للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(وَالله إِن بت وَلم يجدني ... شعري يَا ذَا الْفضل منفوعا)

(ليخلعن الْجُوع مني الحيا ... وأوسعن الْعلم تقطيعا)

ابْن صَفِيَّة

هُوَ أَبُو غَالب بن صَفِيَّة وَكَانَ نَصْرَانِيّا

وَقَالَ بعض الْعِرَاقِيّين أَن أَبَا المظفر يُوسُف المستنجد بِاللَّه كَانَ خَليفَة صَارِمًا متيقظا فتاكا وَكَانَ وزيره أَبُو المظفر يحيى بن هُبَيْرَة ثمَّ توفّي فاستوزر شرف الدّين بن الْبَلَدِي وَكَانَ يجْرِي مجْرَاه

وَكَانَ فِي الدولة أُمَرَاء أكَابِر كَانَ مُتَقَدم الْجَمَاعَة قطب الدّين قايماز وَكَانَ أَصله أرمنيا وَقد عظم شَأْنه وَعلا مَكَانَهُ وَاسْتولى على الْبِلَاد وتحكم فِي الدولة وَلم يبْق لَهُ ضد وَلَا مناو وَعمد إِلَى أكَابِر أُمَرَاء الدولة فزوجهم ببناته وَكَانَ بَينه وَبَين الْوَزير مماراة

ثمَّ إِن الْخَلِيفَة مرض وَكَانَ طبيبه ابْن صَفِيَّة أَبُو غَالب النَّصْرَانِي وَكَانَ الْوَزير ابْن الْبَلَدِي يحذر الْخَلِيفَة ويخوفه من استطالة قطب الدّين وَمن يجْرِي مَعَه من الْأُمَرَاء فَاطلع الطَّبِيب على بعض الْأَحْوَال وَأَرَادَ التَّقَرُّب عِنْد الْأَمِير قطب الدّين فَنقل إِلَيْهِ الحَدِيث وَاسْتمرّ الْحَال على ذَلِك

فَلَمَّا مرض الْخَلِيفَة عزم فِي الْقَبْض على قطب الدّين وجماعته واطلع ابْن صَفِيَّة على ذَلِك فَمضى على قطب الدّين وعرفه الْحَال وَقَالَ لَهُ قد جرى من الْوَزير كَذَا وَكَذَا فتغد بِهِ قبل أَن يتعشى بك

فَأخذ قطب الدّين يعْمل فكرته ورأيه فِي التَّدْبِير فِي مكايد الْوَزير وَثقل الْخَلِيفَة فِي الْمَرَض واشتغل عَمَّا كَانَ قد دبره مَعَ الْوَزير فِي الْقَبْض على الْأُمَرَاء

فأجمع قطب الدّين رَأْيه على قتل الْخَلِيفَة ثمَّ يتفرغ لهلاك الْوَزير فأسفر رَأْيه على أَنه قرر مَعَ ابْن صَفِيَّة الطَّبِيب أَن يصف للخليفة الْحمام فَدخل الْحَكِيم إِلَى الْخَلِيفَة وَأَشَارَ بالحمام والخليفة يعلم من نَفسه الضعْف فَأبى ذَلِك

فَدخل قطب الدّين وَبَعض الْجَمَاعَة وَقَالَ يَا مَوْلَانَا الْحَكِيم قد أَشَارَ بالحمام فَقَالَ قد رَأينَا أَن نؤخره فغلبوا على رَأْيه وأدخلوه الْحمام وَقد كَانَ أوقد عَلَيْهِ ثَلَاثَة أَيَّام بلياليهن وردوا عَلَيْهِ بَاب الْحمام سَاعَة فَمَاتَ

وأظهروا الْحزن الْعَظِيم وَأتوا إِلَى وَلَده أبي مُحَمَّد الْحسن فاستخلفوه على مَا أَرَادوا وَبَايَعُوهُ ولقب بالمستضيء بِأَمْر الله وَأقَام مُدَّة وَفِي نَفسه شَيْء مِمَّا فعلوا

وَكَانَ قد استوزر عضد الدّين أَبَا الْفرج ابْن رَئِيس الرؤساء وَكَانَ ابْن صَفِيَّة الطَّبِيب على حَاله ملازم الْخدمَة فشرع الْخَلِيفَة فِي الاستبداد بالأمور مَعَ وزيره وَكَانَ قطب الدّين قايماز وَابْن صَفِيَّة مهما اطلع عَلَيْهِ من الْأَحْوَال نَقله إِلَى قطب الدّين وَهُوَ مُتَرَدّد

<<  <   >  >>