للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إحْرَازُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَرْضَهُ (ص) : (سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ إمَامٍ قَبِلَ الْجِزْيَةِ مِنْ قَوْمٍ فَكَانُوا يُعْطُونَهَا أَرَأَيْت مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ أَتَكُونُ لَهُ أَرْضُهُ أَوْ تَكُونُ لِلْمُسْلِمِينَ وَيَكُونُ لَهُمْ مَالُهُ فَقَالَ مَالِكٌ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ أَمَّا أَهْلُ الصُّلْحِ فَإِنَّ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ فَهُوَ أَحَقُّ بِأَرْضِهِ وَمَالِهِ وَأَمَّا أَهْلُ الْعَنْوَةِ الَّذِينَ أُخِذُوا عَنْوَةً فَمَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ أَرْضَهُ وَمَالَهُ لِلْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ أَهْلَ الْعَنْوَةِ قَدْ غُلِبُوا عَلَى بِلَادِهِمْ وَصَارَتْ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ وَأَمَّا أَهْلُ الصُّلْحِ فَإِنَّهُمْ قَدْ مَنَعُوا أَمْوَالَهُمْ وَأَنْفُسَهُمْ حَتَّى صَالَحُوا عَلَيْهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِمْ إلَّا مَا صَالَحُوا عَلَيْهِ)

ــ

[المنتقى]

نَعَمْ وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ وَمَنْ دُعِيَ مِنْ هَذِهِ الْأَبْوَابِ كُلِّهَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَهُ إنَّ دُخُولَك مِنْ هَذَا الْبَابِ أَفْضَلُ مِنْ دُخُولِك عَلَى غَيْرِهِ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ وَلَكِنَّهُ يُدْعَى بِأَنْ يُقَالَ لَهُ إنَّ لَك هَاهُنَا خَيْرًا وَعَدَهُ اللَّهُ لَك لِعِبَادَتِك الْمُخْتَصَّةِ بِالدُّخُولِ عَلَى هَذَا الْبَابِ أَوْ لِعِبَادَتِك الَّتِي هِيَ سَبَبُ أَنْ تُدْعَى مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

[إحْرَازُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَرْضَهُ]

[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي مَعْرِفَةِ الصُّلْحِ وَالْعَنْوَةِ]

(ش) : قَوْلُهُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الصُّلْحِ فَمَالُهُ لَهُ قَوْلُ جَمَاعَةِ الْفُقَهَاءِ وَفِي ذَلِكَ خَمْسَةُ أَبْوَابٍ أَحَدُهَا فِي مَعْرِفَةِ الصُّلْحِ وَالْعَنْوَةِ وَالثَّانِي فِي حُكْمِ أَهْلِ الصُّلْحِ حَالَ حَيَاتِهِمْ وَكُفْرِهِمْ وَالثَّالِثُ فِي حُكْمِ انْتِقَالِ الْأَمْلَاكِ عَنْهُمْ حَالَ حَيَّاتِهِمْ وَكُفْرِهِمْ وَالرَّابِعُ فِي حُكْمِ أَمْوَالِهِمْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ عَلَى كُفْرِهِمْ وَالْخَامِسُ فِي حُكْمِ أَمْوَالِهِمْ إذَا أَسْلَمُوا.

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي مَعْرِفَةِ الصُّلْحِ وَالْعَنْوَةِ)

