للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْعَدُوَّ إذَا وُجِدَ بِسَاحِلِ الْمُسْلِمِينَ قَدْ نَزَلُوا دُونَ إذْنِ أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ لَفَظَهُمْ الْبَحْرُ وَفِي هَذَا بَابَانِ] [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ حُكْمِ مَنْ وُجِدَ مِنْ الْعَدُوّ]

مَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِينَ أَكْلُهُ قَبْلَ الْخُمُسِ (ص) : (قَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يَأْكُلَ الْمُسْلِمُونَ إذَا دَخَلُوا أَرْضَ الْعَدُوِّ مِنْ طَعَامِهِمْ مَا وَجَدُوا مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ قَبْلَ أَنْ تَقَعَ الْمَقَاسِمُ قَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّمَا أَرَى الْإِبِلَ وَالْبَقَرَ وَالْغَنَمَ بِمَنْزِلَةِ الطَّعَامِ يَأْكُلُ مِنْهُ الْمُسْلِمُونَ إذَا دَخَلُوا أَرْضَ الْعَدُوِّ كَمَا يَأْكُلُونَ مِنْ الطَّعَامِ قَالَ يَحْيَى: قَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُؤْكَلُ حَتَّى يَحْضُرَ النَّاسُ الْمَقَاسِمَ وَيُقْسَمَ بَيْنَهُمْ أَضَرَّ ذَلِكَ بِالْجُيُوشِ قَالَ يَحْيَى: قَالَ مَالِكٌ: فَلَا أَرَى بَأْسًا بِمَا أَكَلَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ وَالْحَاجَةِ إلَيْهِ وَلَا أَرَى أَنْ يَدَّخِرَ أَحَدٌ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا يَرْجِعُ بِهِ إلَى أَهْلِهِ) .

(ص) : (سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ يُصِيبُ الطَّعَامَ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ فَيَأْكُلُ مِنْهُ وَيَتَزَوَّدُ فَيَفْضُلُ مِنْهُ شَيْءٌ أَيَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَحْبِسَهُ فَيَأْكُلَهُ فِي أَهْلِهِ أَوْ يَبِيعَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ بِلَادَهُ فَيَنْتَفِعَ بِثَمَنِهِ فَقَالَ مَالِكٌ: إنْ بَاعَهُ وَهُوَ فِي الْغَزْوِ فَأَرَى أَنْ يَجْعَلَ ثَمَنَهُ فِي غَنَائِمِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ بَلَغَ بِهِ إلَى بَلَدِهِ فَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يَأْكُلَهُ وَيَنْتَفِعَ بِهِ إذَا كَانَ يَسِيرًا تَافِهًا) .

ــ

[المنتقى]

[مَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِينَ أَكْلُهُ قَبْلَ الْخُمُسِ]

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِنَا: إنَّ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ مِمَّا عِنْدَهُمْ عَلَى ضَرْبَيْنِ: مُبَاحٌ غَيْرُ مَمْلُوكٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِ وَالثَّانِي أَصْلُهُ الْمِلْكُ وَلَكِنَّهُ أُبِيحَ الِانْتِفَاعُ بِهِ لِلْغِذَاءِ وَالْقُوَّةِ وَذَلِكَ كُلُّ مَطْعُومٍ مِنْ أَمْوَالِ الرُّومِ وَجَدَهُ الْمُسْلِمُونَ فِي بِلَادِهِمْ فَإِنَّ لِمَنْ وَجَدَهُ أَكْلَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَيَعْلِفُهُ دَوَابَّهُ وَلَا يَحْتَاجُ فِي اسْتِبَاحَتِهِ إلَى قَسْمٍ وَلَا إذْنِ الْإِمَامِ وَإِنَّمَا يَكُونُ الْآخِذُ لَهُ أَحَقَّ لِحَاجَتِهِ مِنْهُ وَمَا فَضَلَ مِنْهُ عَنْهُ أَعْطَاهُ مَنْ احْتَاجَ إلَيْهِ مِنْ الْغَازِينَ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مُحْتَاجًا رَفَعَهُ إلَى صَاحِبِ الْمَغَانِمِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: كُنَّا نُصِيبُ الْعَسَلَ وَالْعِنَبَ فَنَأْكُلُهُ وَلَا نَرْفَعُهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الْحَيَوَانُ الْمُبَاحُ أَكْلُهُ كَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالْإِبِلِ فَإِنَّهَا فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الطَّعَامِ عِنْدَ مَالِكٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يُذْبَحُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إلَّا لِضَرُورَةٍ إذَا عَدِمُوا الطَّعَامَ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ الْحَاجَةَ إلَى أَكْلِهَا وَالِاقْتِيَاتِ بِهَا أَشَدُّ مِنْ الْحَاجَةِ إلَى الْعَسَلِ وَالْعِنَبِ فَإِذَا جَازَ أَكْلُ الْعَسَلِ وَالْعِنَبِ فَبِأَنْ يَجُوزَ الِاقْتِيَاتُ بِلُحُومِ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ أَوْلَى وَأَحْرَى.

