للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أَيُّمَا رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَبِهَا جُنُونٌ أَوْ جُذَامٌ أَوْ بَرَصٌ]

[الْبَابُ الْأَوَّلُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ بِالْعُيُوبِ الْمُؤَثِّرَةِ فِي مَنْعِ الِاسْتِمْتَاعِ]

ــ

[المنتقى]

مَعْنًى لَا يُؤَثِّرُ فِي الِاسْتِمْتَاعِ فَلَا يُوجِبُ خِيَارَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ كَمَا لَوْ كَانَتْ شَارِبَةَ خَمْرٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْخَاطِبُ لِنَفْسِهِ فِي ذَلِكَ فَيَكُونُ لَهُ إلَّا السَّوْدَاءَ فَإِنَّهُ يَكُونُ ذَلِكَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي أَهْلِهَا سَوَادٌ لِأَنَّ ذَلِكَ كَالشَّرْطِ وَيَجِبُ عَلَى هَذَا أَنْ يُعْلَمَ الزَّوْجُ بِذَلِكَ وَيَتَزَوَّجُ عَلَى أَنَّ أَهْلَهَا لَا أَسْوَدَ فِيهِمْ وَإِلَّا فَلَيْسَ فِي مَعْنَى الشَّرْطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا يُوجِبُ الْفُرْقَةَ بِذَلِكَ قَبْلَ الْمَسِيسِ] ١

ِ أَمَّا مَا يُوجِبُ الْفُرْقَةَ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا بِالْمَرْأَةِ حِينَ الْعَقْدِ أَوْ حَادِثًا بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا بِهَا حِينَ الْعَقْدِ فَعَلِمَ بِهِ الزَّوْجُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَ الْعَقْدِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُفَارِقَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَهْرِ أَوْ يَبْنِي وَعَلَيْهِ جَمِيعُهُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ عَيْبٌ دُلِّسَ لَهُ بِهِ وَلَمْ يَفُتْ الْبُضْعُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ لَا يَرْضَى بِالْعَيْبِ فَيَرُدَّ النِّكَاحَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَهْرِ أَوْ يَرْضَى بِهِ فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَيَكُونُ عَلَيْهِ جَمِيعُ الْمَهْرِ أَوْ نِصْفُهُ إنْ طَلَّقَ بَعْدَ الرِّضَا وَقَبْلَ الْبِنَاءِ.

(فَرْعٌ) فَإِنْ ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّ بِالْمَرْأَةِ دَاءَ الْفَرْجِ وَأَنْكَرَتْ ذَلِكَ الزَّوْجَةُ فَفِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ هِيَ مُصَدَّقَةٌ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُنْظِرَ إلَيْهَا النِّسَاءَ وَرَوَى سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُنْظِرُ إلَيْهَا النِّسَاءَ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ سَحْنُونٌ عَلَيْهِ وَقَالَ كَيْفَ تُعْرَفُ إلَّا بِنَظَرِهِنَّ وَرَوَى ابْنُ سَحْنُونَ عَنْ أَبِيهِ يُنْظِرُ إلَيْهَا النِّسَاءَ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ كَانَ حَادِثًا بَعْدَ الْعَقْدِ فَعَلِمَ بِذَلِكَ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجِ إلَّا أَنْ يُفَارِقَ وَيَكُونَ عَلَيْهِ نِصْفُ الصَّدَاقِ أَوْ يَبْنِي وَيَكُونَ عَلَيْهِ جَمِيعُهُ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُفَارِقُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ هَذَا الْعَيْبَ إنَّمَا حَدَثَ فِيمَا عَقَدَ عَلَيْهِ بَعْدَ مِلْكِهِ لَهُ فَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُ كَمَا لَوْ مَاتَتْ.

١ -

(فَرْعٌ) فَإِنْ ظَهَرَ بَعْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ بِمُدَّةٍ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي فَقَالَ الزَّوْجُ كَانَ ذَلِكَ بِهَا يَوْمَ الْعَقْدِ وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ وَالْوَلِيُّ إنَّمَا حَدَثَ ذَلِكَ بَعْدَ الْعَقْدِ فَقَدْ رَوَى الْعُتْبِيُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ الْبَيِّنَةُ عَلَى الزَّوْجِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَدَّعِي فَسْخَ عَقْدٍ ظَاهِرُهُ اللُّزُومُ وَذَلِكَ مِنْ مُقْتَضَاهُ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِمَا يَدَّعِيهِ.

