للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسْتِئْذَانُ الْبِكْرِ وَالْأَيِّمِ فِي أَنْفُسِهِمَا (ص) : (مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ فِي نَفْسِهَا وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا» ) .

ــ

[المنتقى]

لَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهَا مُغْتَفِلًا لَهَا إذَا عَلِمَ أَنَّ عَلَيْهَا ثِيَابَهَا وَأَنَّ ذَلِكَ الَّذِي مُنِعَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهَا بَعْدَ إعْلَامِهَا وَأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَا مَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[اسْتِئْذَانُ الْبِكْرِ وَالْأَيِّمِ فِي أَنْفُسِهِمَا]

(ش) : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا» الْأَيِّمُ هِيَ الَّتِي لَا زَوْجَ لَهَا.

وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ زِيَادُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ قَالَ «الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا» وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ الْأَوَّلِ إلَّا أَنَّ لَفْظَ الْأَيِّمِ لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا فِي الَّتِي لَا زَوْجَ لَهَا قَطُّ فَلَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهَا اللَّفْظُ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ أَنَّ الْأَيِّمَ هِيَ الَّتِي لَا زَوْجَ لَهَا بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا بَالِغًا كَانَتْ أَوْ غَيْرَ بَالِغٍ فَيَخُصُّ مِنْ ذَلِكَ الْبِكْرَ ذَاتَ الْأَبِ وَيَحْمِلُهُ عَلَى الثَّيِّبِ وَعَلَى الْبِكْرِ الْيَتِيمَةِ وَمَا تَقَدَّمَ أَظْهَرُ مِنْ جِهَةِ عُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ وَمَعَ ذَلِكَ فَيُحْمَلُ اللَّفْظُ عَلَى عُمُومِهِ دُونَ تَخْصِيصٍ وَرِوَايَةُ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ تُؤَيِّدُ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَمَعْنَى كَوْنِهَا أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إجْبَارُهَا عَلَى النِّكَاحِ وَلَا إنْكَاحُهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِإِذْنِهَا مِمَّنْ تَرْضَاهُ وَلَيْسَ لَهَا هِيَ أَنْ تَعْقِدَ عَلَى نَفْسِهَا نِكَاحًا وَلَا تُبَاشِرَهُ وَلَا أَنْ تَضَعَ نَفْسَهَا عِنْدَ غَيْرِ كُفْءٍ وَلَا أَنْ تُوَلِّي ذَلِكَ غَيْرَ وَلِيِّهَا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَقٌّ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ وَوَجْهُ كَوْنِهَا أَحَقَّ بِهِ أَنَّهَا إنْ كَرِهَتْ النِّكَاحَ لَمْ يَنْعَقِدْ بِوَجْهٍ وَإِنْ كَرِهَهُ الْوَلِيُّ وَرَغِبَتْهُ الْأَيِّمُ عُرِضَ عَلَى الْوَلِيِّ الْعَقْدُ فَإِنْ أَبَى عَقَدَهُ غَيْرُهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ أَوْ السُّلْطَانُ فَهَذَا وَجْهُ كَوْنِهَا أَحَقَّ بِهِ مِنْ وَلِيِّهَا.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ فِي نَفْسِهَا» قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ وَعَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ يُرِيدُ الْبِكْرَ الَّتِي لَا أَبَ لَهَا لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي تُسْتَأْذَنُ.

وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ زِيَادُ بْنُ سَعْدٍ فَقَالَ فِيهِ «وَالْبِكْرُ يَسْتَأْذِنُهَا أَبُوهَا» وَصَوَابُ هَذَا الْحَدِيثِ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ.

وَقَدْ تَابَعَهُ عَلَيْهِ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إمَامٌ إذَا انْفَرَدَ قَوْلُهُ غَلَبَ قَوْلُهُ عَلَى قَوْلِ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ فَكَيْفَ إذَا اتَّفَقَا عَلَى خِلَافِهِ.

وَقَدْ رَوَاهُ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ فَقَالَ فِيهِ «وَالْيَتِيمَةُ تَسْتَأْمِرُ» وَهُوَ أَثْبَتُ مِنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ وَقَوْلُهُ أَيْضًا أَوْلَى مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ وَلَعَلَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْفَضْلِ لِعِلْمِهِ بِالْمُرَادِ بِهِ كَانَ مَرَّةً يَقُولُ «وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ» وَمَرَّةً يَقُولُ «وَالْيَتِيمَةُ تُسْتَأْمَرُ» .

وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ شُعْبَةُ عَنْ مَالِكٍ فَقَالَ فِيهِ «وَالْيَتِيمَةُ تُسْتَأْمَرُ» وَوَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ زِيَادَةَ بْنِ سَعْدٍ «وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ» بِمِثْلِ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَوَجْهٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنَّا لَوْ سَلَّمْنَا صِحَّةَ رِوَايَةِ زِيَادٍ لَحَمَلْنَا عَلَى الْبِكْرِ الْمُعَنَّسَ وَيَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الِاسْتِئْذَانِ الْمَنْدُوبُ إلَيْهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَاَلَّتِي تُسْتَأْذَنُ هِيَ الْبِكْرُ الْبَالِغُ قَالَهُ سَحْنُونٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّ غَيْرَ الْبَالِغِ لَا إذْنَ لَهَا فَالْإِنْكَارُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ بِكْرٌ بَالِغٌ تُنْكَحُ وَتُسْتَأْذَنُ وَهِيَ الَّتِي ذَكَرَ أَنَّهُ يُزَوِّجُهَا وَصِيُّهَا أَوْ وَلِيُّهَا وَبِكْرٌ لَا تُنْكَحُ وَلَا تُسْتَأْذَنُ وَهِيَ الْيَتِيمَةُ الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ الْمَحِيضَ فَإِنَّ الْيَتِيمَةَ لَا تُزَوَّجُ إلَّا بِإِذْنِهَا وَاَلَّتِي لَمْ تَبْلُغْ لَا يَصِحُّ إذْنُهَا فَلَا يَصِحُّ إنْكَاحُهَا وَهَذَا فِي ذَاتِ الْقَدْرِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَيْسَ لِوَصِيٍّ وَلَا لِوَلِيٍّ إنْكَاحُ صَغِيرَةٍ حَتَّى تَبْلُغَ فَإِنْ فَعَلَ فُسِخَ ذَلِكَ أَبَدًا وَإِنْ طَالَ وَكَانَ الْوَلَدُ وَرَضِيَتْ بِذَلِكَ قَالَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ يُفْسَخُ إلَّا أَنْ يَتَقَادَمَ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَيَمْضِي وَقَالَ أَصْبَغُ حَتَّى يَتَقَادَمَ وَتَلِدَ الْأَوْلَادَ وَلَمْ يَرَ التَّمَادِي عَشَرَةَ أَشْهُرٍ طُولًا مَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>