للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالُوا: هُوَ مِنْهَا فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: أَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْهَا فَقَالُوا: إنَّهُ قَدْ كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهَا بَعْدَك أَمْرٌ فَخَرَجَ أَبُو سَعِيدٍ فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ فَأُخْبِرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: نَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيّ بَعْدَ ثَلَاثٍ فَكُلُوا أَوْ تَصَدَّقُوا وَادَّخِرُوا وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ الِانْتِبَاذِ فَانْتَبِذُوا كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا وَلَا تَقُولُوا هُجْرًا يَعْنِي لَا تَقُولُوا سُوءًا» )

ــ

[المنتقى]

(ش) : قَوْلُ أَبِي سَعِيدٍ لَمَّا قُدِّمَ إلَيْهِ اللَّحْمُ اُنْظُرُوا أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيّ عَلَى وَجْهِ التَّحَرُّزِ وَالِاحْتِيَاطِ لِدِينِهِ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَأْكُلُ فِي انْصِرَافِهِ مِنْ مِنًى إلَّا الزَّيْتَ خَوْفًا مِنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيّ الَّتِي كَانَ يَعْتَقِدُ اسْتِدَامَةَ الْمَنْعِ فِيهَا وَكَذَلِكَ يَجِبُ لِلْمُتَحَفِّظِ بِدِينِهِ أَنْ يَسْأَلَ وَيَبْحَثَ إنْ كَثُرَ الْمَحْظُورُ فَإِذَا كَانَ شَاذًّا جَازَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْأَغْلَبِ.

(فَصْلٌ) :

قَوْلُهُ لَمَّا ذُكِرَ لَهُ أَنَّهَا مِنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيّ أَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْهَا إنْكَارٌ لِتَقْدِيمِهَا إلَيْهِ بَعْدَ عِلْمِهِمْ بِأَنَّهُ مِمَّا نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ بِوَجْهِ الْأَمْرِ وَهُوَ مَا حَدَثَ مِنْ نَسْخِ مَا عَلِمَ مِنْ الْحَظْرِ بِالْإِبَاحَةِ وَقَوْلُهُمْ أَمْرٌ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونُوا فَسَّرُوا لَهُ مَعْنَى الْأَمْرِ فَأَرَادَ أَنْ يَحْتَاطَ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ مَنْ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ بِقَوْلِ مَنْ هُوَ أَفْقَهُ وَأَفْهَمُ وَأَعْلَمُ بِتَأْوِيلِ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِمَّنْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ قِيلَ لَهُ قَدْ حَدَثَ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ أَمْرٌ وَلَمْ يُفَسَّرْ لَهُ ذَلِكَ الْأَمْرُ وَإِنْ كَانَ أُخْبِرَ بِأَنَّهُ مَعْنًى يَقْتَضِي الْإِبَاحَةَ فَخَرَجَ يَسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ الْأَمْرِ وَتَفْسِيرِهِ فَأُخْبِرَ بِهِ وَهُوَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «نَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيّ بَعْدَ ثَلَاثٍ فَكُلُوا وَادَّخِرُوا» يُرِيدُ أَنَّهُ أَطْلَقَ لَهُمْ الْأَكْلَ بَعْدَ الثَّلَاثِ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ الِانْتِبَاذِ فَانْتَبِذُوا وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» يَأْتِي فِي كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا وَلَا تَقُولُوا هُجْرًا» يَعْنِي لَا تَقُولُوا سُوءًا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْهَرَوِيُّ: الْهُجْرُ الْفُحْشُ وَالْهَجْرُ بِفَتْحِ الْهَاءِ الْهَذَيَانُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَحْنُونٍ فِي شَرْحِ الْمُوَطَّأِ لَا تَقُولُوا هُجْرًا لَا تَدْعُوا بِالْوَيْلِ وَالْحَرْبِ وَالْعَوِيلِ أَوْ تَقُولُوا مَا يُسْخِطُ اللَّهَ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي رِوَايَةِ عَلِيٍّ: لَا تَقُولُوا هُجْرًا لَا تَقُولُوا سُوءًا قَالَ مُحَمَّدٌ وَغَيْرُنَا يَقْرَؤُهَا لَا تُعْرُوا هُجْرًا.

[الشَّرِكَةُ فِي الضَّحَايَا وَعَنْ كَمْ تُذْبَحُ الْبَقَرَةُ وَالْبَدَنَةُ] ١

ُ قَوْلُهُ وَعَنْ كَمْ تُذْبَحُ الْبَقَرَةُ وَالْبَدَنَةُ يُرِيدُ وَتُنْحَرُ الْبَدَنَةُ وَسَيَأْتِي بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِ الذَّبَائِحِ وَلَكِنَّهُ عَطَفَ تَذْكِيَةَ الْبَدَنَةِ عَلَى تَذْكِيَةِ الْبَقَرَةِ بِلَفْظِ الذَّبْحِ لَمَّا كَانَ الْمَعْنَى وَاحِدًا فِي التَّذْكِيَةِ.

ص (مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ «نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ» ) .

(ش) : قَوْلُهُ نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ يَقْتَضِي أَنَّ الْبُدْنَ وَالْبَقَرَ تُنْحَرُ وَسَيَأْتِي بَعْدَ هَذَا مُفَسَّرًا فِي كِتَابِ الذَّبَائِحِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَّا مَا ذُكِرَ مِنْ ذَبْحِ الْوَاحِدَةِ مِنْ ذَلِكَ عَنْ سَبْعَةٍ فَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي تَأْوِيلِهِ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي الْهَدَايَا الْوَاجِبَةِ وَلَا فِي الضَّحَايَا أَنْ يَشْتَرِكَ جَمَاعَةٌ فِي ثَمَنِ الْأُضْحِيَّةِ أَوْ الْبَدَنَةِ فَيَشْتَرُونَهَا بِالثَّمَنِ الْمُشْتَرَكِ ثُمَّ يَذْبَحُونَهَا أَوْ يَنْحَرُونَهَا فَأَمَّا هَدْيُ التَّطَوُّعِ فَالْمَشْهُورُ عَنْهُ أَنَّ الِاشْتِرَاكَ فِيهِ غَيْرُ جَائِزٍ وَحَكَى الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ وَيَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ أَنْ تَكُونَ الْأُضْحِيَّةُ لِرَجُلٍ وَاحِدٍ فَيَذْبَحَهَا عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَمَنْ فِي عِيَالِهِ وَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِكَ سَبْعَةٌ فِي ثَمَنِ الْهَدْيِ وَالْأُضْحِيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>