للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْإِفَاضَةُ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَطَبَ النَّاسَ بِعَرَفَةَ وَعَلَّمَهُمْ أَمْرَ الْحَجِّ وَقَالَ لَهُمْ فِيمَا قَالَ: إذَا جِئْتُمْ مِنًى فَمَنْ رَمَى الْجَمْرَةَ فَقَدْ حَلَّ لَهُ مَا حَرُمَ عَلَى الْحَاجِّ إلَّا النِّسَاءَ وَالطِّيبَ لَا يَمَسُّ أَحَدٌ نِسَاءً وَلَا طِيبًا حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ)

ــ

[المنتقى]

يَضَعَ الْحَصَى وَضْعًا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكَذَلِكَ لَا يَطْرَحُهُ طَرْحًا فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يُجْزِئْهُ وَلَكِنْ يَرْمِيهِ رَمْيًا وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الشَّرْعَ إنَّمَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ بِالرَّمْيِ وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَفْعَالُهُ عَلَى الْوُجُوبِ.

(مَسْأَلَةٌ)

فَإِذَا قُلْنَا: إنَّهُ يَرْمِيهَا فِي سَبْعِ مَرَّاتٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يُوَالِيَ ذَلِكَ وَلَا يَنْتَظِرُ بَيْنَ كُلِّ حَصَاتَيْنِ لِأَنَّ الْمُوَالَاةَ مَشْرُوعَةٌ فِيهَا.

(فَصْلٌ)

وَقَوْلُهُ لِيَرْمِ أَيَّ سَاعَةٍ ذَكَرَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يُؤَخِّرُ رَمْيَهَا عَنْ وَقْتِ ذِكْرِهَا لِأَنَّهَا عِبَادَةُ فِعْلٍ يَتَعَلَّقُ بِوَقْتٍ فَإِذَا فَاتَ وَقْتُ أَدَائِهَا لَزِمَ تَعْجِيلُ قَضَائِهِ كَصَلَاةِ الْفَرْضِ وَلِذَلِكَ احْتَجَّ مَالِكٌ عَلَى تَعْجِيلِ قَضَائِهَا أَيَّ وَقْتٍ ذَكَرَ ذَلِكَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ بِمَا يَلْزَمُ تَعْجِيلُ الصَّلَاةِ مَتَى ذَكَرَهَا مَنْ نَسِيَهَا مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ.

(فَصْلٌ)

وَقَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا صَدَرَ وَهُوَ بِمَكَّةَ أَوْ بَعْدَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ يُرِيدُ بَعْدَ مَا صَدَرَ مِنْ مِنًى وَذَلِكَ يَكُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنْ يَفُوتَ وَقْتُ الرَّمْيِ بِمَغِيبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَالثَّانِي مِثْلُ أَنْ يَفُوتَ وَقْتُ الرَّمْيِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ فَاتَ وَقْتُ الرَّمْيِ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْهَدْيُ لِمَا فَاتَهُ مِنْ الرَّمْيِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَفُتْ وَقْتُ الرَّمْيِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ فَيَرْمِي مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ الرَّمْيِ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّ عَلَيْهِ الدَّمَ لِأَنَّهُ رَمَى بَعْدَ النَّفْرِ وَقَوْلُ مَالِكٍ يَحْتَمِلُ الْوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يُرِيدَ بَيَانَ وُجُوبِ الْهَدْيِ عَلَى مَنْ نَفَرَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ سَوَاءٌ رَجَعَ لَهُ فِيمَا تَرَكَ أَوْ لَمْ يَرْجِعْ وَلِذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْ الْفَوَاتَ وَلَا الرُّجُوعَ وَالْإِدْرَاكَ وَالثَّانِي أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ أَنَّ مَنْ صَدَرَ وَفَاتَهُ الرَّمْيُ لِفَوَاتِ وَقْتِ الْقَضَاءِ أَنَّ عَلَيْهِ الْهَدْيَ وَأَنَّ مَنْ لَمْ يَفُتْهُ ذَلِكَ فَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأُحْكَمُ.

[الْإِفَاضَةُ]

(ش) : قَوْلُهُ خَطَبَ النَّاسَ بِعَرَفَةَ يُرِيدُ يَوْمَ عَرَفَةَ وَخُطْبَتُهُ لَيْسَتْ لِلصَّلَاةِ وَإِنَّمَا هِيَ لِتَعْلِيمِ الْحَاجِّ وَلِذَلِكَ قَالَ: وَعَلَّمَهُمْ أَمْرَ الْحَجِّ يُرِيدُ أَنَّهُ عَلَّمَهُمْ مِنْ أَحْكَامِهِ مَا يَسْتَقْبِلُونَهُ مِنْ الْمَبِيتِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَجَمْعِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِهَا وَالْوُقُوفِ بِهَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَالدَّفْعِ مِنْهَا إلَى مِنًى وَرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ الذَّبْحِ وَالنَّحْرِ ثُمَّ الْحِلَاقِ ثُمَّ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ لِمَنْ أَرَادَ تَعْجِيلَهُ أَوْ تَأْخِيرَهُ ثُمَّ الْمَبِيتِ بِمِنًى وَرَمْيِ الْجِمَارِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَحُكْمِ التَّعْجِيلِ وَالتَّأْخِيرِ وَالنَّفْرِ وَالتَّحْصِيبِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إذَا جِئْتُمْ مِنًى فَمَنْ رَمَى الْجَمْرَةَ فَقَدْ حَلَّ لَهُ مَا حَرُمَ عَلَى الْحَاجِّ إلَّا النِّسَاءَ وَالطِّيبَ يُرِيدُ أَنَّ أَوَّلَ التَّحَلُّلِ رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَمَنْ رَمَاهَا اسْتَحَلَّ بِهَا إلْقَاءَ التَّفَثِ وَلُبْسَ الثِّيَابِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ إلَّا النِّسَاءَ وَالطِّيبَ فَأَمَّا النِّسَاءُ فَلَا خِلَافَ فِي بَقَاءِ تَحْرِيمِهِنَّ حَتَّى يَطُوفَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الطِّيبُ فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي إبَاحَتِهِ فَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ مَالِكٌ وَأَجَازَهُ غَيْرُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِذَا ثَبَتَ مَنْعُهُ فَمَنْ تَطَيَّبَ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّهُ قَدْ وُجِدَ مِنْهُ بَعْضُ التَّحَلُّلِ بِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَلِأَنَّهُ مِمَّا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي إبَاحَتِهِ وَبِذَلِكَ فَارَقَ إصَابَةَ النِّسَاءِ فَإِنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَى الْمَنْعِ مِنْهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَمْ يَذْكُرْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِمِنًى تَحْرِيمَ الصَّيْدِ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُقِيمَ بِهَا مُقِيمٌ بِالْحَرَمِ وَالصَّيْدُ مَمْنُوعٌ فِيهِ لِلْحَلَالِ فَلَا يَسْتَبِيحُهُ لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَلَا غَيْرِهِ وَإِنَّمَا تَكَلَّمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>