للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

رَوَى عَنْهُ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ حَبِيبٍ جَوَازَهُ وَجْهُ رِوَايَةِ الْجَوَازِ أَنَّهُ تَفْوِيضٌ فِي مِقْدَارِ الصَّدَاقِ فَلَمْ يَمْنَعْ صِحَّةَ النِّكَاحِ كَالتَّفْوِيضِ إلَى الزَّوْجِ وَوَجْهُ رِوَايَةِ الْمَنْعِ أَنَّ الصَّدَاقَ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ فَإِذَا بَذَلَ مَهْرَ الْمِثْلِ لَزِمَ النِّكَاحُ وَلَيْسَ مِنْ جِهَةِ الْمَرْأَةِ فَإِذَا رَضِيَتْ بِهِ لَمْ يَلْزَمْ النِّكَاحُ لِأَنَّ لِلزَّوْجِ الِامْتِنَاعَ مِنْ ذَلِكَ فَلَمَّا لَمْ يَلْزَمْ النِّكَاحُ مِنْ إحْدَى الْجِهَتَيْنِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ كَانَ التَّفْوِيضُ فِي الْبُضْعِ.

[الْبَابُ الثَّانِي فِي حُكْمِ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ قَبْلَ الْمَسِيسِ] ١

(الْبَابُ الثَّانِي فِي حُكْمِ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ قَبْلَ الْمَسِيسِ) وَأَمَّا نِكَاحُ التَّفْوِيضِ بِالتَّصْرِيحِ أَوْ السُّكُوتِ فَإِنَّهُ لَازِمٌ لِلْمَرْأَةِ إنْ فَرَضَ لَهَا الزَّوْجُ مَهْرَ الْمِثْلِ وَلَا يَخْلُو غَرَضُهُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ أَحَدُهَا أَنْ يَفْرِضَ مَهْرَ الْمِثْلِ فَأَكْثَرَ وَالثَّانِي أَنْ يَفْرِضَ أَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ مِمَّا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَهْرًا وَالثَّالِثُ أَنْ يَفْرِضَ مِنْ الْمَهْرِ مَا لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَهْرًا فَإِذَا فَرَضَ مَهْرَ الْمِثْلِ فَأَكْثَرَ فَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الزَّوْجَ قَدْ مَلَكَ اسْتِبَاحَةَ بُضْعِهَا بِدَلِيلِ صِحَّةِ النِّكَاحِ وَإِذَا مَلَكَ ذَلِكَ بِنَفْسِ الْعَقْدِ لَمْ يَلْزَمْهُ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهِ وَذَلِكَ مَهْرُ الْمِثْلِ فَإِنْ فَرَضَ أَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ مِمَّا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَهْرًا وَذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ رُبُعِ دِينَارٍ فَإِنْ رَضِيَتْهُ الزَّوْجَةُ جَازَ النِّكَاحُ وَلَزِمَهَا وَإِنْ أَبَتْ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهَا النِّكَاحُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا فَرَضَ رُبُعَ دِينَارٍ فَأَكْثَرَ فَالْحَقُّ غَيْرُ خَارِجٍ عَنْهُمَا فَمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ لَزِمَهُمَا وَجَازَ لَهُمَا ذَلِكَ وَأَمَّا إذَا فَرَضَ لَهَا مَا لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَهْرًا وَذَلِكَ أَنْ يَفْرِضَ لَهَا أَقَلَّ مِنْ رُبُعِ دِينَارٍ فَلَا يَجُوزُ لَهَا الرِّضَا بِهِ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُمَا إسْقَاطُهُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ تَزَوَّجَ عَلَى حُكْمِ أَجْنَبِيٍّ أَوْ عَلَى حُكْمِ الْوَلِيِّ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ فَرَضَ لَهَا مَهْرَ الْمِثْلِ فَأَكْثَرَ فَلَا حُجَّةَ لَهَا وَإِنْ أَبَى فَارَقَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَا حَكَمَ فِيهِ الْأَجْنَبِيُّ إنْ رَضِيَا بِحُكْمِهِ وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِمَنْزِلَةِ إذَا لَمْ يَفْرِضْ الزَّوْجُ مَهْرَ الْمِثْلِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ إلَيْهِ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّ التَّحْكِيمَ لَا يَقْتَضِي الرُّجُوعَ إلَى قَوْلِ الْحُكْمِ وَلِذَلِكَ إذَا حَكَمَ الزَّوْجُ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ لَمْ يَلْزَمْ ذَلِكَ الزَّوْجَةَ وَإِنَّمَا يَقْتَضِي التَّحْكِيمُ لُزُومَ مَهْرِ الْمِثْلِ وَالتَّسَامُحِ فِي إحْدَى الْجِهَتَيْنِ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يَسْتَوِيَ فِيهِ تَحْكِيمُ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ وَالْأَجْنَبِيِّ وَالْوَلِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ مَا يَأْتِي ذِكْرُهُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ عُقِدَ النِّكَاحُ عَلَى حُكْمِ الزَّوْجَةِ وَقُلْنَا بِجَوَازِهِ فَقَدْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إنْ بَذَلَ لَهَا مَهْرَ الْمِثْلِ لَزِمَهَا كَالتَّفْوِيضِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغَ وَأَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا يَلْزَمُهَا الرِّضَا بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَأَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ.

وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْهُمَا وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا تَقَدَّمَ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ التَّحْكِيمَ تَوَجَّهَ إلَى جِهَةٍ فَلَا يَلْزَمُ الرِّضَا بِغَيْرِهَا كَمَا لَوْ عُلِّقَ بِحُكْمِ فُلَانٍ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ تَزَوَّجَ عَلَى التَّفْوِيضِ فَطَلَّقَ ابْتِدَاءً لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ مِنْ الْمَهْرِ وَلَا غَيْرِهِ إلَّا أَنَّهُ مَنْدُوبٌ إلَى الْمُتْعَةِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ} [البقرة: ٢٣٦] .

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ فَرَضَ لَهَا بَعْدَ الْعَقْدِ مَهْرَ الْمِثْلِ وَاتَّفَقَا عَلَيْهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَهَا نِصْفُ ذَلِكَ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا نَقُولُهُ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: ٢٣٧] وَهَذَا عَامٌّ فَنَحْمِلُهُ عَلَى عُمُومِهِ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا فَرْضٌ يَجِبُ بِالْبِنَاءِ فَيَلْزَمُ أَنْ يَجِبَ نِصْفُهُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ كَالْفَرْضِ فِي نَفْسِ الْعَقْدِ.

(مَسْأَلَةٌ) وَمَنْ تَزَوَّجَ عَلَى تَفْوِيضٍ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ التَّسْمِيَةِ وَالْمَسِيسِ فَالتَّوَارُثُ بَيْنَهُمَا ثَابِتٌ وَلَا مَهْرَ لِلْمَرْأَةِ رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ إنَّمَا قُلْت إنَّ بَيْنَهُمَا التَّوَارُثَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} [النساء: ١٢] وَقَوْلُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>