للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ جَهِلَ فَحَلَقَ رَأْسَهُ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ الْجَمْرَةَ افْتَدَى) .

مَا يَفْعَلُ مَنْ نَسِيَ مِنْ نُسُكِهِ شَيْئًا (ص) : (مَالِكٌ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي تَمِيمَةَ السِّخْتِيَانِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: مَنْ نَسِيَ مِنْ نُسُكِهِ شَيْئًا أَوْ تَرَكَهُ فَلْيُهْرِقْ دَمًا قَالَ أَيُّوبُ: لَا أَدْرِي أَقَالَ: تَرَكَ أَوْ نَسِيَ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ: مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ هَدْيًا فَلَا يَكُونُ إلَّا بِمَكَّةَ وَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ نُسُكًا فَهُوَ يَكُونُ حَيْثُ أَحَبَّ صَاحِبُ النُّسُكِ) .

ــ

[المنتقى]

فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ أَنَّ مَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ عَلَى مَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّ حُكْمَ النِّسْيَانِ وَالْعَمْدِ فِيمَا يَعُودُ إلَى إمَاطَةِ الْأَذَى وَإِلَى مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ كُلِّهَا سَوَاءٌ وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَى ذَلِكَ بِمَا يُغْنِي عَنْ إعَادَتِهِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَحْلِقَ مَوْضِعَ الْمَحَاجِمِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَحْلِقَ ذَلِكَ لِلِاحْتِجَامِ إلَّا لِلضَّرُورَةِ لِأَنَّ إمَاطَةَ الْأَذَى لَا تُفْعَلُ وَإِنْ فَدَى إلَّا لِضَرُورَةٍ وَالثَّانِي أَنَّ حَلْقَ الشَّعْرِ فِي الْجُمْلَةِ مَحْظُورٌ عَلَى الْمُحْرِمِ وَإِنَّ هَذَا مِنْ جُمْلَتِهِ فَأَخْبَرَ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ سَائِرِ شَعْرِ الْجَسَدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ: إنَّ مَنْ جَهِلَ فَحَلَقَ رَأْسَهُ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ الْجَمْرَةَ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ لِأَنَّهُ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَتَحَلَّلَ مِنْ شَيْءٍ مِنْ إحْرَامِهِ وَأَوَّلُ التَّحَلُّلِ رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَإِذَا رَمَاهَا فَقَدْ وُجِدَ مِنْهُ تَحَلُّلٌ مِنْ إحْرَامِهِ وَإِذَا لَمْ يَرْمِ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ تَحَلُّلٌ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْحَلْقُ وَكَذَلِكَ رُوِيَ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ ثُمَّ نَحَرَ هَدْيَهُ ثُمَّ حَلَقَ» وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ بِمَا يُغْنِي عَنْ إعَادَتِهِ.

[مَا يَفْعَلُ مَنْ نَسِيَ مِنْ نُسُكِهِ شَيْئًا]

(ش) : قَوْلُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَنْ تَرَكَ مِنْ نُسُكِهِ شَيْئًا أَوْ نَسِيَهُ فَلْيُهْرِقْ دَمًا يُرِيدُ مِمَّا هُوَ مَشْرُوعٌ فِي نُسُكِهِ وَذَلِكَ أَنَّ النُّسُكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ: ضَرْبٌ هُوَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِهِ وَهُوَ الْإِحْرَامُ وَالطَّوَافُ وَالسَّعْيُ فِي الْعُمْرَةِ، وَفِي الْحَجِّ الْإِحْرَامُ وَالطَّوَافُ وَالسَّعْيُ وَالْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ هَذَا عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَزَادَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ رَمْيَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ فَهَذَا مَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْهُ لَمْ يَصِحَّ نُسُكُهُ وَكَانَ عَلَيْهِ إتْمَامُهُ وَلَا يُجْزِئُهُ عَنْهُ دَمٌ وَلَا غَيْرُهُ وَضَرْبٌ ثَانٍ وَهُوَ مُوجِبَاتُ الْحَجِّ وَلَيْسَ بِرُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِهِ كَالْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ لِمَنْ مَرَّ بِهِ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ وَطَوَافِ الْوُرُودِ لِغَيْرِ الْمُرَاهِقِ وَالْمَبِيتِ بِالْمُزْدَلِفَةِ لِلْحَاجِّ وَرَمْيِ الْجِمَارِ كُلِّهَا عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ أَوْ رَمْيِ الْجِمَارِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ مَذْهَبِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَالْمَبِيتِ بِمِنًى لَيَالِي مِنًى فَهَذِهِ الَّتِي أَرَادَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ بِقَوْلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ.

وَقَدْ تَأَوَّلَ مَالِكٌ فِي ذَلِكَ وَفِيمَا يُوجِبُ الْفِدْيَةَ مِنْ اللِّبَاسِ وَالطِّيبِ وَمَا يَجْرِي مَجْرَى ذَلِكَ مِمَّا سَيَأْتِي بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ لَيْسَتْ مِنْ وَاجِبَاتِ الْحَجِّ وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ أَحْكَامِهِ الْمَشْرُوعَةِ فِيهِ عَلَى وَجْهِ النَّدْبِ وَالِاسْتِحْبَابِ كَالْخُرُوجِ إلَى مِنًى يَوْمَ التَّرْوِيَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ وَصَلَاةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِهَا وَصَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَالْمَبِيتِ بِهَا ثُمَّ صَلَاةِ الصُّبْحِ بِهَا يَوْمَ عَرَفَةَ وَالْمُقَامِ بِالْمُزْدَلِفَةِ حَتَّى يُصْبِحَ وَتَقْدِيمِ الرَّمْيِ عَلَى الذَّبْحِ وَتَقْدِيمِ الذَّبْحِ عَلَى الْحِلَاقِ وَرَمْيِ الْجَمْرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ أَعْلَاهُمَا وَالْوُقُوفِ عِنْدَهُمَا وَمَا جَرَى مَجْرَى ذَلِكَ فَهَذِهِ كُلُّهَا مَشْرُوعٌ الْإِتْيَانُ بِهَا مَنْدُوبٌ إلَيْهَا فَمَنْ تَرَكَهَا أَوْ نَسِيَهَا فَقَدْ تَرَكَ الْأَفْضَلَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ دَمٌ وَلَا غَيْرُهُ.

(ش) : قَوْلُهُ مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ هَدْيًا يُرِيدُ أَنَّ مَا يَلْزَمُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مِنْ الْهَدْيِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ فِي الْحَدِيثِ قَبْلَ هَذَا فَلَا يَكُونُ إلَّا بِمَكَّةَ لِأَنَّ الْهَدَايَا لَا تَكُونُ إلَّا بِمَكَّةَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: ٩٥] فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْحَرَ هَدْيًا إلَّا بِمِنًى أَوْ بِمَكَّةَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.

١ -

وَقَوْلُهُ وَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ نُسُكًا فَهُوَ يَكُونُ حَيْثُ أَحَبَّ صَاحِبُ النُّسُكِ يُرِيدُ بِقَوْلِهِ هَاهُنَا النُّسُكُ فِدْيَةُ الْأَذَى

<<  <  ج: ص:  >  >>