للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

الصَّغِيرَيْنِ اللَّذَيْنِ لَا يَصِحُّ قَطْعُ الْأَوْدَاجِ بِهِمَا فَعَلَى هَذَا فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الذَّكَاةُ بِسِنٍّ وَلَا ظُفْرٍ مُتَّصِلٍ وَلَا مُنْفَصِلٍ وَهِيَ الرِّوَايَةُ الَّتِي حَكَاهَا الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّهُ تَجُوزُ الذَّكَاةُ بِهِمَا مُنْفَصِلَيْنِ وَمُتَّصِلَيْنِ وَهَذَا الظَّاهِرُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَبْسُوطِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي أَبِي الْحَسَنِ وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ تَجُوزُ الذَّكَاةُ بِهِمَا مُنْفَصِلَيْنِ وَلَا تَجُوزُ الذَّكَاةُ بِهِمَا مُتَّصِلَيْنِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى أَصَحُّهَا عِنْدِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَرَأَيْت الْقَاضِيَ أَبَا الْحَسَنِ قَدْ شَرَطَ فِي صِفَةِ مَا يُذَكَّى بِهِ أَنْ يَفْرِيَ الْأَوْدَاجَ وَالْحُلْقُومَ فِي دَفْعَةٍ وَاحِدَةٍ قَالَ: وَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ لَا يَفْرِي الْحُلْقُومَ وَالْوَدَجَ إلَّا فِي دَفَعَاتٍ فَلَا تَجُوزُ الذَّكَاةُ بِهِ قَالَ: وَلَوْ وُجِدَ هَذَا مِنْ السِّكِّينِ لَمَنَعْنَا مِنْهُ وَرَأَيْت ابْنَ حَبِيبٍ قَدْ قَالَ فِي الْمِنْجَلِ الْمُضَرَّسِ: لَا خَيْرَ فِي الذَّكَاةِ بِهِ لِأَنَّهُ يَبْرُدُ وَلَا أَخَالُهُ يَقْطَعُ كَمَا تَقْطَعُ الشَّفْرَةُ إذَا رَعَدَتْ بِهِ الْيَدُ لِلْإِجْهَازِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: قَوْلُهُ وَلَا مُرَدَّدٍ يَعْنِي أَنْ يَرْفَعَ يَدَهُ ثُمَّ يَرُدَّهَا وَلَكِنْ يُجْهِزُ أَوَّلَ مَا يَضَعُ يَدَهُ وَلَعَلَّ الْقَاضِيَ أَبَا الْحَسَنِ قَدْ أَرَادَ هَذَا فَأَمَّا تَرْدِيدُ الْيَدِ مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ فَلَا بُدَّ لِلذَّابِحِ مِنْهُ فِي الْأَغْلَبِ.

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي صِفَةِ الذَّكَاةِ] ١

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي صِفَةِ الذَّكَاةِ) قَالَ مُحَمَّدٌ فِي كِتَابِهِ: السُّنَّةُ أَخْذُ الشَّاةِ بِرِفْقٍ وَتُضْجَعُ عَلَى شِقِّهَا الْأَيْسَرِ وَرَأْسُهَا مُشَرِّقٌ وَتَأْخُذُ بِيَدِك الْيُسْرَى جِلْدَةَ حَلْقِهَا مِنْ اللَّحْيِ الْأَسْفَلِ بِالصُّوفِ فَتَمُدُّهُ حَتَّى تَتَبَيَّنَ الْبَشَرَةُ وَمَوْضِعُ السِّكِّينِ فِي الْمَذْبَحِ حَيْثُ تَكُونَ الْجَوْزَةُ ثُمَّ تُسَمِّي اللَّهَ تَعَالَى وَتَمُدُّ السِّكِّينَ مَدًّا مُجْهِزًا مِنْ غَيْرِ تَرْدِيدٍ ثُمَّ تَرْفَعُ وَلَا تَنْخَعُ وَلَا تُرَدِّدْ وَقَدْ حَدَدْت شَفْرَتَك قَبْلَ ذَلِكَ وَلَا تَضْرِبْ بِهَا الْأَرْضَ وَلَا تَجْعَلْ رِجْلَك عَلَى عُنُقِهَا وَلَا تَجُرَّهَا بِرِجْلِهَا وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الرِّفْقَ بِهَا مَشْرُوعٌ مَأْمُورٌ بِهِ لِمَا رَوَى شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ» .

