للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ حَدِّ الْعَبْدِ فِي الْخَمْرِ فَقَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ عَلَيْهِ نِصْفَ حَدِّ الْحُرِّ فِي الْخَمْرِ وَأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَدْ جَلَدُوا عَبِيدَهُمْ نِصْفَ حَدِّ الْحُرِّ فِي الْخَمْرِ) .

ــ

[المنتقى]

أَنَّ هَذَيْنِ حَدَّانِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَوَجَبَ أَنْ يَتَدَاخَلَا أَصْلُ ذَلِكَ إذَا كَانَ عَدَدُهُمَا وَاحِدًا وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ هَذَيْنِ حَدَّانِ يَخْتَلِفُ عَدَدُهُمَا فَلَا يَتَدَاخَلَانِ كَمَا لَوْ كَانَا مِنْ جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ.

[الْبَابُ الْخَامِسُ فِيمَا يُسْقِطُ الْحَدَّ عَنْ شَارِبِ الْخَمْرِ]

(الْبَابُ الْخَامِسُ فِيمَا يُسْقِطُ الْحَدَّ عَنْ شَارِبِ الْخَمْرِ) وَذَلِكَ كَالْأَعْجَمِيِّ الَّذِي دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَعْلَمْ تَحْرِيمَ الْخَمْرِ فَلَا عُذْرَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَيُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ إلَّا ابْنَ وَهْبٍ فَإِنَّ أَبَا زَيْدٍ رَوَى عَنْهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْبَدَوِيُّ الَّذِي لَمْ يَقْرَأْ الْكِتَابَ وَلَمْ يَعْلَمْهُ وَيَجْهَلُ مِثْلَ هَذَا فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ وَيُعْذَرُ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: وَاحْتَجَّ مَالِكٌ لِذَلِكَ بِأَنَّ الْإِسْلَامَ قَدْ فَشَا وَلَا أَحَدٌ يَجْهَلُ شَيْئًا مِنْ الْحُدُودِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ تَأَوَّلَ فِي الْمُسْكِرِ مِنْ غَيْرِ الْخَمْرِ أَنَّهُ حَلَالٌ فَلَا عُذْرَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَعَلَيْهِ الْحَدُّ رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَلَعَلَّ هَذَا إنَّمَا هُوَ فِيمَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ وَالْعِلْمِ فَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَسْكَرَ مِنْهُ وَقَدْ جَالَسَ مَالِكٌ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ وَغَيْرَهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ مِمَّنْ كَانَ يَرَى شُرْبَ النَّبِيذِ مُبَاحًا فَمَا أَقَامَ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ الْحَدَّ وَلَا دَعَا إلَيْهِ مَعَ إقْرَارِهِمْ بِشُرْبِهِ وَتَظَاهُرِهِمْ وَمُنَاظَرَتِهِمْ فِيهِ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: مَا وَرَدَ عَلَيْنَا مَشْرِقِيٌّ مِثْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ أَمَا إنَّهُ آخِرُ مَا فَارَقَنِي عَلَى أَنْ لَا يُشْرَبَ النَّبِيذُ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَمْ يُفَارِقْهُ قَبْلَ ذَلِكَ عَلَى هَذَا وَلَكِنَّهُ لَمَّا تَكَرَّرَتْ مُنَاظَرَتُهُ لَهُ فِيهِ وَتَبَيَّنَ لَهُ وَجْهُ الصَّوَابِ فِيمَا قَالَهُ مَالِكٌ اعْتَقَدَ أَنَّهُ لَا يُعَاوِدُ شُرْبَهُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ ثُمَّ تَابَ لَمْ تُسْقِطْ عَنْهُ تَوْبَتُهُ الْحَدَّ وَرُوِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّ تَوْبَتَهُ تُسْقِطُ عَنْهُ الْحَدَّ.

