للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا لَا يَجُوزُ مِنْ نِكَاحِ الرَّجُلِ أُمَّ امْرَأَتِهِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ سُئِلَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ فَارَقَهَا قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا هَلْ تَحِلُّ لَهُ أُمُّهَا فَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ لَا الْأُمُّ مُبْهَمَةٌ لَيْسَ فِيهَا شَرْطٌ وَإِنَّمَا الشَّرْطُ فِي الرَّبَائِبِ)

ــ

[المنتقى]

وَسَنَذْكُرُهُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ حَامِلًا مِنْ زِنًا لَمْ يَجُزْ وَطْؤُهَا.

(فَرْعٌ) وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَطْءُ وَلِيدَةٍ مِمَّنْ ذَكَرْنَا لِحَمْلِهَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُقَبِّلَهَا وَلَا يَسْتَمْتِعَ بِهَا رَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ كَانَتْ لَهُ أَمَةٌ حَامِلٌ مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا وَلَا يُقَبِّلَهَا وَلَا يُبَاشِرَهَا وَلَا يَلْتَذَّ بِهَا بِغَمْزٍ وَلَا غَيْرِهِ كَانَ حَمْلُهَا ذَلِكَ مِنْ زِنًا أَوْ غَيْرِهِ وَلَا يَمَسَّ لَهَا يَدًا وَلَا رِجْلًا.

[مَا لَا يَجُوزُ مِنْ نِكَاحِ الرَّجُلِ أُمَّ امْرَأَتِهِ]

(ش) : قَوْلُهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ فَارَقَهَا قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا يُرِيدُ أَنَّهُ عَقَدَ نِكَاحَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّهَا فَسَأَلَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ هَلْ يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ الْأُمُّ مُبْهَمَةٌ يُرِيدُ أَنَّ ذِكْرَهَا فِي آيَةِ التَّحْرِيمِ مُطْلَقٌ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِصِفَةٍ لِأَنَّهُ قَالَ {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: ٢٣] فَلَمْ يُقَيِّدْ بِالْبِنَاءِ وَلَا غَيْرِهِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ لَيْسَ فِيهَا شَرْطٌ لِأَنَّ التَّقْيِيدَ بِمَعْنَى الشَّرْطِ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ فِي تَحْرِيمِ الْأُمِّ دُخُولًا وَلَا غَيْرَهُ وَقَوْلُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَإِنَّمَا الشَّرْطُ فِي الرَّبَائِبِ يُرِيدُ أَنَّ التَّقْيِيدَ إنَّمَا وَرَدَ فِي الرَّبَائِبِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: ٢٣] فَقَيَّدَ تَحْرِيمَ ذَلِكَ بِالدُّخُولِ بِالْأُمِّ فَبَقِيَتْ غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا دَاخِلَةً تَحْتَ عُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: ٢٤] وَهَذَا الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ هُوَ قَوْلُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَابْنِ عُمَرَ وَطَاوُسٍ وَالزُّهْرِيِّ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ.

وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأُمَّ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِالْبِنْتِ وَبِهِ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَمُجَاهِدٌ.

وَرُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ قَالَ إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّهَا وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ ذَلِكَ وَقَدْ أَنْكَرَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَنْهُ الْقَاضِي قَالَ وَهِيَ مِنْ رِوَايَةِ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْهُ قَالَ وَقَدْ سَمِعْت عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ يُضَعِّفُ فِي حَدِيثِ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدٍ وَقَالَ أَحْسَبُ أَنَّ بَيْنَهُمَا رَجُلًا لِأَنَّهُ يُخَالِفُ أَصْحَابَ سَعِيدٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ قَوْله تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: ٢٣] وَلَمْ يَخُصَّ مَدْخُولًا بِابْنَتِهَا مِنْ غَيْرِهَا فَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى عُمُومِهِ إلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ فَإِنْ قِيلَ فَإِنَّهُ قَدْ شَرَطَ فِي الرَّبَائِبِ بَعْدَ هَذَا الدُّخُولِ فَقَالَ {وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [النساء: ٢٣] وَالشَّرْطُ إذَا وَرَدَتْ عَقِبَهُ جُمَلٌ وَجَبَ تَعَلُّقُهُ بِجَمِيعِهَا كَالِاسْتِثْنَاءِ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ إنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ إذَا صَحَّ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ رَاجِعًا إلَى جَمِيعِ الْمَعْطُوفِ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ فَإِذَا لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ وَلَمْ يَنْتَظِمْ عَلَيْهِ الْكَلَامُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَى مَا يَصِحُّ مِنْهُ دُونَ غَيْرِهِ وَلَا يَصِحُّ فِي مَسْأَلَتِنَا أَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ مُتَعَلِّقًا بِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ اللَّفْظِ وَلَا بِالْمَوْضِعِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَأَمَّا امْتِنَاعُهُ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ فَإِنَّ النِّسَاءَ فِي قَوْلِهِ {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: ٢٣] مَخْفُوضٌ بِالْإِضَافَةِ وَالنِّسَاءُ فِي قَوْلِهِ {وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ} [النساء: ٢٣] مَخْفُوضٌ بِحَرْفِ الْجَرِّ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ {اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: ٢٣] نَعْتًا لَهُمَا لِاخْتِلَافِ الْعَامِلِ فِيهِمَا هَذَا قَوْلُ الْبَصْرِيِّينَ مِنْ النُّحَاةِ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَجَازَهُ الْكُوفِيُّونَ لِاتِّفَاقِهِمَا فِي الْخَفْضِ وَمَا قَالَهُ الْبَصْرِيُّونَ أَوْلَى لِأَنَّ الصِّفَةَ تَتْبَعُ الْمَوْصُوفَ فِي الْمَعْنَى وَاللَّفْظِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ فِي الْمَوْصُوفِ عَامِلًا فِي الصِّفَةِ وَلِذَلِكَ إذَا قُلْت هَذَا غُلَامُ زَيْدٍ الْعَاقِلُ وَإِنْ كَانَ خَفْضُ زَيْدٍ بِالْإِضَافَةِ فَخَفْضُ الْعَاقِلِ بِذَلِكَ أَيْضًا لِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَقُولَ هَذَا غُلَامُ الْعَاقِلِ وَلَوْ لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ كَوْنُهُ وَصْفًا لَهُ وَإِذَا قُلْت خُذْ مِنْ عَمْرِو الْكَرِيمِ دِرْهَمًا فَإِنَّ الْكَرِيمَ أَيْضًا وَصْفٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>