للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا شك أن البيت في صفة الشجاع في الحرب وليس في صفة المصارب، وان المبرد هو المخطئ الوقشي هو المصيب إلا أن أسلوبه، هو أسلوب ناقد، ثائر، غضبان، قاهر، لا يفكر في الإصلاح، ولا يعفو عن الجل، ولا يحتال في العذر لزلاته، والتبرير لأخطائه فليس هذا من وظيفة الوقشي ولا اسلوبه، وإنما هو وظيفة البطليوسي، رحمه الله، وأسلوبه فانه يحاول لإصلاح الكلام، ويحتال عذرا لزلات المبرد، انظر إلى ظرته في هذا الموضوع حيث يقول: أن أبو العباس جعل قول حبيب مثل ما قدمه في وصف المصلوب فقد أخطأ، لأن قول حبيب، وإنما هو في صفة شجاع، وقد بينه يقوله في " حفيظته " وهو نحو قول عنترة: " أبدي نواجذه لغير تبسم " وإن كان قد استأنف ضربا آخر من التشبيه، وقطع ما كان فيه، فقد سلم من الخطأ. وليس هنا ما يقطع، وأنه جعله مثل ما قبله من صفة الملصوب فيختم عليه فانه خطأ.

ولعل الوقشي كان قد تأثر بأسلوب على بن حمزة البصري في مؤآخذاته وتنبيهاته على الكامل، لأنه في أكثر الأحيان يثور عليه، ويسبه، ويتهمه بالجهل والغفلة. وأما ابن السيد فقد استفاد من تنبيهات ابن حمزة، وقرأها فهو يصرح أحيانا، ويقول " هذا مما ينه عليه علي بن حمزة، إلا أنه لمم يتأثر بأسلوبه في الأخذ، والتنبيه على أخطاء الرجال. ونراه أحيانا يتنصر للمبرد، ويرد مؤخذات ابن حمزة على قول ابن السيد في هذا الموضع من طرره على الكامل: في بعض النسخ بحاء غير معجمة وباء ساكنة. وفي جمهور النسخ، جبل، وليس بشيء، وإنما الصواب بحاء غير معجمة، وباء ساكنة، وهو المستطيل من الرمل. وكذا قال الرياشيفي الحماسة: الحسن نقاً بالدهناء وقد رد علي بن حمزة قوله جبل، وزعم أن أبا العباس غلط في قوله " الحسن رممل " وإنما هو شجر وعلى بن حمزة " هو " المخطى في هذا لأن أبارياش قال: هما نقوان، بقال لأحدهما الحسن والاخر الحسين، ويدل عليه قوله الآخر.

ويوم شقيقة الحسنين لاقت ... بنو شيبان آجالا قصار

أما الموضوعات التي تناولها ابن السيد في هذا الشرح، فانها لا تختلف كثيرا عن الموضوعات التي تناولها الوقشي، والمرصفي، إلا أن ابن السيد يتناول موضوعا أو موضعات من الكامل فيقلغ عليه بأسلوب سلس، سهل، ويفصل القول إذا اقتضته الحاجة، ودعاه الموضوع إلى ذلك. أما إذا لم يكن في حاجة إلى ذلك، أجمل القول فيه إجمالا ولم يطل فيمل.

[٣ - شرح الكامل للسرقسطي]

قد ذكر الحاج خليفة في كشف الظنون، أن محمد بن يوسف بن عبد الله بن يوسف بن عبد الله أبن إبراهيم أبا الطاهر التميمي المازني السرقسطي، المعروف بأبن الأشتركوني، المتوفي ٥٣٨هـ، كان قد شرح الكامل للمبرد، إلا أننا لم نعثر على هذا الشرح، كما أنه لم يذكره أحد من أصحاب كتب التراجم. غير صاحب الكشف، وربمما كان خليفة قد رأى هذا الشرح في عصره، ثم عصفت به حوادث الأيام. أو لم يزل باقيا في مجاهل المكتبات العثمانية. وقد عرفنا أن هذا الرجل السرقسطي كان يشتغل بتدريس الكامل، ويشرحه للطلاب الوافدين عليه. فقد ذكر أبو جعفر أحمد بن عبد الرحمن المعروف بأبن مضاء قاضي الجماعة في عصر الموحدين. أنه تلمذ عليه وأخذ عنه علوم العربية وأعتمد عليه في تفسير الكامل للمبرد لرسوخه في اللغة العربية.

وأبو الطاهر أبن الآشتركوني هذا. من تلاميذ صاحبنا أبي محمد أبن السيد البطليوسي، رحمه الله. كما مر في ترجمته بين تلاميذه. وكان من الكتاب الأدباء، لغويا، شاعراً، معتمداً في الأدب. متقدماً فيه. وله من المؤلفات المقامات اللزومية، التزم فيها مالا يلزم في الشعر والنثر والمسلسل في غريب لغة العرب. وهذا الكتاب هو صلة كتاب المدخل في اللغة لأبي عمر المطرز غلام ثعلب، " المتوفي ٣٤٥هـ ".

[٤ - شرح الكامل للأعلام البطليوسي]

قد ذكر أبن الأبار أن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم البطليوسي، ثم الأشبيلي المتوفي سنة سبع وثلاثين وستمائة، أو نحوها، كان قد شرح الكامل للمبرد فيما شرح من أمهات الكتب العربية ولم يذكره غيره من العلماء القدماء. وأغلب الظن أن جميع مؤلفات الأعلم البطليوسي قد طارت بها العنقاء وعصفت بها حوادث الأيام.

<<  <   >  >>