للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١ - ذكر الوقشي مؤخرا وقدم أبن السيد عليه، مع أن الوقشي أقدم زمانا وأكبر سنا من أبن السيد، وهذا لا يعد اتفاقا، ومصادفة، وإنما يطابق ذلك بما فعله أبو الحسن ابن سعد الخير حيث قدم أبن السيد على الوقشي في خطبته لأنه شيخه وأستاذه، فقدمه علي الوقشي ذكرا. ونظن أن البغدادي كان قد نظر في الكتاب فذكرهما على ترتيب خطبته، ولم يفكر في مرتبتهما أو في التقديم والتأخير الزمني.

٢ - ومما يؤكد لنا أنه لم يكن عنده أصلي أبن السيد والوقشي، أنه لم يذكرهما بأسميهما الأصليين، فقد عرفنا أن اسم شرح الوقشي، نكت الكامل للمبرد، وأسم شرح أبن السيد، الطرر على الكامل كما صرح به المراكشي. فلو كان يملك الأصليين أو كان قد عثر عليهما، لذكرهما، بالاسمين الأصليين فعلى القل أنه لم يعثر على الأصليين لهما، وإنما عثر إما على هذه النسخة أو على نسخة أخرى لكتاب القرط على الكامل لأبن سعد الخير، وأرواه ذكر اسم الشرحين من غلاف النسخة حيث كتب " شرح الكامل للمبرد "، ومن ثم ذكر الشرحين بلفظ واحد، حيث قال " الكامل للمبرد وشرحه لأبن السيد البطليوسي ولأبي الوليد الوقشي " " الخزانة ١١٠ ".

٣ - ومما يؤيد قول الأستاذ الميمني، ويؤكده، هو التطابق الكامل والموافقة التامة بين ما جاء في القرط من أقوالهما، وبين ما أخذه البغدادي منه في خزانة الأدب، فأن العبارات تطابق حرفا حرفا تطابق النعل بالنعل، حتى أن الأخطاء، التي وقعت في نسخة القرط هذه، قد وجدناها بعينها في خزانة الأدب، وسننبه عليها في مواضعها من متن الكتاب، أن شاء الله.

إن ما قاله المغفور له الأستاذ الميمني، ليس ببعيد عن الصحة والحق. وإن هذه النسخة قد وصلت إلى الشيخ الزمزمي بمكة بعد ما استفاد منها البغدادي، فقد كان هذا الشيخ مؤقتا بالحرم المكي، وكان المسلمون " ولا يزالون ولن يزالوا " يأتون إليه من كل فج عميق، وكانوا يأتون بنفائس الهدايا إلى أهل مكة عامة وإلى هذا الشيخ خاصة بصفته مؤقتا بحرم الله الأمين، ومع ذلك فقد كان حريصا على نوادر المخطوطات، مولعا بها، ولا يبعد أن كانت النسخة قد أهديت إليه، أو اشتراها من الواردين والزوار لبيت الله الحرام، والله أعلم بالصواب.

[٢ - مكانته وقيمته]

لسنا في حاجة إلى ذكر مكانة القرط وقيمته، لأن القارىء الكريم هو الذي يقدره ويعرف قيمته، ويعين مكانته بين مؤلفات الفن، إلا أننا نشير إلى بعض الأشياء الهامة: ١ - كتاب القرط هو الأثر الثاني " بعد تنبيهات أبن حمزة " من آثار القدماء على الكامل للمبرد التي احتفظ بها الزمان، وكذلك فهو ثالث الكتب التي جاءت كدليل على أن عمل للغاربة وافق قولهم في تسمية الكتب الأربعة بأركان الأدب وأصوله فالكتاب الأول هو الاقتضاب، والثاني سمط الل لي وهذا القرط هو الكتاب الثالث!.

٢ - وهو الشاهد العدل على عناية المغاربة واهتمامهم بالكامل للمبرد. فانه يدل على كثرة النسخ المتداولة في عصر الوقشي وابن السيد كما أنه يدل على الأخطاء. والأغلاط التي وقعت فيها على أيدى النقلة، والناسخين، والكتاب ومن ثم هو الدليل على تبرئة المبرد من كثير من الأخطاء في الكامل.

٣ - وهو عون كبير على تصحيح الكامل وإصلاحه، كما أنه يسهل الكتاب لقرائه، ويساعدهم في حل معضلاته ويقربهم منه تقريباً.

<<  <   >  >>