للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذَلِكَ أَنَّهُ أَصَابَهَا حَرَامًا وَإِنَّمَا الَّذِي حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى مَا أُصِيبَ بِالْحَلَالِ أَوْ عَلَى وَجْهِ الشُّبْهَةِ بِالنِّكَاحِ قَالَ مَالِكٌ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى اسْمُهُ {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٢٢] قَالَ مَالِكٌ فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا نَكَحَ امْرَأَةً فِي عِدَّتِهَا نِكَاحًا حَلَالًا فَأَصَابَهَا حُرِّمَتْ عَلَى ابْنِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَذَلِكَ أَنَّ أَبَاهُ نَكَحَهَا عَلَى وَجْهِ الْحَلَالِ لَا يُقَامُ عَلَيْهِ فِيهِ الْحَدُّ وَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ الَّذِي يُولَدُ فِيهِ بِأَبِيهِ وَكَمَا حُرِّمَتْ عَلَى ابْنِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا حِينَ تَزَوَّجَهَا أَبُوهُ فِي عِدَّتِهَا وَأَصَابَهَا فَكَذَلِكَ تَحْرُمُ عَلَى الْأَبِ ابْنَتُهَا إذَا هُوَ أَصَابَ أُمَّهَا) .

ــ

[المنتقى]

[نِكَاحُ الرَّجُلِ أُمَّ امْرَأَةٍ قَدْ أَصَابَهَا عَلَى وَجْهٍ مِمَّا يُكْرَهُ]

(ش) : قَوْلُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الرَّجُلِ يَزْنِي بِالْمَرْأَةِ فَيُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ فِيهَا أَنَّهُ يَنْكِحُ ابْنَتَهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ وَطْءَ الزِّنَا لَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ وَإِنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ ابْنَتَهَا سَوَاءٌ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فِي أُمِّهَا أَوْ لَمْ يَقُمْ وَلَا يَخْلُو أَنْ تَكُونَ ابْنَتُهَا مَخْلُوقَةً مِنْ غَيْرِ مَائِهِ أَوْ مَخْلُوقَةً مِنْ مَائِهِ فَإِنْ كَانَتْ مَخْلُوقَةً مِنْ غَيْرِ مَائِهِ مِثْلُ أَنْ تَكُونَ ابْنَةً مِنْ غَيْرِهِ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ سِفَاحٍ فَهُوَ الَّذِي تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهَا أَنَّهَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا.

وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْوَاضِحَةِ أَنَّ مَنْ زَنَى بِالْأُمِّ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ ابْنَتُهَا وَتَقَدُّمُ الْكَلَامِ فِي ذَلِكَ يُغْنِي عَنْ إعَادَتِهِ.

(فَرْعٌ) فَإِنْ قُلْنَا بِالْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ فَتَزَوَّجَ الْبِنْتَ بَعْدَ الزِّنَى بِالْأُمِّ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ تُفَارِقُهُ وَلَمْ يَقُلْ يُقْضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ.

وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ فَعَلَ جَازَ وَلَمْ أَحْكُمْ عَلَيْهِ بِالْفِرَاقِ وَقَدْ كَرِهَهُ مَالِكٌ وَأَجَازَهُ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَإِذَا قُلْنَا بِالْإِبَاحَةِ وَكَانَتْ الْبِنْتُ مَخْلُوقَةً مِنْ مَائِهِ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ زَنَى بِهَا فَحَمَلَتْ مِنْهُ وَوَلَدَتْ جَارِيَةٌ فَأَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَقَدْ حَكَى الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ قَالَ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ قَدْ قَالَ بِهِ مِنْ أَصْحَابِنَا الْمُتَقَدِّمِينَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ هِيَ حَرَامٌ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ فِي عِلَّةِ التَّحْرِيمِ فَبَعْضُهُمْ يَقُولُ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا رَبِيبَةُ بِنْتِ امْرَأَةٍ وَطِئَهَا بِزِنًا وَالزِّنَا عِنْدَهُمْ يُحَرِّمُ عَلَيْهِ الْأُمَّ وَالْبِنْتَ وَيَنْشُرُ تَحْرِيمَ الْمُصَاهَرَةِ فَعَلَى هَذِهِ الْعِلَّةِ يَجُوزُ لِأَخِي الزَّانِي أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ يَقُولُ إنَّهَا حُرِّمَتْ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا رَبِيبَةٌ وَخُلِقَتْ مِنْ مَائِهِ فَعَلَى هَذِهِ الْعِلَّةِ لَا يَجُوزُ لِأَخِي الزَّانِي أَنْ يَتَزَوَّجَهَا لِأَنَّهُ عَمُّهَا وَدَلِيلُنَا أَنَّ هَذَا مَعْنًى لَا يُوجِبُ نَسَبًا وَلَا تَحْرِيمَ مُصَاهَرَةٍ فَلَمْ يَمْنَعْ النِّكَاحَ بَيْنَ الْأَحْرَارِ وَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ قَالَ سَحْنُونٌ فِي قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ هَذَا خَطَأٌ صُرَاحٌ وَمَا عَلِمْت مَنْ قَالَهُ مِنْ أَصْحَابِنَا مَعَهُ.

وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَا يَتَزَوَّجُ ابْنَتَهُ مِنْ الزِّنَا وَأَبَاهُ أَصْبَغُ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي ظَنِّي وَمَكْرُوهُهُ بَيِّنٌ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهَا مِنْ زِنًا مُحَرَّمٍ الْوَلَدُ عَلَى مَنْ وَلَدَهُ كَالْوَلَدِ يَحْرُمُ عَلَى الْأُمِّ وَهُوَ مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ مَائِهِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَيَنْكِحُهَا ابْنُهُ إنْ شَاءَ يُرِيدُ لِأَنَّهُ أَصَابَهَا حَرَامًا وَقَدْ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَيْسَ لِابْنِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَإِنَّمَا الَّذِي حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى مَا أُصِيبَ بِالْحَلَالِ عَلَى وَجْهِ شُبْهَةِ النِّكَاحِ يُرِيدُ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ الْوَطْءِ عَلَى هَذِهِ الْوَجْهِ فَهُوَ الَّذِي يَقَعُ بِهِ التَّحْرِيمُ مِنْ جِهَةِ الْمُصَاهَرَةِ دُونَ مَا يَكُونُ مِنْ لَفْظِ الْحَرَامِ وَيَقْتَضِي قَوْلُهُ ذَلِكَ أَنَّ الْوَطْءَ فِي شُبْهَةِ النِّكَاحِ حَلَالٌ وَلِذَلِكَ قَالَ مَا أُصِيبَ بِالْحَلَالِ عَلَى وَجْهِ شُبْهَةِ النِّكَاحِ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ حَلَالٌ مِنْ جِهَةِ الْقَصْدِ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِشُبْهَةِ نِكَاحٍ فَوَطِئَهَا حَائِضَةً أَوْ مُحْرِمَةً أَوْ صَائِمَةً لَنَشَرَ هَذَا الْوَطْءُ عِنْدِي الْحُرْمَةَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُبَاحًا بَلْ هُوَ وَطْءٌ حَرَامٌ مَحْظُورٌ لَكِنَّ تَحْرِيمَهُ لَيْسَ لِتَعَرِّيهِ عَنْ شُبْهَةِ النِّكَاحِ وَإِنَّمَا هُوَ بِمَعْنَى غَيْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٢٢] وَهَذِهِ الْآيَةُ ذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ عَقْدَ الرَّجُلِ عَلَى الْمَرْأَةِ يُحَرِّمُهَا عَلَى ابْنِهِ دُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>