للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويستهجنون مَا يَقُول كَمَا هِيَ عَادَتهم عِنْد سماعهم مَا لَا يعرفونه واعتقاد كل وَاحِد مِنْهُم أَن الْعلم انحصر فِيهِ وانه لَا علم إِلَّا مَا يعرفهُ من الخزعبلات والترهات والمقالات الملفقة والأساطير المنمقة المزخرفة ثمَّ تولى تدريس الْمدرسَة العزية البرانية ومدرسة الشبلية وفوضت إِلَيْهِ البدرية وَكَانَ سكنه بهَا وَبهَا توفّي سنة أَربع وَخمسين وسِتمِائَة وَحضر جنَازَته الْملك الْعَزِيز

وَأثْنى أَبُو شامة على علومه وفضائله وَحسن وعظه وَطيب صَوته ونضارة وَجهه وتواضعه وزهده وتودده وَكَانَ عَالما فَاضلا ظريفا مُنْقَطِعًا عَن النَّاس مُنْكرا على أَصْحَاب الدولة مَا هم عَلَيْهِ من الْمُنْكَرَات وَكَانَ مقتصدا فِي لِبَاسه مواظبا على المطالعة والاشتغال بِالْعلمِ وَالْجمع والتصنيف مضيفا لأهل الْعلم وَالْفضل مباينا لأهل الخزي وَالْجهل تَأتي الْمُلُوك وأرباب الدولة إِلَيْهِ زائرين قَاصِدين وَقد قضى عمره فِي جاه وأفر عِنْد الْمُلُوك والحكام والعوام فِي نَحْو خمسين سنة وَكَانَ مجْلِس وعظه مطربا وصوته فِيمَا يُورِدهُ حسنا طيبا قَالَ أبن كثير وَهُوَ مِمَّن ينشد لَهُ بعد مَوته قَول الشَّاعِر

(مَا زلت تكْتب فِي التَّارِيخ مُجْتَهدا ... حَتَّى رَأَيْتُك فِي التَّارِيخ مَذْكُورا)

وَمن لطائفه أَن الْملك النَّاصِر صَاحب حلب سَأَلَهُ يَوْم عَاشُورَاء أَن يذكر للنَّاس شَيْئا من مقتل الْحُسَيْن رَضِي الله عَنهُ فامتثل وَصعد الْمِنْبَر وَجلسَ طَويلا لَا يتَكَلَّم ثمَّ وضع المنديل على وَجهه وَبكى ثمَّ أنشأ يَقُول

(ويل لمن شفعاؤه خصماؤه ... والصور فِي نشر الْخَلَائق ينْفخ)

(لَا بُد أَن ترد الْقِيَامَة فاطم ... وقميصها بِدَم الْحُسَيْن ملطخ)

ثمَّ نزل عَن الْمِنْبَر وَهُوَ يبكي وَصعد إِلَى الصالحية وَهُوَ يبكي

وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي العبر أَن للمترجم تَفْسِيرا فِي تِسْعَة وَعشْرين مجلدا وَله شرح الْجَامِع الْكَبِير وَجمع مجلدا فِي مَنَاقِب أبي حنيفَة وَكَانَ فِي شبيبته حنبليا ثمَّ انْتقل إِلَى مَذْهَب أبي حنيفَة

الْمدرسَة البلخية

كَانَ محلهَا قَدِيما يعرف بخربة الْكَنِيسَة ثمَّ عرفت بدار أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ

<<  <   >  >>