَبِ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ لَمَّا كَانَ التَّعْرِيسُ الَّذِي هُوَ فَرْضُ الْمَبِيتِ بِالْمُزْدَلِفَةِ قَدْ وُجِدَ مِنْهُمْ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا فَضِيلَةُ الْوُقُوفِ مَعَ الْإِمَامِ فَرَخَّصَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ لِضَعْفِهِمْ وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَيَرْمُوا قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ النَّاسُ.

ص (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ «عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ أَنَّ مَوْلَاةً لِأَسْمَاءِ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ أَخْبَرَتْهُ قَالَتْ جِئْتُ مَعَ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ مِنًى بِغَلَسٍ قَالَتْ: فَقُلْت لَهَا: لَقَدْ جِئْت مِنًى بِغَلَسٍ فَقَالَتْ: قَدْ كُنَّا نَصْنَعُ ذَلِكَ مَعَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْك» ) .

(ش) : قَوْلُهَا جِئْتُ مَعَ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ مِنًى بِغَلَسٍ يَحْتَمِلُ أَنْ تُرِيدَ بِهِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تُرِيدَ بِهِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَلِذَلِكَ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي الصُّبْحَ بِغَلَسٍ» وَإِنْكَارُ الْأَمَةِ عَلَيْهَا إتْيَانَهَا مِنًى بِغَلَسٍ لِمَا عَلِمْت أَنَّ السُّنَّةَ الْوُقُوفُ بِالْمُزْدَلِفَةِ إلَى الْأَسْفَارِ فَأَنْكَرَتْ عَلَيْهَا مُخَالَفَتَهَا جَمَاعَةَ الْحَاجِّ فِي ذَلِكَ فَأَعْلَمَتْهَا أَسْمَاءُ مَا عِنْدَهَا فِي ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّ النِّسَاءَ وَالضَّعَفَةَ قَدْ أُرْخِصَ لَهُمْ فِي التَّقَدُّمِ رِفْقًا بِهِنَّ فَقَالَتْ: كُنَّا نَصْنَعُ هَذَا مَعَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْك يَحْتَمِلُ أَنْ تُرِيدَ بِذَلِكَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدْ رُوِيَ عَنْهَا هَذَا الْحَدِيثُ مُسْنَدًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ تُرِيدَ بِهِ مَنْ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْخُلَفَاءِ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَلَعَلَّهَا أَرَادَتْ بِذَلِكَ الزُّبَيْرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

ص (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ كَانَ يُقَدِّمُ نِسَاءَهُ وَصِبْيَانَهُ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ إلَى مِنًى) ش قَوْلُهُ كَانَ يُقَدِّمُ نِسَاءَهُ وَصِبْيَانَهُ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ لَمْ يُبَيِّنْ وَقْتَ التَّقْدِيمِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَدَّمَهُمْ قَبْلَ الْفَجْرِ فَيُصَلُّوا بِمِنًى عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ أَسْمَاءَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَدَّمَهُمْ بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَبْلَ الْوُقُوفِ إلَّا أَنَّ الرِّفْقَ بِهِمْ أَبْلَغُ فِي تَقْدِيمِهِمْ قَبْلَ الْفَجْرِ لِأَنَّهُ أَخْلَى لَهُمْ وَأَمْكَنُ مِنْ أَنْ يُصَلُّوا مِنًى وَيَرْمُوا وَيَنْزِلُوا قَبْلَ تَضَايُقِ النَّاسِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(ش) : قَوْلُهُ سَمِعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>