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ تَرَكَ التَّوْجِيهَ إلَى الْقِبْلَةِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ يَأْكُلُ مِنْهَا وَبِئْسَ مَا صَنَعَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إنْ تَرَكَ ذَلِكَ عَامِدًا لَمْ تُؤْكَلْ وَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّهُ تَرَكَ صِفَةً مَنْدُوبًا إلَيْهَا مِنْ صِفَةِ الذَّبْحِ وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي فَسَادَ الذَّبِيحَةِ كَمَا لَوْ ذَبَحَهَا بِيُسْرَاهُ وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ قَدْ تَرَكَ مَا سُنَّ فِي الذَّكَاةِ مِنْ الْقُرْبَةِ عَامِدًا فَأَشْبَهَ تَرْكَ تَعَمُّدِ التَّسْمِيَةِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَبِئْسَ مَا صَنَعَ يَقْتَضِي الْعَمْدَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ رَفَعَ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ يُجْهِزَ عَلَى ذَبِيحَتِهِ ثُمَّ رَجَعَ فَأَجْهَزَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إنْ رَجَعَ فِي فَوْرِ الذَّبْحِ قَبْلَ أَنْ يَذْهَبَ وَيَذْبَحَ الذَّبِيحَةَ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَإِنْ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ تَبَاعَدَ وَلَمْ تُؤْكَلْ قَالَ سَحْنُونٌ: لَا تُؤْكَلُ وَإِنْ رَجَعَ مَكَانَهُ وَتَأَوَّلَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ سَحْنُونٍ إنْ رَفَعَ يَدَهُ كَالْمُخْتَبِرِ أَوْ لِيَرْجِعَ فَيُتِمَّ الذَّكَاةَ ثُمَّ رَجَعَ فِي فَوْرِهِ فَأَتَمَّهَا فَإِنَّهَا تُؤْكَلُ وَإِنْ كَانَ رَفَعَ يَدَهُ عَلَى أَنَّهُ قَدْ أَتَمَّ الذَّكَاةَ ثُمَّ رَجَعَ فَأَتَمَّهَا لَمْ تُؤْكَلْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: فَقُلْت لِلشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ فَإِذَا رَفَعَ يَدَهُ لِيَخْتَبِرَ لَمْ تُؤْكَلْ وَإِذَا رَفَعَ يَدَهُ عَلَى أَنَّهُ أَتَمَّ الذَّكَاةَ أُكِلَتْ وَصَوَّبَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ.

[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ مَحَلِّ الذَّكَاةِ] ١

(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ مَحَلِّ الذَّكَاةِ) الْحَيَوَانُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ: ضَرْبٌ يَخْتَصُّ بِالنَّحْرِ وَضَرْبٌ يَخْتَصُّ بِالذَّبْحِ وَضَرْبٌ يَجُوزُ فِيهِ الْأَمْرَانِ، فَأَمَّا مَا يَخْتَصُّ بِالنَّحْرِ فَالْإِبِلُ خَاصَّةً عَلَى أَنْوَاعِهَا بُخْتُهَا وَعِرَابُهَا وَنُجُبُهَا وَمَحِلُّ النَّحْرِ اللَّبَّةُ وَلَمْ أَرَ لِأَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا ذِكْرَ مُرَاعَاةِ مَعْنًى فِي النَّحْرِ أَكْثَرَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ فَأَمَّا مَا يَخْتَصُّ بِالذَّبْحِ فَهُوَ جَمِيعُ الْحَيَوَانِ الْمُذَكَّى غَيْرَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَأَمَّا مَا يَجُوزُ فِيهِ الْأَمْرَانِ فَهُوَ الْبَقَرُ عَلَى أَنْوَاعِهَا مِنْ الْجَوَامِيسِ وَحُكْمُ الْخَيْلِ حُكْمُ الْبَقَرِ فِي الذَّكَاةِ لِمَنْ اسْتَبَاحَ أَكْلَهَا.

وَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ: وَقَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>