للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دِينَارٍ وَذَلِكَ أَدْنَى مَا يَجِبُ بِهِ الْقَطْعُ)

ــ

[المنتقى]

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تُنْكَحَ امْرَأَةٌ بِأَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ أَوْ عَرَضٍ قِيمَتِهِ ذَلِكَ وَهُوَ الْمِقْدَارُ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ فِي السَّرِقَةِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ أَكْثَرَ الْمَهْرِ لَا يَتَقَدَّرُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ.

وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ لَا أُحِبُّ الْإِغْرَاقَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَهْرِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَأَمَّا أَقَلُّ الْمَهْرِ فَإِنَّهُ يَتَقَدَّرُ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَتَقَدَّرُ وَيَجُوزُ عَقْدُهُ بِالْحَبَّةِ وَالْحَبَّتَيْنِ وَالشَّيْءِ الطَّفِيفِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا سَبَبٌ لِاسْتِبَاحَةِ الْعُضْوِ بِمَالٍ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُقَدَّرًا كَالسَّرِقَةِ وَدَلِيلٌ ثَانٍ أَنَّ مَا قَصَرَ عَنْ رُبْعِ دِينَارٍ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَهْرًا أَصْلُ ذَلِكَ مَا لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا كَقِشْرَةِ الْبَيْضَةِ وَفَلَقَةِ الْحَبَّةِ وَاسْتِدْلَالٌ فِي الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ أَنَّ الْمَقَادِيرَ تُؤَثِّرُ فِي الْعُقُودِ مَا لَا تُؤَثِّرُ الصِّفَاتُ وَلِذَلِكَ قُلْنَا إنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْمِقْدَارِ تَمْنَعُ بَذْلَ مَا يَجْرِي فِيهِ الرِّبَا مِنْ الْعَيْنِ وَغَيْرِهِ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ الزِّيَادَةَ فِي الصِّفَاتِ ثُمَّ ثَبَتَ وَتَقَرَّرَ أَنَّ النَّقْصَ فِي الصِّفَاتِ مُؤَثِّرٌ فِي صِحَّةِ الْمَهْرِ فَلَا يَجُوزُ بِالْقُرُونِ وَالْجِرَارِ الْمَكْسُورَةِ لِنُقْصَانِ صِفَاتِهَا فَبِأَنْ يُؤَثِّرَ نَقْصُ الْمِقْدَارِ فِي ذَلِكَ أَوْلَى وَأَحْرَى.

١ -

(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ أَنَّ أَقَلَّ الْمَهْرِ يَتَقَدَّرُ فَإِنَّ أَقَلَّهُ رُبْعُ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَأَجَازَ ابْنُ وَهْبٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ النِّكَاحَ بِدِرْهَمٍ.

وَرُوِيَ عَنْ رَبِيعَةَ جَوَازُهُ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ.

وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ أَقَلُّ ذَلِكَ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَقَلُّ الْمَهْرِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ أَوْ دِينَارٌ.

وَقَالَ النَّخَعِيُّ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَقَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ خَمْسُونَ دِرْهَمًا وَدَلِيلُنَا أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مَبْنِيَّةٌ عِنْدَنَا عَلَى أَنَّ يَدَ السَّارِقِ تُقْطَعُ بِرُبْعِ دِينَارٍ فَإِنْ لَمْ يَسْلَمْ لَنَا ذَلِكَ نَقَلْنَا الْكَلَامَ إلَى الْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ وَإِنْ سَلِمَ لَنَا قِسْنَا عَلَيْهِ بِأَنَّهُ عُضْوٌ مُسْتَبَاحٌ بِمَالٍ فَوَجَبَ أَنْ يَتَقَدَّرَ بِمَا أَقَلُّهُ رُبْعُ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ.

(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَمَنْ تَزَوَّجَ بِأَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ قَبْلَ الْبِنَاءِ بَيْنَ إتْمَامِ الثَّلَاثَةِ دَرَاهِمَ أَوْ الْفَسْخِ قَالَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا قَالَ سَحْنُونٌ.

وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الرُّوَاةِ يُفْسَخُ وَإِنْ أَتَمَّ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فَإِذَا قُلْنَا بِالرِّوَايَةِ الْأُولَى فَإِنْ أَتَمَّ الْمَهْرَ فَهُوَ عَلَى نِكَاحِهِ وَإِنْ أَبَى مِنْ ذَلِكَ فُسِخَ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا بِتَطْلِيقَةٍ وَكَانَ لَهَا نِصْفُ الدِّرْهَمَيْنِ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا.

وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ لَا شَيْءَ لَهَا وَجْهُ قَوْلِنَا لَهَا نِصْفُ الدِّرْهَمَيْنِ أَنَّهُ صَدَاقٌ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي صِحَّتِهِ فَلِذَلِكَ حُكِمَ لَهَا بِنِصْفِهِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي وَعَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ هَذَا مَهْرٌ فَسَخَ النِّكَاحَ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ فَإِذَا فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ يَجِبْ نِصْفُهُ أَصْلُ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْفَسَادُ فِي جِنْسِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ بَنَى بِهَا لَزِمَ النِّكَاحُ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَيَلْزَمُهُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَيَتِمُّ لَهَا ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّ الْفَسَادَ فِي الْمَهْرِ فَإِذَا فَاتَ فُسِخَ النِّكَاحُ بِالْبِنَاءِ لَزِمَ الزَّوْجَ مَهْرُ الْمِثْلِ.

وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ جِنْسَ الْمَهْرِ صَحِيحٌ وَإِنَّمَا دَخَلَ الْفَسَادُ فِي مِقْدَارِهِ فَوَجَبَ تَصْحِيحُهُ فِي الْمِقْدَارِ لَا فِي الْجِنْسِ وَقَدْ رَضِيَتْ بِمَا دُونَ الرُّبْعِ دِينَارٍ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ فَإِذَا بَلَغَتْ رُبْعَ دِينَارٍ فَلَا زِيَادَةَ لَهَا عَلَيْهِ أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ تَزَوَّجَتْ بِدِينَارٍ نَقْدًا وَدِينَارٍ مُؤَجَّلٍ إلَى مَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ وَكَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفَ دِينَارٍ فَفَاتَ الْمَهْرُ بِالْبِنَاءِ أَنَّهَا لَا تُزَادُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى الدِّينَارَيْنِ.

[الْفَسَادِ فِي الْمَهْر مِنْ جِهَةِ الْجِنْسِ وَفِي ذَلِكَ بَابَانِ]

[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَهْرِ مِنْ الْفَسَادِ مِنْ جِهَةِ الْجِنْسِ] ١

(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْفَسَادَ يَدْخُلُ فِي الْمَهْرِ مِنْ جِهَتَيْنِ إحْدَاهُمَا مِنْ جِهَةِ الْعَدَدِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَالثَّانِيَةُ مِنْ جِهَةِ الْجِنْسِ وَفِي ذَلِكَ بَابَانِ الْبَابُ الْأَوَّلُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَهْرِ مِنْ الْفَسَادِ مِنْ جِهَةِ الْجِنْسِ وَالْبَابُ الثَّانِي فِي حُكْمِ النِّكَاحِ الْمُنْعَقِدِ عَلَى ذَلِكَ.

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَهْرِ مِنْ الْفَسَادِ مِنْ جِهَةِ الْجِنْسِ) الْمَهْرُ عَلَى ضَرْبَيْنِ مَنَافِعُ وَأَعْيَانٌ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي حُكْمِ الْمَنَافِعِ وَالْكَلَامُ هَاهُنَا فِي حُكْمِ الْأَعْيَانِ وَذَلِكَ أَنَّ الْأَعْيَانَ عَلَى ضَرْبَيْنِ ضَرْبٌ يَجُوزُ تَمَلُّكُهُ كَالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَالْحَيَوَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>