للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) كِتَابُ الذَّبَائِحِ مَا جَاءَ فِي التَّسْمِيَةِ عَلَى الذَّبِيحَةِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ يَأْتُونَنَا بِلُحْمَانٍ وَلَا نَدْرِي هَلْ سَمَّوْا اللَّهَ عَلَيْهَا أَمْ لَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: سَمُّوا اللَّهَ عَلَيْهَا ثُمَّ كُلُوا» قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ) .

ــ

[المنتقى]

أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَيَأْكُلُ أَهْلُهَا مِنْ لَحْمِهَا وَيَتَصَدَّقُونَ مِنْهَا أَمَّا أَكْلُ النَّاسِكِ بِهَا مِنْ لَحْمِهَا فَلِأَنَّهَا ذَبِيحَةٌ مَشْرُوعَةٌ كَمُشْتَرَكِ الْأُضْحِيَّةِ وَكَذَلِكَ وَجْهُ التَّصَدُّقِ مِنْهَا.

وَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ: لَا بَأْسَ بِالْأَكْلِ مِنْهَا وَالْإِطْعَامِ مِنْ غَيْرِ حَدٍّ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَصِفَةُ الْإِطْعَامِ مِنْهَا فِي الْعُتْبِيَّةِ لَيْسَ الشَّأْنُ عِنْدَنَا دُعَاءَ النَّاسِ إلَى طَعَامِهَا وَلَكِنْ يَأْكُلُ أَهْلُ الْبَيْتِ وَالْجِيرَانُ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ: يَغْرِفُ مِنْهُ الْجِيرَانُ قَالَ مَالِكٌ: فَأَمَّا أَنْ يَدْعُوَ إلَيْهِ الرِّجَالَ فَإِنِّي أَكْرَهُ الْفَخْرَ.

وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَبْسُوطِ: عَقَقْت عَنْ وَلَدِي وَذَبَحْت مَا أُرِيدُ أَنْ أَدْعُوَ إلَيْهِ إخْوَانِي وَغَيْرَهُمْ وَهَيَّأْت طَعَامَهُمْ ثُمَّ ذَبَحْت ضُحًى شَاةَ الْعَقِيقَةِ فَأَهْدَيْت مِنْهَا لِلْجِيرَانِ وَأَكَلَ مِنْهَا أَهْلُ الْبَيْتِ وَكَسَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ عِظَامِهَا فَطَبَخْت فَدَعَوْنَا إلَيْهَا الْجِيرَانَ فَأَكَلُوا وَأَكَلْنَا قَالَ مَالِكٌ: فَمَنْ وَجَدَ سَعَةً فَأُحِبُّ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ هَذَا وَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَذْبَحْ عَقِيقَةً ثُمَّ لِيَأْكُلَ وَلِيُطْعِمَ مِنْهَا وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا عَلَّلَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِلْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ بِالْفَخْرِ وَمَا قَالَهُ يَقْتَضِي أَنَّ سُنَّةَ الْعَقِيقَةِ أَنْ يُطْعِمَ مِنْهُ النَّاسَ فِي مَوَاضِعِهِمْ لِأَنَّهَا نُسُكٌ كَالْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ فَإِنْ فَضَلَ مِنْهَا شَيْءٌ وَأَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ إلَيْهِ مَنْ يَخُصُّهُ مِنْ جَارٍ أَوْ صَدِيقٍ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ كَالْأُضْحِيَّةِ وَأَمَّا طَعَامُ الصَّنِيعِ وَهُوَ الْأَعْذَارُ فَلَيْسَ مِنْ سُنَّةِ الضَّحَايَا وَلَا الْعَقِيقَةِ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ أَدَاءِ سُنَّةِ الْعَقِيقَةِ فَلْيَفْعَلْ وَمَنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْعَقِيقَةِ فَلْيُجْرِهَا عَلَى سُنَّتِهَا قَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ أَنَّ صَاحِبَ الْعَقِيقَةِ أَكَلَهَا لَمْ أَرَ بِذَلِكَ بَأْسًا وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا بِسُنَّةِ الْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا} [الحج: ٢٨] الْآيَةُ.

(فَصْلٌ) وَقَوْلُهُ وَلَا يُمَسُّ الصَّبِيُّ بِشَيْءٍ مِنْ دَمِهَا مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَخْضِبُونَ بَطْنَهُ يَوْمَ الْعَقِيقَةِ فَإِذَا حَلَقُوا الصَّبِيَّ وَضَعُوهَا عَلَى رَأْسِهِ فَوَرَدَ الشَّرْعُ أَنْ يَجْعَلُوا مَكَانَ الدَّمِ خَلُوقًا فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُخَلَّقَ بِالْخَلُوقِ رَأْسُ الصَّبِيِّ بَدَلًا مِنْ الدَّمِ الَّذِي كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا بَأْسَ بِالْخَلُوقِ بَدَلًا مِنْ الدَّمِ الَّذِي كَانَتْ تَفْعَلُهُ الْجَاهِلِيَّةُ وَذَلِكَ مُبَاحٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

[كِتَابُ الذَّبَائِحِ]

[مَا جَاءَ فِي التَّسْمِيَةِ عَلَى الذَّبِيحَةِ]

(ش) : قَوْلُهُ «يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ نَاسًا يَأْتُونَنَا بِلُحْمَانٍ وَلَا نَدْرِي هَلْ سَمَّوْا اللَّهَ عَلَيْهَا أَمْ لَا» وَإِقْرَارُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُمْ هَذَا السُّؤَالَ وَمُجَاوَبَتُهُ إيَّاهُمْ بِمَا جَاوَبَهُمْ بِهِ دَلِيلٌ عَلَى اعْتِبَارِ التَّسْمِيَةِ فِي الذَّبْحِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلتَّسْمِيَةِ فِي ذَلِكَ حُكْمٌ لَقَالَ لَهُمْ وَمَا عَلَيْكُمْ مِنْ التَّسْمِيَةِ سَمَّوْا أَوْ لَمْ يُسَمَّوْا سَوَاءٌ كَمَا أَنَّ الْعَجْنَ وَالطَّبْخَ وَالزِّرَاعَةَ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لِلتَّسْمِيَةِ تَأْثِيرٌ فِيهَا لَمْ يَكُنْ لِلسُّؤَالِ عَمَّنْ فَعَلَ ذَلِكَ أَوْ تَرَكَهُ وَجْهٌ وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي تَأْثِيرِ التَّسْمِيَةِ فِي الذَّبِيحَةِ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ تَعَمَّدَ تَرْكَ التَّسْمِيَةِ عَلَى الذَّبِيحَةِ لِمَنْ تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ فَإِنْ تَرَكَهَا نَاسِيًا أُكِلَتْ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَقَالَ أَشْهَبُ: تُؤْكَلُ إلَّا أَنْ يَتْرُكَ ذَلِكَ مُسْتَخِفًّا وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بْنُ الْجَهْمِ وَالْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>