للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ثمَّ مضى فيثاغورس من مصر رَاجعا إِلَى بِلَاده وَبنى لَهُ بِمَدِينَة أيونية منزلا للتعليم فَكَانَ أهل ساموس يأْتونَ إِلَيْهِ وَيَأْخُذُونَ من حكمته وَأعد لَهُ خَارِجا من تِلْكَ الْمَدِينَة أنطرونا جعله مجمعا خَاصّا لحكمته فَكَانَ يرابط فِيهِ مَعَ قَلِيل من أَصْحَابه أَكثر أوقاته

وَلما أَتَت عَلَيْهِ أَرْبَعُونَ سنة وتمادت طرانة فولوقراطيس وَكَانَ قد اسْتَخْلَفَهُ عَلَيْهِم حينا طَويلا واستكفاه ففكر وَرَأى أَنه لَا يحسن بِالْمَرْءِ الْحَكِيم الْمكْث على لُزُوم الطرانة وَالسُّلْطَان فَرَحل إِلَى إيطاليا وَسَار مِنْهَا إِلَى قروطونيا ودخلها فَرَأى أَهلهَا حسن منظره ومنطقه ونبله وسعة علمه وَصِحَّة سيرته مَعَ كَثْرَة يسَاره وتكامله فِي جَمِيع خصاله واجتماع الْفَضَائِل كلهَا فِيهِ فانقاد لَهُ أهل قروطونيا انقياد الطَّاعَة العلمية فألزمهم عصمَة القدماء وَهدى نُفُوسهم ووعظهم بالصالحات وَأمر الأراكنة أَن يضعوا للأحداث كتب الْآدَاب الْحكمِيَّة وتعليمهم إِيَّاهَا

فَكَانَ الرِّجَال وَالنِّسَاء يَجْتَمعُونَ إِلَيْهِ ليسمعوا مواعظه وينتفعوا بِحِكْمَتِهِ

فَعظم مجده وَكبر شَأْنه وصير كثيرا من أهل تِلْكَ الْمَدِينَة مهرَة بالعلوم وانتشر الْخَبَر حَتَّى أَن عَامَّة مُلُوك البربر وردوا عَلَيْهِ ليسمعوا حكمته ويستوعبوا من علمه

ثمَّ إِن فيثاغورس جال فِي مدن إيطاليا وسيقليا وَكَانَ الْجور والتمرد قد غلب عَلَيْهِم فصاروا سماعيه وصديقيه من أهل طاورومانيون وَغير ذَلِك

فاستأصل الْفِتْنَة مِنْهُم وَمن نسلهم إِلَى أحقاب كَثِيرَة

وَكَانَ مَنْطِقه طاردا لكل مُنكر وَلما سمع حكمته ومواعظه سماخس أطرون قانطوربيا خرج من ملكه وَخلف أَمْوَاله بَعْضهَا لِأَخِيهِ وَبَعضهَا لأهل مدينته

وَذكر أَن باندس الَّذِي كَانَ جنسه من فرمس وَكَانَ ملك فوثو وَكَانَ من ولد فيثاغورس وَكَانَ لفيثاغورس وَهُوَ باقروطونيا بنت بتول كَانَت تعلم عذارى الْمَدِينَة شرائع الدّين وفرائضه وسنته من حَلَاله وَحَرَامه

وَكَانَت أَيْضا زَوجته تعلم سَائِر النِّسَاء

وَلما توفّي فيثاغورس عمد ديميطوديوس الْمُؤمن إِلَى منزل الْحَكِيم فَجعله هيكلا لأهل قروطونيا

وَذكروا أَن فيثاغورس كَانَ على عهد كورس حَدثا وَكَانَ ملكه ثَلَاثِينَ سنة وَملك بعده ابْنه قامبوسيس وفيثاغورس فِي الْحَيَاة

وَأَن فيثاغورس لبث بساموس سِتِّينَ سنة ثمَّ سَافر إِلَى إيطاليا ثمَّ توجه مِنْهَا إِلَى ماطايونطيون فَمَكثَ بهَا خمس سِنِين وَتُوفِّي

وَكَانَ غذاؤه عسلا وَسمنًا وعشاؤه خبز قاخجرون وَبقول نيئة ومطبوخة وَلم يكن يَأْكُل من اللَّحْم إِلَّا مَا كَانَ من أضْحِية كهونته مِمَّا كَانَ يقرب لله تَعَالَى

<<  <   >  >>