للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي مَوْضِعِ قِسْمَة الْغَنِيمَةُ]

(ص) : (قَالَ يَحْيَى: سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ فِي الْأَجِيرِ فِي الْغَزْوِ أَنَّهُ إنْ شَهِدَ الْقِتَالَ وَكَانَ مَعَ النَّاسِ عِنْدَ الْقِتَالِ وَكَانَ حُرًّا فَلَهُ سَهْمُهُ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَا سَهْمَ لَهُ)

ــ

[المنتقى]

إلَى أَنْ يَتْرُكَهُ وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّ أَهْلَ الْجَيْشِ قَدْ مَلَكُوهُ بِالْغَنِيمَةِ فَلَا يَزُولُ مُلْكُهُمْ عَنْهُ بِالْعَجْزِ عَنْ حِمْلِهِ كَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ.

[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ مَنْ لَهُ حَقٌّ وَالْخَامِسُ فِي بَيَانِ قَسْمِ الْغَنِيمَةِ] ١

(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ مَنْ لَهُ حَقٌّ وَسَيَأْتِي بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) .

(الْبَابُ الْخَامِسُ فِي بَيَانِ قَسْمِ الْغَنِيمَةِ) .

قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: رَأَى الْإِمَامُ الْأَفْضَلَ فِي أَنْ يَقْسِمَهَا خَمْسَةَ أَقْسَامٍ بِالسَّوِيَّةِ بِأَنْ يَجْعَلَهَا خَمْسَةَ أَنْصِبَاءٍ فِي كُلِّ سَهْمٍ صِنْفٌ وَكَذَلِكَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ وَالْإِبِلُ حَتَّى تَعْدِلَ ثُمَّ يُسْهِمَ بَيْنَهَا وَيَكْتُبُ فِي سَهْمٍ مِنْهَا الْخُمُسُ لِلَّهِ أَوْ لِرَسُولِ اللَّهِ فَحَيْثُ خَرَجَ ذَلِكَ السَّهْمُ كَانَ الْخُمُسُ وَكَانَتْ الْأَرْبَعَةُ الْأَخْمَاسِ لِلْجَيْشِ وَإِنْ رَأَى أَنْ يَبِيعَ الْجَمِيعَ ثُمَّ يُقْسِمَ الْأَثْمَانَ فَذَلِكَ لَهُ وَحَكَى ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ بَيْعَ الْإِمَامِ ثُمَّ يُقْسِمُ الْأَثْمَانَ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَشْتَرِيهِ قَسَمَ الْعُرُوضَ خَمْسَةَ أَجْزَاءٍ بِالْقُرْعَةِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ: وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَسْمُهُ ذَلِكَ دُونَ بَيْعٍ وَعَلَى ذَلِكَ وَرَدَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي السَّرِيَّةِ الَّتِي تَوَجَّهَتْ قِبَلَ نَجْدٍ فَبَلَغَتْ سُهْمَانُهُمْ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا أَوْ أَحَدَ عَشَرَ بَعِيرًا إلَّا أَنَّهُ تَحْتَمِلُ أَنَّ ذَلِكَ الْبَيْعَ بِعُذْرٍ وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ كَانَ النَّاسُ إذَا اقْتَسَمُوا غَنَائِمَهُمْ يَعْدِلُونَ الْبَعِيرَ بِعَشْرِ شِيَاهٍ وَهَذَا يَقْتَضِي تَكْرَارَ فِعْلِ الصَّحَابَةِ لَهُ وَلَا يُعْلَمُ مُخَالِفٌ فِيهِ فَيَثْبُتُ أَنَّهُ إجْمَاعٌ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ حَقَّهُمْ مُتَعَلِّقٌ بِالْعَيْنِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ عَلَيْهِمْ إلَّا لِحَاجَةٍ دَاعِيَةٍ إلَى ذَلِكَ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ كَانُوا إذَا اقْتَسَمُوا غَنَائِمَهُمْ يَعْدِلُونَ الْبَعِيرَ بِعَشْرِ شِيَاهٍ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ كَانَتْ قِيمَتُهَا يَوْمئِذٍ وَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَفْعَلَ الْإِمَامُ إذَا اخْتَلَفَ أَجْنَاسُ الْغَنِيمَةِ وَاخْتَارَ الْقِسْمَةَ وَاحْتَاجَ إلَيْهَا أَنْ يَعْدِلَ بَيْنَهَا بِالْقِيمَةِ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ: إنَّ الْأَجِيرَ لَا سَهْمَ لَهُ إذَا لَمْ يَشْهَدْ الْقِتَالَ لِأَنَّهُ قَدْ أَخَذَ عِوَضًا عَلَى دُخُولِهِ إلَى بَلَدِ الْحَرْبِ مِمَّنْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَسْتَحِقُّ بِذَلِكَ غَنِيمَةً لِأَنَّ ذَلِكَ مَنَافِعُهُ مُسْتَحَقَّةٌ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ كَالْعَبْدِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَإِنْ شَهِدَ الْقِتَالَ وَكَانَ مَعَ النَّاسِ عِنْدَ الْقِتَالِ يُرِيدُ أَنَّهُ كَانَ مَعَ الْمُقَاتِلَةِ لَا أَنْ يَكُونَ فِي جُمْلَةِ الْجَيْشِ فَإِنْ كَانَ فِي الْمُعْتَرَكِ مَوْضِعِ الْقِتَالِ وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُقَاتِلِينَ اسْتَحَقَّ حِصَّةً مِنْ الْغَنِيمَةِ لِأَنَّ الْقِتَالَ لَمْ يَأْخُذْ لَهُ عِوَضًا وَلَا يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ فَاسْتَحَقَّ بِهِ سَهْمًا مِنْ الْغَنِيمَةِ وَسَقَطَ عَنْهُ مِنْ الْإِجَارَةِ بِقَدْرِ مَا اشْتَغَلَ عَنْهُ مِنْ الْخِدْمَةِ قَالَ سَحْنُونٌ: فَهَذَا الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ.

