للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرّجلَانِ اللَّذَان لم ندخلهما الْحمام يَوْم كَذَا وَكَانَ يظنّ أنني لَا أعرف لغته فَقلت لَهُ بِالْعَرَبِيَّةِ حَقًا مَا تَقول فَنحْن اللَّذَان كُنَّا نلبس خرقَة من الصُّوف على ظهرنا فَخَجِلَ الرجل وَاعْتذر وَكَانَ بَين هذَيْن الْحَالين عشرُون يَوْمًا وَقد ذكرت هَذَا الْفَصْل حَتَّى يعرف النَّاس أَنه لَا يَنْبَغِي التذمر من أزمات الزَّمَان واليأس من رَحْمَة الْخَالِق جلّ جَلَاله وَعم نواله فَإِنَّهُ تَعَالَى رَحِيم

وصف الْمَدّ والجزر بِالْبَصْرَةِ وَوصف أنهارها

يحدث الْمَدّ ببحر عمان عَادَة مرَّتَيْنِ كل أَربع وَعشْرين سَاعَة فيرتفع المَاء بِمِقْدَار عشر أَذْرع وَحين يبلغ الِارْتفَاع أقْصَى مداه يبْدَأ الجزر بالتدريج فينخفض المَاء عشرا أَو اثْنَتَيْ عشرَة ذِرَاعا وَيعرف بُلُوغ ارْتِفَاع المَاء مِقْدَار الأذرع الْعشْر بظهوره على عَمُود أقيم هُنَاكَ أَو على حَائِط وَلَو كَانَت الأَرْض مستوية وَغير عالية لعظم امتداد الْبَحْر اليها ويسير النهران دجلة والفرات بغاية البطء حَتَّى يتَعَذَّر فِي بعض الْجِهَات معرفَة اتجاه التيار فيهمَا وَحين يبْدَأ الْمَدّ بِدفع الْبَحْر ماءهما مَسَافَة أَرْبَعِينَ فرسخا حَتَّى يظنّ إنَّهُمَا يرتدان إِلَى منبعيهما أما فِي الْأَمَاكِن الْأُخْرَى الَّتِي تقع على شاطئ الْبَحْر فَإِن امتداد الْمَدّ إِلَيْهَا يتَوَقَّف على ارتفاعها وانخفاضها فَحَيْثُمَا اسْتَوَت الأَرْض ازْدَادَ الْمَدّ وحيثما ارْتَفَعت قل وَيُقَال إِن الْمَدّ والجزر متعلقان بالقمر فَيبلغ الْمَدّ أقْصَى مداه حِين يكون الْقَمَر على الأفقين يَعْنِي أفقي الْمشرق وَالْمغْرب وَمن نَاحيَة أُخْرَى حِين يكون الْقَمَر فِي اجْتِمَاع الشَّمْس واستقبالها يزْدَاد المَاء أَي ان الْمَدّ يزِيد فِي هَذِه الْأَوْقَات ويعظم ارتفاعه وَحين يكون الْقَمَر فِي التربيعات تَأْخُذ الْمِيَاه فِي النُّقْصَان يَعْنِي لَا يكون علوها كثيرا وَقت الْمَدّ وَلَا ترْتَفع ارتفاعها وَقت الِاجْتِمَاع والاستقبال وَكَذَلِكَ يكون جزرها فِي هَذِه الْحَالة أقل هبوطا مِنْهُ فِي وَقت الِاجْتِمَاع والاستقبال وبهذه الدَّلَائِل يَقُولُونَ إِن الْمَدّ والجزر متعلقان بالقمر وَالله تَعَالَى أعلم

<<  <   >  >>