للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا يُكْرَهُ مِنْ أَكْلِ الدَّوَابِّ (ص) : (مَالِكٌ أَنَّ أَحْسَنَ مَا سَمِعَ فِي الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ أَنَّهَا لَا تُؤْكَلُ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [النحل: ٨] وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي الْأَنْعَامِ {لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} [غافر: ٧٩] وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: ٢٨] قَالَ مَالِكٌ: وَسَمِعْت أَنَّ الْبَائِسَ وَهُوَ الْفَقِيرُ وَأَنَّ الْمُعْتَرَّ هُوَ الزَّائِرُ قَالَ مَالِكٌ: فَذَكَرَ اللَّهُ الْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِلرُّكُوبِ وَالزِّينَةِ وَذَكَرَ الْأَنْعَامَ لِلرُّكُوبِ وَالْأَكْلِ قَالَ مَالِكٌ: وَالْقَانِعُ هُوَ الْفَقِيرُ أَيْضًا) .

ــ

[المنتقى]

الدُّبَّ وَالثَّعْلَبَ وَالضَّبُعَ لَيْسَتْ بِمُحَرَّمَةٍ وَهَذَا عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فَإِنَّ قَوْلَ مَالِكٍ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي السِّبَاعِ الَّتِي لَا تَبْدَأُ بِالْأَذَى غَالِبًا كَالْهِرِّ وَالثَّعْلَبِ وَالضَّبُعِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي السِّبَاعِ الْعَادِيَةِ الَّتِي تَبْدَأُ بِالْأَذَى غَالِبًا فَرُوِيَ عَنْهُ التَّحْرِيمُ.

وَرُوِيَ عَنْهُ الْكَرَاهِيَةُ وَمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ كِنَانَةَ أَنَّ كُلَّ مَا يَفْتَرِسُ وَيَأْكُلُ اللَّحْمَ لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مُحْتَمِلٌ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ التَّحْرِيمَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْكَرَاهِيَةَ وَأَمَّا الْقِرْدُ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا يَحِلُّ لَحْمُ الْقِرْدِ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْوَلِيدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي أَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ لِعُمُومِ الْآيَةِ وَلَمْ يَرِدْ فِيهِ مَا يُوجِبُ تَحْرِيمًا وَلَا كَرَاهِيَةً فَإِنْ كَانَتْ كَرَاهِيَةٌ فَلِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا أَكْلُ الضَّبِّ فَمُبَاحٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: هُوَ مَكْرُوهٌ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَا تُؤْكَلُ حَيَّةٌ وَلَا عَقْرَبٌ قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ: وَإِنَّمَا كَرِهَ أَكْلَهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ وَلَا الطَّيْرِ وَلَا السَّمَكِ.

وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِي مَعْنَى السِّبَاعِ فَكَرِهَ أَكْلَهَا كَمَا كَرِهَ أَكْلَ لُحُومِ السِّبَاعِ فَأَمَّا تَحْرِيمُهَا فَغَيْرُ جَائِزٍ لِأَنَّ الدَّلِيلَ لَمْ يَقُمْ عَلَى ذَلِكَ فَنَصَّ عَلَى الْمَنْعِ عَلَى وَجْهِ الْكَرَاهِيَةِ لَا عَلَى وَجْهِ التَّحْرِيمِ لِلْوَجْهَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كَرِهَ أَكْلَهُمَا لِمَا فِيهِمَا مِنْ السُّمِّ مَخَافَةً عَلَى آكِلِهَا وَأَمَّا أَكْلُ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّدَاوِي إذَا أُمِنَ مِنْ أَذَاهَا وَعَرَفَ وَجْهَهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَلَهُ أُبِيحَ أَكْلُ التِّرْيَاقِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ لُحُومِ الْأَفَاعِي لِمَنْ أَمِنَ أَذَاهَا وَعَرَفَ سَلَامَةَ لَحْمِهَا مِنْ سُمِّهَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

حَشَرَاتُ الْأَرْضِ مَكْرُوهَةٌ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِمَا هـ مُحَرَّمَةٌ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْله تَعَالَى {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} [الأنعام: ١٤٥] الْآيَةُ وَلَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ الْحَشَرَاتِ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّهَا مِنْ الْهَوَامِّ فَكُرِهَ أَكْلُهَا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ كَالْحَيَّاتِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَجَازَ مَالِكٌ أَكْلَ الطَّيْرِ كُلِّهِ مَا كَانَ لَهُ مِخْلَبٌ وَمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مِخْلَبٌ قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِأَكْلِ الصُّرَدِ وَالْهُدْهُدِ وَلَا أَعْلَمُ شَيْئًا مِنْ الطَّيْرِ يُكْرَهُ أَكْلُهُ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْخُطَّافِ فَفِي الْمُسْتَخْرَجَةِ لَا بَأْسَ بِأَكْلِ الْخَطَاطِيفِ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَرِهَ أَكْلَهَا وَالْأَوَّلُ أَكْثَرُ وَأَظْهَرُ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِمَا لَا يُؤْكَلُ كُلُّ ذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْله تَعَالَى {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ} [الأنعام: ١٤٥] الْآيَةُ وَهَذَا عَامٌّ فَنَحْمِلُهُ عَلَى عُمُومِهِ إلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ وقَوْله تَعَالَى فِي الْجَوَارِحِ {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: ٤] وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ ذِي مِخْلَبٍ وَغَيْرِهِ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا طَائِرٌ فَلَمْ يَكُنْ حَرَامًا كَالدَّجَاجِ وَالْإِوَزِّ.

[مَا يُكْرَهُ مِنْ أَكْلِ الدَّوَابِّ]

(ش) : اسْتَدَلَّ مَالِكٌ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ أَكْلِ لُحُومِ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ بِالْآيَةِ وَذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ لَامَ كَيْ بِمَعْنَى الْحَصْرِ وَذَلِكَ أَنَّهُ أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ إنَّمَا خَلَقَهَا لِلرُّكُوبِ وَالزِّينَةِ قَصَدَ بِذَلِكَ الِامْتِنَاعَ عَلَيْنَا وَإِظْهَارَ إحْسَانِهِ إلَيْنَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ جَمِيعُ مَا أَبَاحَهُ لَنَا مِنْهَا وَلَوْ كَانَتْ فِيهَا مَنْفَعَةٌ غَيْرُهَا لَذَكَرَهَا لِيُبَيِّنَ إنْعَامَهُ عَلَيْنَا أَوْ لِيُظْهِرَ إبَاحَةَ ذَلِكَ إلَيْنَا فَإِنَّ إخْبَارَهُ تَعَالَى أَنَّهُ خَلَقَهَا لِهَذَا الْمَعْنَى دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ جَمِيعُ التَّصَرُّفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>