للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رَمْيُ الْجِمَارِ ص (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَقِفُ عِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ وُقُوفًا طَوِيلًا حَتَّى يَمَلَّ الْقِيَامَ) .

ص (مَالِكٌ أَنَّهُ سَمِعَ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ: الْحَصَى الَّذِي يَرْمِي بِهِ الْجِمَارَ مِثْلُ حَصَى الْخَذْفِ قَالَ مَالِكٌ: وَأَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ قَلِيلًا أَعْجَبُ إلَيَّ) .

ــ

[المنتقى]

[رَمْيُ الْجِمَارِ]

قَوْلُهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَقِفُ عِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ يُرِيدُ الْأُولَتَيْنِ وُقُوفًا طَوِيلًا يُرِيد أَنَّهُ كَانَ يَقِفُ عِنْدَهُمَا بَعْدَ الرَّمْيِ لِلدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ وُقُوفًا طَوِيلًا حَتَّى يَمَلَّ الْقِيَامَ بِقِيَامِهِ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ وَالْقِيَامُ عِنْدَ تَيْنِكَ الْجَمْرَتَيْنِ بِأَثَرِ رَمْيِهِمَا مَشْرُوعٌ وَيُسْتَحَبُّ طُولُ الْقِيَامِ عِنْدَهُمَا لِلدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ.

ص (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقِفُ عِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ وُقُوفًا طَوِيلًا يُكَبِّرُ اللَّهَ وَيُسَبِّحُهُ وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُو اللَّهَ وَلَا يَقِفُ عِنْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ) قَوْلُهُ يَقِفُ عِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ هُمَا اللَّتَانِ يَلِيَانِ مَسْجِدَ الْخَيْفِ وَإِنَّمَا سُمِّيَتَا الْأُولَتَيْنِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَبْدَأُ بِالرَّمْيِ مِنْ الْجَمْرَةِ الْأُولَى وَهِيَ الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ الْخَيْفِ ثُمَّ بِالْوُسْطَى وَهِيَ الَّتِي تَلِيهَا ثُمَّ بِالْقُصْوَى وَهِيَ الَّتِي تَلِي الْعَقَبَةَ فَشُرِعَ الْوُقُوفُ عِنْدَ الْأُولَى وَالْوُسْطَى وَلَمْ يُشْرَعْ عِنْدَ الْآخِرَةِ وَهِيَ جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ وَمَوْضِعُ الْوُقُوفِ عِنْدَ الْأُولَى إلَّا أَنْ يَتَقَدَّمَ أَمَامَهَا ثُمَّ يَقِفُ إلَى جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَيَرْمِيهَا وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا كَذَلِكَ يَفْعَلُ أَيَّامَ مِنًى كُلَّهَا رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي مُخْتَصَرِهِ عَنْ مَالِكٍ وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا رَمَى الْجَمْرَةَ الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ مِنًى يَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ كُلَّمَا رَمَى بِحَصَاةٍ ثُمَّ يَتَقَدَّمُ أَمَامَهَا فَيَقِفُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ رَافِعًا يَدْعُو وَكَانَ يُطِيلُ الْوُقُوفَ ثُمَّ يَأْتِي الْجَمْرَةَ الثَّانِيَةَ فَيَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ كُلَّمَا رَمَى بِحَصَاةٍ ثُمَّ يَنْحَدِرُ ذَاتَ الْيَسَارِ مِمَّا يَلِي الْوَادِي فَيَقِفُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ رَافِعًا يَدَيْهِ يَدْعُو ثُمَّ يَأْتِي الْجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَ الْعَقَبَةِ فَيَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ عِنْدَ كُلِّ حَصَاةٍ ثُمَّ يَنْصَرِفُ وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا» وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ مَوْضِعَ الْجَمْرَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ فِيهِ سَعَةٌ لِلْقِيَامِ لِلدُّعَاءِ وَلِمَنْ يَرْمِي وَأَمَّا جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ فَمَوْضِعُهَا ضَيِّقٌ لِلْوُقُوفِ عِنْدَهَا لِلدُّعَاءِ لَا لِامْتِنَاعِ الرَّمْيِ عَلَى مَنْ يُرِيدُ الرَّمْيَ وَلِذَلِكَ الَّذِي يَرْمِيهَا لَا يَنْصَرِفُ عَلَى طَرِيقِهِ وَإِنَّمَا يَنْصَرِفُ مِنْ أَعْلَى الْجَمْرَةِ وَلَوْ انْصَرَفَ مِنْ طَرِيقِهِ ذَلِكَ لَمَنَعَ مَنْ يَأْتِي الرَّمْيَ.

(فَصْلٌ)

وَبَيَّنَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ وُقُوفَهُ عِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ إنَّمَا هُوَ لِلتَّكْبِيرِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالدُّعَاءِ وَلِذَلِكَ اُسْتُحِبَّ فِيهِ التَّطْوِيلُ وَذَلِكَ قَدْرُ قُوَّةِ النَّاسِ وَطَاقَتِهِمْ.

ص (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُكَبِّرُ عِنْدَ رَمْيِ الْجَمْرَةِ كُلَّمَا رَمَى بِحَصَاةٍ) ش قَوْلُهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُكَبِّرُ عِنْدَ رَمْيِ الْجَمْرَةِ كُلَّمَا رَمَى بِحَصَاةٍ وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَ التَّكْبِيرُ مَشْرُوعًا عِنْدَ الرَّمْيِ فَإِنَّهُ يَتَكَرَّرُ عِنْدَ كُلِّ رَمْيَةٍ وَكَذَلِكَ كُلُّ عِبَادَةٍ شُرِعَ فِيهَا التَّكْبِيرُ فَإِنَّهُ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ مَحِلِّهِ كَالِانْتِقَالِ مِنْ رُكْنٍ إلَى رُكْنٍ فِي الصَّلَاةِ وَشِعَارُ الْحَجِّ مَوَاضِعُ تَعْظِيمٍ لِلَّهِ وَتَكْبِيرٍ.

وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رُوِيَ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ» .

(مَسْأَلَةٌ)

وَخَصَّ التَّكْبِيرَ بِهَذَا مِنْ بَيْنِ سَائِرِ أَلْفَاظِ الذِّكْرِ لِفِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا خُصَّتْ الصَّلَاةُ فَإِنْ سَبَّحَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَا سَمِعْت فِيهِ شَيْئًا وَالسُّنَّةُ التَّكْبِيرُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَاَلَّذِي عِنْدِي أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ قَدْ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ فِيمَنْ رَمَى وَلَمْ يُكَبِّرْ هُوَ مُجْزِئٌ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ ذِكْرٌ مَشْرُوعٌ فِي أَثْنَاءِ الْحَجِّ كَسَائِرِ الْأَذْكَارِ وَالْأَدْعِيَةِ.

ش قَوْلُهُ الْحَصَى الَّذِي يَرْمِي بِهِ الْجِمَارَ مِثْلُ حَصَى الْخَذْفِ يُرِيدُ أَنَّ الْحَصَى الْمَشْرُوعَ رَمْيُهُ مِثْلُ حَصَى

<<  <  ج: ص:  >  >>