للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

عَهده بالدنيا وَأول عَهده بِالآخِرَة وَهُوَ الْوَقْت الَّذِي يلين فِيهِ كل قَاس وَيتَوَجَّهُ إِلَى مَوْلَاهُ كل أبق أَنِّي أَحْمد تَعَالَى بالمحامد الَّتِي ذكرهَا أعظم مَلَائكَته فِي أشرف أَوْقَات معارجهم ونطق بهَا أعظم أنبيائه فِي أكمل أَوْقَات مشاهدتهم بل أَقُول كل ذَلِك من نتائج الْحُدُوث والإمكان

فأحمده بالمحامد الَّتِي تستحقها الوهيته ويستوجبها لكَمَال الموهبة عرفتها أَو لم أعرفهَا لِأَنَّهُ لَا مُنَاسبَة للتراب مَعَ جلال رب الأرباب وأصلي على الْمَلَائِكَة المقربين والأنبياء الْمُرْسلين وَجَمِيع عباد الله الصَّالِحين

ثمَّ أَقُول بعد ذَلِك اعلموا إخْوَانِي فِي الدّين وأخداني فِي طلب الْيَقِين

إِن النَّاس يَقُولُونَ الْإِنْسَان إِذا مَاتَ انْقَطع تعلقه عَن الْخلق وَهَذَا الْعَام مَخْصُوص من وَجْهَيْن الأول أَنه إِن بَقِي مِنْهُ عمل صَالح صَار ذَلِك سَببا للدُّعَاء وَالدُّعَاء لَهُ أثر عِنْد الله

وَالثَّانِي مَا يتَعَلَّق بمصالح الْأَطْفَال وَالْأَوْلَاد والعورات وَأَدَاء الْمَظَالِم والجنايات

أما الأول فاعلموا أَنِّي كنت رجلا محبا للْعلم فَكنت اكْتُبْ فِي كل شَيْء شَيْئا لَا أَقف على كمية وَكَيْفِيَّة سَوَاء كَانَ حَقًا أَو بَاطِلا أَو غثا أَو سمينا

إِلَّا إِن الَّذِي نظرته فِي الْكتب الْمُعْتَبرَة لي أَن هَذَا الْعَالم المحسوس تَحت تَدْبِير مُدبر منزه عَن مماثلة المتحيزات والأعراض وموصوف بِكَمَال الْقُدْرَة وَالْعلم وَالرَّحْمَة

وَلَقَد اختبرت الطّرق الكلامية والمناهج الفلسفية فَمَا رَأَيْت فِيهَا فَائِدَة تَسَاوِي الْفَائِدَة الَّتِي وَجدتهَا فِي الْقُرْآن الْعَظِيم لِأَنَّهُ يسْعَى فِي تَسْلِيم العظمة والجلال بِالْكُلِّيَّةِ لله تَعَالَى وَيمْنَع عَن التعمق فِي إِيرَاد المعارضات والمناقضات

وَمَا ذَاك إِلَّا الْعلم بِأَن الْعُقُول البشرية تتلاشى وتضمحل فِي تِلْكَ المضايق العميقة والمناهج الْخفية فَلهَذَا أَقُول

كلما ثَبت بالدلائل الظَّاهِرَة من وجوب وجوده ووحدته وبراءته عَن الشُّرَكَاء فِي الْقدَم والأزلية وَالتَّدْبِير والفعالية فَذَاك هُوَ الَّذِي أَقُول بِهِ وَألقى الله تَعَالَى بِهِ

وَأما مَا انْتهى الْأَمر فِيهِ إِلَى الدقة والغموض فَكل مَا ورد فِي الْقُرْآن وَالْأَخْبَار الصَّحِيحَة الْمُتَّفق عَلَيْهَا بَين الْأَئِمَّة المتبعين للمعنى الْوَاحِد فَهُوَ كَمَا هُوَ

وَالَّذِي لم يكن كَذَلِك أَقُول يَا إِلَه الْعَالمين أَنِّي أرى الْخلق مطبقين على أَنَّك أكْرم الأكرمين وأرحم الرَّاحِمِينَ فلك مَا مر بِهِ قلمي أَو خطر ببالي فاستشهد علمك

وَأَقُول إِن علمت مني إِنِّي أردْت بِهِ تَحْقِيق بَاطِل أَو إبِْطَال حق فافعل بِي مَا أَنا أَهله وَإِن علمت مني أَنِّي مَا سعيت إِلَّا فِي تَقْرِير مَا اعتقدت أَنه هُوَ الْحق وتصورت أَنه الصدْق فلتكن رحمتك مَعَ قصدي لَا مَعَ حاصلي فَذَاك جهد الْمقل وَأَنت أكْرم من أَن تضايق الضَّعِيف الْوَاقِع فِي الزلة

فأغثني وارحمني واستر زلتي وامح حوبتي يَا من لَا يزِيد ملكه عرفان العارفين وَلَا ينتقص بخطأ الْمُجْرمين

وَأَقُول ديني مُتَابعَة مُحَمَّد سيد الْمُرْسلين وكتابي هُوَ الْقُرْآن الْعَظِيم وتعويلي فِي طلب الدّين عَلَيْهِمَا

اللَّهُمَّ يَا سامع الْأَصْوَات وَيَا مُجيب الدَّعْوَات وَيَا مقيل العثرات وَيَا رَاحِم العبرات وَيَا قيام المحدثات والممكنات

أَنا كنت حسن الظَّن بك عَظِيم الرَّجَاء فِي رحمتك وَأَنت قلت

أَنا عِنْد ظن العَبْد بِي

وَأَنت قلت أَمن يُجيب الْمُضْطَر إِذا دَعَاهُ

وَأَنت قلت وَإِذا سَأَلَك عبَادي عني فَإِنِّي قريب

فَهَب أَنِّي مَا جِئْت بِشَيْء فَأَنت الْغَنِيّ الْكَرِيم وَأَنا الْمُحْتَاج اللَّئِيم

وَأعلم أَنه لَيْسَ لي أحد سواك وَلَا أجد محسنا سواك وَأَنا معترف بالزلة والقصور وَالْعَيْب والفتور فَلَا تخيب رجائي وَلَا ترد دعائي واجعلني آمنا من عذابك قبل الْمَوْت وَعند الْمَوْت وَبعد الْمَوْت وَسَهل عَليّ سَكَرَات

<<  <   >  >>