(فَرْعٌ) فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِلزَّوْجِ بَيِّنَةٌ فَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ إنْ كَانَ الْوَلِيُّ أَبًا أَوْ أَخًا فَعَلَيْهِ الْيَمِينُ وَإِنْ غَيْرَهُمَا فَالْيَمِينُ عَلَيْهَا وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْأَبَ وَالْأَخَ لَمَّا كَانَا مِمَّنْ يَرْجِعُ عَلَيْهِمَا بِالْمَهْرَانِ ثَبَتَ الرُّجُوعُ بِذَلِكَ لَزِمَتْهُمَا الْيَمِينُ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ هَذَا حُكْمُهُ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ الضَّمَانَ وَإِنْ كَانَ الْوَلِيُّ مِمَّنْ لَا يُرْجَعُ عَلَيْهِ بِالْمَهْرِ لَمْ تَلْزَمْهُ الْيَمِينُ.

[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي مُوجِبِ الْفُرْقَةَ بِذَلِكَ بَعْدَ الْمَسِيسِ]

ِ وَأَمَّا مُوجِبُ الْفُرْقَةِ بِذَلِكَ بَعْدَ الْمَسِيسِ فَإِنَّ مَا ظَهَرَ عَلَيْهِ الزَّوْجُ مِنْ ذَلِكَ بِالْمَرْأَةِ بَعْدَ الْمَسِيسِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَحْدُثَ قَبْلَ عَقْدِ النِّكَاحِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ حَدَثَ بَعْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ فَقَدْ وَجَبَ لِلْمَرْأَةِ جَمِيعُ الْمَهْرِ بِالْمَسِيسِ سَوَاءٌ عَلِمَ بِذَلِكَ قَبْلَ الْوَطْءِ أَوْ بَعْدَهُ وَإِنْ كَانَ بِالْمَرْأَةِ قَبْلَ الْعَقْدِ وَلَمْ يَعْلَمْ الزَّوْجُ بِهِ إلَّا بَعْدَ الْوَطْءِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ لِلْبِضْعِ الْمُسْتَبَاحِ مِنْ عِوَضٍ وَسَيَأْتِي تَفْسِيرُهُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَذَلِكَ لِزَوْجِهَا غُرْمٌ عَلَى وَلِيِّهَا وَقَوْلُ مَالِكٍ بَعْدَهُ أَنَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ وَلِيُّهَا هُوَ أَخُوهَا أَوْ أَبُوهَا أَوْ مَنْ يَرَى أَنَّهُ يَعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهَا وَأَمَّا إنْ كَانَ وَلِيُّهَا الَّذِي أَنْكَحَهَا ابْنُ عَمٍّ أَوْ مَوْلًى أَوْ مِنْ الْعَشِيرَةِ أَوْ مِمَّنْ يَرَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ غُرْمٌ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ مَالِكٍ خِلَافًا لِقَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَنْ يَكُونَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَدْ أَوْرَدَ قَوْلَ عُمَرَ عَلَى مَا رَوَاهُ وَذَكَرَ رَأْيَهُ عَلَى مَا رَآهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَالِكٌ تَلَقَّى قَوْلَ عُمَرَ عَلَى أَنَّهُ مُوَافِقٌ لِرَأْيِهِ وَلَكِنَّهُ خَاصٌّ فِي الْوَلِيِّ الَّذِي يَظُنُّ بِهِ أَنَّهُ يَعْلَمُ وَبَيَّنَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ذَلِكَ بِتَفْصِيلِهِ الَّذِي فَصَّلَهُ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَكَانَ مَا وَجَدَ مِنْ الْعَيْبِ بِالْمَرْأَةِ مَوْجُودًا بِهَا حِينَ الْعَقْدِ وَظَهَرَ عَلَيْهِ الزَّوْجُ بَعْدَ الْمَسِيسِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ فِي عَقْدِ نِكَاحِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>