فَأَمَّا أَهْلُ الصُّلْحِ فَهُمْ قَوْمٌ مِنْ الْكُفَّارِ حَمَوْا بِلَادَهُمْ وَقَاتَلُوا عَلَيْهَا حَتَّى صُولِحُوا عَلَى شَيْءٍ أَعْطُوهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ أَوْ جِزْيَةٍ أَوْ ضَرِيبَةٍ الْتَزَمُوهَا فَمَا صَالَحُوا عَلَى بَقَائِهِ بِأَيْدِيهِمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَهُوَ مَالُ صُلْحٍ أَرْضًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَمَا صَالَحُوا بِهِ أَوْ أَعْطَوْهُ عَلَى إقْرَارِهِمْ فِي بِلَادِهِمْ وَتَأْمِينِهِمْ كَانَ أَرْضًا أَوْ غَيْرَهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمَالِ صُلْحٍ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ حَرْبٍ قُوتِلُوا حَتَّى صَالَحُوا عَلَى أَنْ لَا يَكُونَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ حَقٌّ وَيُؤَمَّنُونَ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ الْبَلَدِ أَوْ الْمَقَامِ بِهِ عَلَى الذِّمَّةِ لَمَا كَانَتْ تِلْكَ الْأَرْضُ أَرْضَ صُلْحٍ وَإِنَّمَا تَكُونُ أَرْضَ صُلْحٍ مَا صُولِحُوا عَلَى بَقَائِهَا بِأَيْدِيهِمْ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ ذَلِكَ حَرْبٌ أَوْ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ حَرْبٌ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الْعَنْوَةُ فَهِيَ الْغَلَبَةُ فَكُلُّ مَالٍ صَارَ لِلْمُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِ الْغَلَبَةِ مِنْ أَرْضٍ أَوْ عَيْنٍ دُونَ اخْتِيَارٍ مَنْ غُلِبَ عَلَيْهِ مِنْ الْكُفَّارِ فَهُوَ أَرْضُ عَنْوَةٍ سَوَاءٌ دَخَلْنَا الدَّارَ عَلَيْهِمْ غَلَبَةً أَوْ أُجْلُوا عَنْهَا مَخَافَةَ الْمُسْلِمِينَ تَقَدَّمَتْ فِي ذَلِكَ حَرْبٌ أَوْ لَمْ تَتَقَدَّمْ أَقَرَّ أَهْلُهَا فِيهَا أَوْ نُقِلُوا عَنْهَا.

وَقَدْ رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّ خَيْبَرَ فُتِحَتْ بِقِتَالٍ يَسِيرٍ وَقَدْ خُمِّسَتْ إلَّا مَا كَانَ مِنْهَا عَنْوَةً أَوْ صُلْحًا وَهُوَ يَسِيرٌ فَإِنَّهُ لَمْ يُخَمَّسْ قَالَ أَشْهَبُ فَقُلْت الْعَنْوَةُ وَالْقِتَالُ أَلَيْسَا وَاحِدًا فَقَالَ إنَّمَا أَرَدْت الصُّلْحَ وَلَفْظُ الْقِتَالِ يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْعَنْوَةَ وَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهِ الصُّلْحُ فَإِنَّ الْقِتَالَ قَدْ يَكُونُ سَبَبًا إلَى الْعَنْوَةِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ سَبَبًا إلَى الصُّلْحِ وَمُرَادُنَا بِالصُّلْحِ وَالْعَنْوَةِ أَنَّ الْأَرْضَ آلَ حَالُهَا أَنْ اسْتَقَرَّتْ بِأَيْدِي أَرْبَابِهَا بِصُلْحٍ صَالَحُوا عَلَيْهَا أَوْ زَالَتْ عَنْ مِلْكِهِمْ بِالْعَنْوَةِ وَالْغَلَبَةِ.

قَالَ مَالِكٌ قُسِّمَتْ خَيْبَرُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا عَلَى أَلْفٍ وَثَمَانِمِائَةٍ رَجُلٍ لِكُلِّ رَجُلٍ سَهْمُهُ قَالَ وَمَا كَانَ افْتَتَحَ مِنْ خَيْبَرَ خَمْسَةٌ وَقُسِّمَ الْبَاقِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَمَا خَمَّسَ مِنْهَا بِغَيْرِ قِتَالٍ فَلَمْ يُخَمَّسْ، وَأَقْطَعَ مِنْهَا أَزْوَاجَهُ فَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ خَيْبَرَ كَانَتْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ؛ قِسْمٌ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ عَنْوَةً بِالْقِتَالِ فَخُمِّسَ وَقُسِّمَ الْأَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ، وَقِسْمٌ أُجْلُوا عَنْهُ وَأَسْلَمُوهُ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ فَلَمْ يُسْهِمْ مِنْهُ لِأَحَدٍ وَكَانَ حُكْمُ ذَلِكَ كُلِّهِ حُكْمَ الْخُمْسِ كَمَا فُعِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِبِنَى النَّضِيرِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الحشر: ٦] وَأَمَّا فَدَكُ فَصُولِحُوا عَلَى النِّصْفِ وَلَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>