(فَصْلٌ) :

قَوْلُهُ فَلَا أَرَى بَأْسًا بِمَا أَكَلَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ وَالْحَاجَةِ إلَيْهِ يُرِيدُ أَنَّ الَّذِي أُبِيحَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ أَكْلُهُ عَلَى وَجْهٍ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَكْلِهِ وَأَمَّا ذَبْحُ الْحَيَوَانِ وَإِتْلَافُهُ أَوْ ذَبْحُ الْكَثِيرِ مِنْهُ الَّذِي يَكْفِي يَسِيرُهُ وَيَخْرُجُ فِيهِ عَنْ حَدِّ الِاقْتِيَاتِ الْبَالِغِ إلَى حَدِّ الْإِفْسَادِ وَالِانْتِهَابِ وَالتَّبْذِيرِ فَإِنَّ ذَلِكَ مَمْنُوعٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَ إفْسَادَهُ إذَا لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الْعَدُوِّ إذَا لَمْ يُطِيقُوا انْتِقَالَهُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَلَا أَرَى أَنْ يَدَّخِرَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا يَرْجِعُ بِهِ إلَى أَهْلِهِ يُرِيدُ مَا لَهُ مِنْ ذَلِكَ بَالٌ وَقِيمَةٌ وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ حَتَّى يَنْصَرِفَ فَإِنْ فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ تَصَدَّقَ بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ التَّافِهُ الْيَسِيرُ كَالْقَدِيدِ وَالْكَعْكِ مِمَّا يَقِلُّ ثَمَنُهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا مَا أُخِذَ مِنْ ذَلِكَ لِلْقُوَّةِ وَالِاسْتِعْدَادِ كَالْفَرَسِ وَالسِّلَاحِ وَالثَّوْبِ يَنْتَفِعُ بِهِ حَتَّى يَنْقَضِيَ غَزْوُهُ فَهَذَا اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَهُ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ مَنْ احْتَاجَ إلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ وَيَنْتَفِعَ بِهِ حَتَّى يَنْقَضِيَ غَزْوُهُ وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ وَابْنُ وَهْبٍ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَجْهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنَّ هَذَا مِمَّا تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَى الِانْتِفَاعِ بِهِ فَجَازَ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ مَنْ أَخَذَهُ دُونَ قِسْمَةٍ كَالطَّعَامِ وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ إنَّ هَذَا مِمَّا يُنْتَفَعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ وَلَهُ قِيمَةٌ فَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ مِنْ الْغَانِمِينَ الِانْفِرَادُ بِهِ كَالذَّهَبِ وَالْوَرَقِ وَالْحُلِيِّ وَالْوَطَاءِ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ: إنَّهُ إنْ بَاعَ شَيْئًا مِمَّا فَضَلَ عَنْهُ مِنْ الطَّعَامِ أَوْ مَا لَمْ يَفْضُلْ مِنْهُ وَكَانَ مُحْتَاجًا إلَيْهِ فَأَرَادَ بَيْعَهُ مِنْ تُجَّارٍ مَعَهُ فَإِنَّهُ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَرْغَبَ فِي بَيْعِهِ رَغْبَةً فِي ثَمَنِهِ وَاخْتِصَاصًا بِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُبَاحٍ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>