للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَامِعُ النَّفْلِ فِي الْغَزْوِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ سَرِيَّةً فِيهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قِبَلَ نَجْدٍ فَغَنِمُوا إبِلًا كَثِيرَةً فَكَانَتْ سُهْمَانُهُمْ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا أَوْ أَحَدَ عَشَرَ بَعِيرًا وَنُفِلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا» ) .

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: كَانَ النَّاسُ فِي الْغَزْوِ إذَا قَسَمُوا غَنَائِمَهُمْ يَعْدِلُونَ الْبَعِيرَ بِعَشْرِ شِيَاهٍ)

ــ

[المنتقى]

ثَمَنَهُ لِأَنَّ الثَّمَنَ يَقُومُ مَقَامَهُ، فَإِنْ كَانَ غَنِيًّا يَعْلَمُ أَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ أَوْ أَفْضَلَ مِنْهُ إذَا تَيَسَّرَ غَزْوُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ إذَا اعْتَقَدَ أَنْ يُعَوِّضَ مِنْهُ مِثْلَهُ أَوْ أَفْضَلَ مِنْهُ.

[جَامِعُ النَّفْلِ فِي الْغَزْوِ]

(ش) : قَوْلُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَكَانَتْ سُهْمَانُهُمْ يُرِيدُ مَبْلَغَ سُهْمَانِهِمْ الْوَاقِعَةِ لَهُمْ مِنْ الْغَنِيمَةِ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا أَوْ أَحَدَ عَشَرَ بَعِيرًا شَكَّ فِي ذَلِكَ الرَّاوِي وَيَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا أَنَّهُ شَكَّ هَلْ سُهْمَانُهُمْ كَانَتْ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا أَوْ أَحَدَ عَشَرَ بَعِيرًا وَالثَّانِي أَنَّهُ شَكَّ هَلْ كَانَتْ سِهَامُهُمْ اثْنَيْ عَشَرَ وَنُفِلُوا بَعِيرًا زَائِدًا عَلَى ذَلِكَ وَبَلَغَتْ بِالنَّافِلَةِ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا غَيْرَ أَنَّهُ يَعُودُ مِنْ جِهَةِ هَذَا الْعَدَدِ إلَى مَعْنًى وَاحِدٍ وَقَوْلُهُ وَنُفِلُوا بَعْدَ ذَلِكَ بَعِيرًا بَعِيرًا يُرِيدُ أُعْطُوهُ زَائِدًا عَلَى مَا وَجَبَ لَهُمْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ مَا حَصَلَ لَهُمْ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ غَيْرَ أَنَّ قَوْلَهُ غَنِمُوا إبِلًا كَثِيرَةً يَدُلُّ عَلَى أَنَّ سِهَامَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ كَانَتْ هَذَا الْعَدَدَ وَالنَّافِلَةُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ عَطِيَّةُ التَّطَوُّعِ وَالزِّيَادَةُ فِي الْعَطَاءِ عَلَى الْوَاجِبِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ النَّفَلَ فِي الْخُمُسِ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ سَوَّى بَيْنَهُمْ فِي النَّفْلِ فَنُفِلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا فَلَوْ كَانَ النَّفَلُ مِنْ الْأَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ الَّتِي لَهُمْ لَمَا كَانَ فِي ذَلِكَ فَائِدَةٌ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ لَهُمْ لَوْ لَمْ يُنَفِّلُوهُ وَقُسِمَتْ بَيْنَهُمْ الْأَرْبَعَةُ الْأَخْمَاسِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لَكَانَ هَذَا الْفِعْلُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَلَكَانَ هَذَا اللَّفْظُ مِنْ جُمْلَةِ اللَّغْوِ وَلَمَّا أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَفْعَلُ مَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ ثَبَتَ أَنَّهُ قَسَّمَ عَلَيْهِمْ الْأَرْبَعَةَ الْأَخْمَاسِ ثُمَّ نَفَلَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِهَا بَعِيرًا بَعِيرًا وَلَا سَهْمَ يُمْكِنُ أَنْ يُشَارَ إلَيْهِ يُنْفَلُوا مِنْهُ غَيْرَ الْخُمُسِ وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ النَّفَلَ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ الْخُمُسِ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ.

(ش) : قَوْلُهُ كَانَ النَّاسُ إذَا قَسَمُوا غَنَائِمَهُمْ يُرِيدُ الصَّحَابَةَ وَفِي هَذَا خَمْسَةُ أَبْوَابٍ أَحَدُهَا فِي مَوْضِعِ قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ وَالثَّانِي فِي مَنْ يَقْسِمُهَا وَالثَّالِثُ فِيمَا يُقْسَمُ مِنْهَا وَالرَّابِعُ فِي مَنْ يُسْهَمُ لَهُ مِنْهَا وَالْخَامِسُ فِي صِفَةِ قِسْمَتِهَا.

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي مَوْضِعِ قِسْمَتِهَا هُوَ مِنْ بَلَدِ الْحَرْبِ بِحَيْثُ لَا يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ مَخَافَةً أَوْ عُدِمَ قُوتٌ يَحْتَاجُ إلَيْهِ لَا مِنْ الْمَقَامِ بِسَبَبِ التَّقَاسُمِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُقْسَمُ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ إلَّا أَنْ يَحْتَاجَ الْجَيْشُ إلَى ثِيَابٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَيُقْسَمُ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ وَيَبْقَى الْبَاقِي يُقْسَمُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَإِنْ قَسَمَ الْجَمِيعَ بِدَارِ الْحَرْبِ مَضَى الْحُكْمُ بِذَلِكَ وَلَا يُنْقَضْ وَالدَّلِيل عَلَى مَا نَقُولهُ مَا رَوَى الْأَوْزَاعِيُّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَقْسِمْ غَنِيمَةً قَطُّ إلَّا فِي دَارِ الشِّرْكِ فَمِنْهَا غَنِيمَةُ بَنِي الْمُصْطَلِقِ قَسَّمَهَا عَلَى مِيَاهِهِمْ وَقَسَّمَ غَنِيمَةَ هَوَازِنَ فِي دَارِهِمْ وَقَسَّمَ غَنِيمَةَ خَيْبَرَ بِخَيْبَرَ وَهُمْ مُشْرِكُونَ» ثُمَّ لَمْ يَزَلْ النَّاسُ مِنْ لَدُنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى زَمَنِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَالْخُلَفَاءِ كُلِّهِمْ وَجُيُوشِهِمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ مَا قَسَمُوا غَنِيمَةً قَطُّ إلَّا حَيْثُ غَنِمُوهَا وَهَذَا مَعْرُوفٌ عِنْدَ أَهْلِ السِّيَرِ وَالْمَغَازِي فَإِنْ قِيلَ: إنَّمَا قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَنَائِمَ بَنِي الْمُصْطَلِقِ فِي مِيَاهِهِمْ وَهَوَازِنَ فِي دَارِهِمْ لِأَنَّهَا كَانَتْ دَارَ إسْلَامٍ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ مُصَدِّقًا إلَيْهِمْ» فَعَلِمَ أَنَّهُمْ كَانُوا مُسْلِمِينَ) .

فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>