للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

(إِذا مَا نشرناه فكالمسك نشره ... ونطويه لَا طي السَّآمَة بل ضنا) الطَّوِيل

فَأَما مَا اشْتَمَلت عَلَيْهِ من الرِّضَا بِحكم الدَّهْر ضروره وَكَون مَا اتّفق لَهُ عَارض بتحقق ذَهَابه ومروره ثِقَة بعواطف السُّلْطَان خلد الله أَيَّامه ومراحمه وسكونا إِلَى مَا جبلت النُّفُوس عَلَيْهِ من معرفَة فواضله ومكارمه

فَهَذَا قَول مثله مِمَّن طهر الله نِيَّته

وَحفظ دينه ونزه عَن الشكوك ضَمِيره ويقينه ووفقه بِلُطْفِهِ لاعتقاد الْخَيْر واستشعاره وصانة عَمَّا يُؤَدِّي إِلَى عَابَ الْإِثْم وعاره

(لَا يؤيسنك من تفرج كربَة ... خطب رماك بِهِ الزَّمَان الأنكد)

(صبرا فَإِن الْيَوْم يتبعهُ غَد ... وَيَد الْخلَافَة لَا تطاولها يَد) الْكَامِل

وَأما مَا أَشَارَ إِلَيْهِ من أَن الَّذِي مني بِهِ تمحيص أوزار سبقت وتنقيص ذنُوب اتّفقت فقد حاشاه الله من الدنايا وبرأه من الآثام والخطايا

بل ذَاك اخْتِيَار لتوكله وثقته وابتلاء لصيره وسريرته كَمَا يبتلى الْمُؤمنِينَ الأتقياء ويمتحن الصالحون والأولياء

وَالله تَعَالَى يدبره بِحسن تَدْبيره وَيَقْضِي لَهُ بِمَا الْحَظ فِي تسهيله وتيسيره بكرمه

وَقد اجْتمعت بفلان فَأَعْلمنِي أَنه تَحت وعد أَدَّاهُ الِاجْتِهَاد إِلَى تَحْصِيله وإحرازه ووثق من المكارم الفائضة بِالْوَفَاءِ بِهِ وإنجازه وَأَنه ينْتَظر فرْصَة فِي التذْكَار ينتهزها ويغتنمها ويرتقب فُرْجَة للخطاب يتولجها ويقتحمها

وَالله تَعَالَى يُعينهُ على مَا يضمر من ذَلِك وينويه ويوفقه فِيمَا يحاوله ويبغيه

وَأما القصيدتان اللَّتَان أتحفني بهما فَمَا عرفت أحسن مِنْهُمَا مطلعا وَلَا أَجود منصرفا ومقطعا وَلَا أملك للقلوب والإسماع وَلَا أجمع للإغراب والإبداع وَلَا أكمل فِي فصاحة الْأَلْفَاظ وَتمكن القوافي وَلَا أَكثر تنَاسبا على كَثْرَة مَا فِي الْأَشْعَار من التباين والتنافي

ووجدتهما تزدادان حسنا على التكرير والترديد وتفاءلت فيهمَا بترتيب قصيدة الْإِطْلَاق بعد قصيدة التَّقْيِيد

وَالله عز وَجل يُحَقّق رجائي فِي ذَلِك وأملي وَيقرب مَا أتوقعه فمعظم السَّعَادَة فِيهِ لي إنْشَاء الله

أَقُول وَكَانَت وَفَاة أبي الصَّلْت رَحمَه الله يَوْم الِاثْنَيْنِ مستهل محرم سنة تسع وَعشْرين وَخَمْسمِائة بالمهدية وَدفن فِي المنستير وَقَالَ عِنْد مَوته أبياتا وَأمر أَن تنقش على قَبره وَهِي

(سكنتك يَا دَار الفناء مُصدقا ... بِأَنِّي إِلَى دَار الْبَقَاء أصير)

(وَأعظم مَا فِي الْأَمر إِنِّي صائر ... إِلَى عَادل فِي الحكم لَيْسَ يجور)

(فيا لَيْت شعري كَيفَ أَلْقَاهُ عِنْدهَا ... وزادي قَلِيل والذنُوب كثير)

<<  <   >  >>