للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ سَعْدِ الْجَارِي مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنْ الْحِيتَانِ يَقْتُلُ بَعْضُهَا بَعْضًا أَوْ تَمُوتُ صَرَدًا فَقَالَ: لَيْسَ بِهَا بَأْسٌ قَالَ سَعْدٌ: ثُمَّ سَأَلْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ) .

ــ

[المنتقى]

فِي الْحُوتِ فَوَجَبَ أَنْ لَا تُعْتَبَرَ فِيهِ الذَّكَاةُ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَفِي هَذَا بَابَانِ أَحَدُهُمَا فِي بَيَانِ مَا يَجُوزُ أَكْلُهُ بِغَيْرِ ذَكَاةٍ وَالْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ مَا لَا يَجُوزُ أَكْلُهُ إلَّا بِذَكَاةٍ.

[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ مَا يَجُوزُ أَكْلُهُ بِغَيْرِ ذَكَاةٍ] ١

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ مَا يَجُوزُ أَكْلُهُ بِغَيْرِ ذَكَاةٍ مَا فِي الْمَاءِ مِنْ الْحِيتَانِ وَدَوَابِّهِ عَلَى ضَرْبَيْنِ: ضَرْبٌ لَا تَبْقَى حَيَاتُهُ فِي غَيْرِ الْمَاءِ وَضَرْبٌ تَبْقَى حَيَاتُهُ فِي غَيْرِ الْمَاءِ فَأَمَّا مَا لَا تَبْقَى حَيَاتُهُ فِي غَيْرِ الْمَاءِ كَالسَّمَكِ وَجَمِيعِ أَنْوَاعِ الْحِيتَانِ وَالدَّوَابِّ الَّتِي إذَا خَرَجَتْ مِنْ الْمَاءِ لَمْ تَبْقَ حَيَاتُهَا وَعَاجَلَهَا الْمَوْتُ وَلَا تَصَرُّفَ لَهَا فِي الْبَرِّ فَلَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَكْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ بِغَيْرِ ذَكَاةٍ وَلَا سَبَبٍ وَأَمَّا مَا تَبْقَى حَيَاتُهُ فِي الْبَرِّ كَالضَّفَادِعِ وَالسُّلَحْفَاةِ وَالسَّرَطَانِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ مَالِكٍ إبَاحَةُ أَكْلِهِ مِنْ غَيْرِ ذَكَاةٍ وَلَا سَبَبٍ وَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا كَانَ مَأْوَاهُ فِي الْمَاءِ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ بِغَيْرِ ذَكَاةٍ وَإِنْ كَانَ يَرْعَى فِي الْبَرِّ وَكَانَ مَأْوَاهُ وَمُسْتَقَرُّهُ فِي الْبَرِّ فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ إلَّا بِذَكَاةٍ وَإِنْ كَانَ يَعِيشُ فِي الْمَاءِ وَفِي الْمُزَنِيَّة عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ دِينَارٍ فِي الْقِسْمَيْنِ لَا يُؤْكَلُ إلَّا بِذَكَاةٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ هَذَا مِنْ حَيَوَانِ الْمَاءِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى ذَكَاةٍ كَالْحُوتِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُ حَيَوَانٌ يَعِيشُ فِي الْبَرِّ فَلَمْ يَجُزْ أَكْلُهُ إلَّا بِذَكَاةٍ كَحَيَوَانِ الْبَرِّ) .

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

دَمُ السَّمَكِ نَجِسٌ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: هُوَ طَاهِرٌ يَحِلُّ أَكْلُهُ وَبِطَهَارَتِهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ: وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْله تَعَالَى حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَهَذَا عَامٌّ فَيُحْمَلُ عَلَى عُمُومِهِ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ إنَّ هَذَا دَمٌ سَائِلٌ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ نَجِسًا كَسَائِرِ الدِّمَاءِ.

[الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ مَا لَا يَجُوزُ أَكْلُهُ إلَّا بِذَكَاةٍ]

(الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ مَا لَا يَجُوزُ أَكْلُهُ إلَّا بِذَكَاةٍ) أَمَّا مَا يَحْتَاجُ إلَى ذَكَاةٍ فَهُوَ كَالْجَرَادِ وَالْحَلَزُونِ وَمَا يَكُونُ فِي الْبَرِّ مِنْ الْحَشَرَاتِ وَأَنْوَاعِ الْخَشَاشِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ: وَهِيَ عِنْدِي مِنْ الَّتِي لَيْسَتْ لَهَا نَفْسٌ سَائِلَةٌ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَمْ يَجُزْ أَكْلُ الْجَرَادِ وَغَيْرِهِ إلَّا بِذَكَاةٍ فَإِنْ مَاتَتْ بِغَيْرِ سَبَبٍ بَعْدَ أَنْ اُصْطِيدَتْ حَيَّةً فَقَدْ أَجَازَ أَكْلَهَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَقَالَا: أَخْذُهَا ذَكَاتُهَا وَلَوْ وُجِدَتْ مَيِّتَةً لَمْ يَجُزْ عِنْدَهُمَا أَكْلُهَا وَأَجَازَ ذَلِكَ مُطَرِّفٌ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْهُ وَقَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَوَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ قَوْله تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: ٣] وَهَذِهِ مَيْتَةٌ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ هَذَا مِنْ حَيَوَانِ الْبَرِّ فَلَمْ يَجُزْ أَكْلُهُ بِغَيْرِ ذَكَاةٍ أَصْلُ ذَلِكَ سَائِرُ حَيَوَانِ الْبَرِّ وَوَجْهُ قَوْلِ مُطَرِّفٍ إنَّ هَذَا حَيَوَانٌ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ لَا تُعْتَبَرُ فِيهِ الذَّكَاةُ الْمَخْصُوصَةُ فَلَمْ تُعْتَبَرْ فِيهِ ذَكَاةٌ أَصْلُهُ الْحُوتُ.

(فَرْعٌ) وَحُكْمُ الْحَلَزُونِ حُكْمُ الْجَرَادِ فِي أَنَّهَا لَا تُؤْكَلُ إلَّا بِذَكَاةٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: كَانَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ يَقُولُ: مَنْ احْتَاجَ إلَى أَكْلِ شَيْءٍ مِنْ الْخَشَاشِ لِدَوَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ إذَا ذُكِّيَ كَمَا يُذَكَّى الْجَرَادُ كَالْخُنْفُسَاءِ وَالْعَقْرَبِ وَبَنَاتِ وَرْدَانَ وَالْعَقْرَبَانِ وَالْجُنْدُبِ وَالزُّنْبُورِ وَالْيَعْسُوبِ وَالذَّرِّ وَالنَّمْلِ وَالسُّوسِ وَالْحِلْمِ وَالدُّودِ وَالْبَعُوضِ وَالذُّبَابِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.

(ش) : مَا قَتَلَ بَعْضُهُ بَعْضًا مِنْ الْحِيتَانِ أَوْ مَاتَ صَرَدًا يَجُوزُ أَكْلُهُ وَهُوَ مِمَّا اتَّفَقَ عَلَيْهِ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ لِأَنَّهُ مَاتَ بِسَبَبٍ وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنْ يَكُونَ السَّبَبُ مِنْ فِعْلِ الصَّائِدِ بَلْ يَجُوزُ أَكْلُهُ مَتَى مَاتَ بِسَبَبٍ مِنْ فِعْلِ الصَّائِدِ أَوْ غَيْرِ فِعْلِهِ وَمَا احْتَاجَ إلَى سَبَبٍ عِنْدَ مَالِكٍ فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ أَنْ يَكُونَ السَّبَبُ مِنْ فِعْلِ قَاصِدٍ إلَى ذَلِكَ وَقَدْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ فِي كُلِّ مَا لَيْسَتْ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ إنَّ ذَكَاتَهُ بِأَنْ يَقْصِدَ إلَى إمَاتَتِهِ بِفِعْلٍ مَا وَهَلْ يُعْتَبَرُ فِيهِ مِنْ صِفَةِ الْفَاعِلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>