للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السبب الأول هو أن الأخطاء التي وقعت في الكامل، لمم يكن المبرد مسؤولا عنها، وإنما ترجع مسؤوليتها إلى الممآخذ التي عول عليها المؤلف، والروايات القديمة، التي كانت سائدة على اللغة العربية، وآدابها، سائرة على ألسنة علمائها، ورواتها في عصر المبرد، وقبله، فهو برئ من ذلك كله، فأننا نرى أن هذه المآخذ، والروايات، قد وقع فيها كثير ن التعارض والخلافات، ولا يمكن استثناء أى علم، أو فن من علوم اللغة العربية وفنونها، وآدابها، كالمعاجم اللغوية، والمصادر التاريخية، والمراجع الأدبية، وكل ما فعله المبرد، هو أنه اختار من بين هذه الروايات المختلفة والأقوال المتعارضة، ما صح عنده، فيمكن أن نأخذ على المبرد في اختياره، ولا يجوز أن نحمله مسؤلية ذلك كله.

والسبب الثاني للأغلاط الواقعة في الكامل، هو ما أصيب به الكتاب بعد موت مؤلفة على أيدي النقلة والرواة والناسخين والكتاب، وهذا ما اكتشفته، وتأكدت به في خلال دراستي لما كتبه الوقشي، وابن السيد على الكامل، وأيضا لما قاله الأستاذ الكبير الميممنى في إلتنبيهات " ص ٧١ " وأضف إلى ذلك ما نجده من اختلاف هائل في نسخ الكامل في هوامش طبيعته. للمستشرق الكبير " رائت " والأستاذين زكي مبارك، وأحد شاكر.

والسبب الثالث هو أن الممبرد قد أخطأ إما لغفلته أو ضعف ذاكرته في أخريات عمره، وحدث ذلك خاصة في رواية الشعر، وسرد الأخبار، والحوادث التاريخية، فمن ذلك قوله في قتل عمروة بن أدية، فأنه يقول مرة أن زيادا ضرب عنقه، ويقول مرة أخرى أن عبيد الله ابن زياد كان قد أمر بقطع يديه، ورجليه ثم بقتله. وقوله: " للهدنة بيته " أى رسول الله صلى الله عليه وسلم " وبين أهل الحديبية ".فهل كانت هذه الهدنة بينه وبين أهل الحديبية أمم بينه وبين أهل مكة بالحديبية؟ ما السبب الذي جعله يقول هذا غير الغفلة والإهمال؟ والسبب الرابع يرجع إلى أنفة المبرد في الاعتراف بالعجز عن الإدراك وربما قادة ذلك إلى الوضع والتمويه.

[" ٤ " ما كتب في المؤخذات والتنبيهات عليه]

[مؤخذات الاخفش]

كان أبو الحسن علي بن سليمان، والاخفش الاصغر، المتوفي ٣١٥ هـ، من علماء النحو، واللغة، والأدب، وهو من ابرز تلاميذ المبرد، وهو الذي روى الكامل عن مؤلفاته فاحتفظ التاريخ بروايته، والدرست روايات الآخرين لكامل من تلاميذ المبرد، لأن النسخ المحفوظة الباقية الكامل هي كلها جاءت بروايته عن المبرد.

ومؤخذاته على الكامل، لم يذكرها ابن النديم. ولا ياقوت. ولا غيرهما من المؤلفين ممن ترجم له. وقد قال المرزباني: " وما علمته صنف شيئا " إلا أن ابن النديم وياقوت يذكر أن له بعض المؤلفات غير هذه المؤاخذات عن الكامل. وقد ذكرها علي بن حمزة فقال: وممن أخذ عليه " المبرد في الكامل " فأصاب وأخطأ الأخفش ". ثن ذكر من مؤاخذته فيما أصب، أو أخطأ منها.

وأغلب الظن أن الأخفش لم يفرد كتابه لهذه المؤخذات، وإنما علقها على نسخته التي كان يروي منها الكامل لتلاميذه، ولهذا السبب أدخلها الرواة في متن الكامل، ووضعرها بين القوسين، وتمييز بين كلام المبرد، والأخفش.

[مؤاخذات ابن النحاس]

هذه المؤاخذات، لمم نجد لها ذكرا في المرجع، إلا عند ابن حمزة حيث قال: " وقد أخذ الناس علي ابى العباس قبلنا في هذا الكتاب وفي غيره، فمهم مخطئ ومصيب فممن أخذ عليه في هذا الكتاب، فأصاب أبو جعفر ابن النحاس. وقد ذكر ابن حمزة مؤاخذة واحدة من مؤاخذاته، وهن مؤاخذة لغوية. وذلك على قول أبي العباس، وقد ذكر أم خارجة، وكانت قد ولدت في العرب في نيف وعشرين حيا. من آباء متفرقين، " قال أبو جعفر: الذي حكاه أهل اللغة يقال: هم مفترقون في النسب، وكانوا جماعة فصاروا متفرقين. وقول أبي جعفر هو الأعلى الأصح ".

وابن النحاس هنا، هو احمد بن محمد أن إسماعيل المرادي المصري المتوفي ٣٣٨هـ، من علماء الأدب، واللغة، والتفسير، والحديث، وهو من تلاميذ المبرد. والأخفش، وله كتب حسان مفيدة.

التنبيهات على أغاليط الرواة في كتب اللغة المصنفات

<<  <   >  >>