للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

القلبية فَإِنَّمَا صنفها أول وُرُوده إِلَى هَمدَان وَكَانَ قد تقضى على هَذَا زمَان وتاج الْملك فِي أثْنَاء هَذَا يمنيه بمواعيد جميلَة

ثمَّ عَن للشَّيْخ التَّوَجُّه إِلَى أصفهان فَخرج متنكرا وَأَنا وَأَخُوهُ وغلامان مَعَه فِي زِيّ الصُّوفِيَّة إِلَى أَن وصلنا إِلَى طبران على بَاب أصفهان بعد أَن قاسينا شَدَائِد فِي الطَّرِيق فَاسْتقْبلنَا أصدقاء الشَّيْخ وندماء الْأَمِير عَلَاء الدولة وخواصه وَحمل إِلَيْهِ الثِّيَاب والمراكب الْخَاصَّة وَأنزل فِي محلّة يُقَال لَهَا كونكنبد فِي دَار عبد الله بن بَابي وفيهَا من الْآلَات والفرش مَا يحْتَاج إِلَيْهِ

وَحضر مجْلِس عَلَاء الدولة فصادف فِي مَجْلِسه الْإِكْرَام والإعزاز الَّذِي يسْتَحقّهُ مثله

ثمَّ رسم عَلَاء الدولة ليَالِي الْجُمُعَات مجْلِس النّظر بَين يَدَيْهِ بِحَضْرَة سَائِر الْعلمَاء على اخْتِلَاف طبقاتهم وَالشَّيْخ من جُمْلَتهمْ

فَمَا كَانَ يُطَاق فِي شَيْء من الْعُلُوم

واشتغل بأصفهان فِي تتميم كتاب الشِّفَاء ففرغ من الْمنطق والمجسطي وَكَانَ قد اختصر أوقليدس والأرثماطيقي والموسيقى

وَأورد فِي كل كتاب من الرياضيات زيادات رأى أَن الْحَاجة إِلَيْهَا دَاعِيَة

أما فِي المجسطي فأورد عشرَة أشكال فِي اخْتِلَاف الْقطر وَأورد فِي آخر المجسطي فِي علم الْهَيْئَة أَشْيَاء لم يسْبق إِلَيْهَا وَأورد فِي أوقليدس شبها وَفِي الأرثماطيقي خَواص حَسَنَة وَفِي الموسيقى مسَائِل غفل عَنْهَا الْأَولونَ وَتمّ الْكتاب الْمَعْرُوف بالشفاء مَا خلا كتابي النَّبَات وَالْحَيَوَان فَإِنَّهُ صنفهما فِي السّنة الَّتِي توجه فِيهَا عَلَاء الدولة إِلَى سَابُور خواست فِي الطَّرِيق

وصنف أَيْضا فِي الطَّرِيق كتاب النجَاة واختص بعلاء الدولة وَصَارَ من ندمائه إِلَى أَن عزم عَلَاء الدولة على قصد هَمدَان وَخرج الشَّيْخ فِي الصُّحْبَة فَجرى لَيْلَة بَين يَدي عَلَاء الدولة ذكر الْخلَل الْحَاصِل فِي التقاويم المعمولة بِحَسب الأرصاد الْقَدِيمَة فَأمر الْأَمِير الشَّيْخ الِاشْتِغَال برصد هَذِه الْكَوَاكِب وَأطلق لَهُ من الْأَمْوَال مَا يحْتَاج إِلَيْهِ

وابتدأ الشَّيْخ بِهِ وولاني اتِّخَاذ آلاتها واستخدام صناعها حَتَّى ظهر كثير من الْمسَائِل فَكَانَ يَقع الْخلَل فِي أَمر الرصد لِكَثْرَة الْأَسْفَار وعوائقها

وصنف الشَّيْخ بأصفهان الْكتاب العلائي

وَكَانَ من عجائب أَمر الشَّيْخ إِنِّي صحبته وخدمته خمْسا وَعشْرين سنة فَمَا رَأَيْته إِذا وَقع لَهُ كتاب مُجَدد ينظر فِيهِ على الْوَلَاء بل كَانَ يقْصد الْمَوَاضِع الصعبة مِنْهُ والمسائل المشكلة فَينْظر مَا قَالَه مُصَنفه فِيهَا فيتبين مرتبته فِي الْعلم ودرجته فِي الْفَهم

وَكَانَ الشَّيْخ جَالِسا يَوْمًا من الْأَيَّام بَين يَدي الْأَمِير وَأَبُو مَنْصُور الجبائي حَاضر فجري فِي اللُّغَة مَسْأَلَة تكلم الشَّيْخ فِيهَا بِمَا حَضَره فَالْتَفت أَبُو مَنْصُور إِلَى الشَّيْخ يَقُول أَنَّك فيلسوف وَحَكِيم وَلَكِن لم تقْرَأ من اللُّغَة مَا يُرْضِي كلامك فِيهَا فاستنكف الشَّيْخ من هَذَا الْكَلَام وتوفر على درس كتب اللُّغَة ثَلَاث سِنِين واستهدى كتاب

<<  <   >  >>