وَقَدْ رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ لَا يُسْهَمُ لِلْأَجِيرِ وَإِنْ قَاتَلَ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ مِمَّنْ لَا يُسْهَمُ لَهُ مَعَ الْحُضُورِ إذَا لَمْ يُقَاتِلْ فَإِنَّهُ لَا يُسْهَمُ لَهُ وَإِنْ قَاتَلَ كَالْعَبْدِ وَالْأَصْلُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْغَنِيمَةَ إنَّمَا تَجِبُ لِلْجِهَادِ وَالْقِتَالِ وَالتَّعَاوُنِ عَلَى الظُّهُورِ عَلَى الْعَدُوِّ فَمَنْ دَخَلَ أَرْضَ الْعَدُوِّ وَلَمْ يُظْهِرْ غَرَضًا غَيْرَهُ وَلَا مَقْصِدًا سِوَاهُ كَانَ وُقُوفُهُ فِي الْجَيْشِ وَمَقَامُهُ فِي الْعَسْكَرِ يَقُومُ مَقَامَ الْقِتَالِ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ لِغَيْرِهِ فَإِمَّا أَنْ يُقَاتِلَ أَوْ يَحْفَظَ الْمُقَاتِلَ أَوْ يُكْثِرَ السَّوَادَ وَمَنْ أَظْهَرَ غَرَضًا غَيْرَهُ فِي تِجَارَةٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ صِنَاعَةٍ فَلَا حَقَّ لَهُ لِأَنَّ حُضُورَهُ لَمْ يَكُنْ مَعُونَةً وَلَا جِهَادًا فَإِنْ قَاتَلَ ثَبَتَ حَقُّهُ فِي الْغَنِيمَةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْغَزْوِ وَالْجِهَادِ قَدْ وُجِدَ مِنْهُ وَلَيْسَ اكْتِسَابُهُ فِي طَرِيقِهِ وَانْتِفَاعُهُ بِعَمَلِهِ مِمَّا يُبْطِلُ جِهَادَهُ إذَا وَجَدَ مَقْصُودَهُ مِنْهُ كَالْحَاجِّ يَتَّجِرُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْغَنِيمَةَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ تَثْبُتُ لَهُ صِفَاتُ الْكَمَالِ وَهِيَ سِتُّ صِفَاتٍ الْعَقْلُ وَالْإِسْلَامُ وَالْبُلُوغُ وَالذُّكُورَةُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالصِّحَّةُ فَأَمَّا الْعَقْلُ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ مِنْهُ مَا يُمْكِنُهُ بِهِ الْقِتَالُ أُسْهِمَ لَهُ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْجِهَادِ يَصِحُّ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ مُطْبَقًا لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>