[حَدِّ الْعَبْدِ فِي الْخَمْرِ وَفِي ذَلِكَ بَابَانِ]

(ش) : قَوْلُهُ أَنَّ عَلَى الْعَبْدِ نِصْفَ حَدِّ الْحُرِّ فِي الْخَمْرِ يُرِيدُ أَرْبَعِينَ جَلْدَةً لِأَنَّهُ حَدٌّ مُنْتَهَاهُ الثَّمَانُونَ كَحَدِّ الْفِرْيَةِ لِأَنَّ الْحُرَّ يُجْلَدُ فِي الْقَذْفِ ثَمَانِينَ وَيُجْلَدُ أَرْبَعِينَ فَكَذَلِكَ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَإِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَدْ جَلَدُوا عَبِيدَهُمْ نِصْفَ جَلْدِ الْحُرِّ فِي الْخَمْرِ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَكَذَلِكَ عُثْمَانُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَا أَقَامَا الْحَدَّ عَلَى عَبِيدِهِمَا فِي إمَارَتِهِمَا فَيَكُونُ لَهُمَا ذَلِكَ بِحَقِّ الْإِمَامَةِ وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَلَمْ يُقِمْ الْحَدَّ عَلَى عَبِيدِهِ إلَّا بِمِلْكِهِ.

[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي صِفَةِ مَنْ يُقِيمُ الْحَدَّ] ١

لَهُمْ وَفِي ذَلِكَ بَابَانِ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا فِي صِفَةِ مَنْ يُقِيمُ الْحَدَّ وَالثَّانِي فِي صِفَةِ مَنْ يُقَامُ عَلَيْهِ.

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي صِفَةِ مَنْ يُقِيمُ الْحَدَّ) يُقِيمُهُ عَلَى الْأَحْرَارِ السُّلْطَانُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَضْرِبَ الْحُدُودَ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي لِئَلَّا يَتَعَدَّى فِيهَا وَهَذَا فِي الْحُرِّ وَأَمَّا الْعَبْدُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُقِيمَ عَلَيْهِ سَيِّدُهُ الْحَدَّ إذَا كَانَ الْحَدُّ جَلْدًا قَالَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَكَذَلِكَ فِي حَدِّ الْخَمْرِ إذَا شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ غَيْرُ سَيِّدِهِ سَوَاءٌ كَانَ السَّيِّدُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَهَذَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ ذَكَرًا فَأَمَّا إنْ كَانَتْ أَمَةً جَازَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُقِيمَ عَلَيْهَا الْحَدَّ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ أَوْ كَانَ زَوْجُهَا عَبْدَهُ فَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا غَيْرَ عَبْدِهِ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ لِلسَّيِّدِ إقَامَةُ الْحَدِّ عَلَيْهَا وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِحُرْمَةِ الزَّوْجِ قَالَ: وَعَسَى أَنْ يُعْتَقَ وَلَدُهُ مِنْهَا فَيُقْذَفُوا بِأُمِّهِمْ.

[الْبَابُ الثَّانِي فِي صِفَةِ الْمَحْدُودِ] ١

(الْبَابُ الثَّانِي فِي صِفَةِ الْمَحْدُودِ) قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إنْ كَانَ حُرًّا فَحَدُّهُ ثَمَانُونَ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَحَدُّهُ أَرْبَعُونَ لِأَنَّ هَذَا حَدٌّ يُجْلَدُ فِيهِ الْحُرُّ أَرْبَعِينَ كَحَدِّ الْقَذْفِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ كَانَ شَارِبُ الْخَمْرِ سَكْرَانًا فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يُضْرَبُ وَهُوَ سَكْرَانٌ وَإِنْ كَانَ خَشِيَ أَنْ يَأْتِيَهُ فِيهِ شَفَاعَةٌ تُبْطِلُ حَقَّ اللَّهِ فَلْيَضْرِبْهُ فِي حَالِ سُكْرِهِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْحَدَّ لِلرَّدْعِ وَالزَّجْرِ وَالسَّكْرَانُ لَا يَذْكُرُ مَا يَجْرِي عَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ لَهُ فِيهِ رَدْعٌ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>