للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

يعطونهم بِوَصِيَّة مِنْهُ وَكَانَ يُقيم فِي كل سنة سَبِيلا للْحَاج ويسير مَعَهم جَمِيع مَا تَدْعُو النه حَاجَة الْمُسَافِر فِي الطَّرِيق ويسير أَمِيرا مَعَه خَمْسَة آلَاف دِينَار ينفقها فِي الْحَرَمَيْنِ على المحتاجين وأرباب الرَّوَاتِب وَله بِمَكَّة حرسها الله آثَار جميلَة وَهُوَ اول من اجرى المَاء إِلَى جبل عَرَفَات وَغرم عَلَيْهِ جملَة كَثِيرَة وَعمل بِالْجَبَلِ مصانع للْمَاء واما أحتفاله بمولد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فان الْوَصْف يقصر عَن الاحاطة بِهِ كَانَ يعمله سنة فِي الثَّامِن من شهر ربيع الأول وَسنة فِي الثَّانِي عشر لأجل الِاخْتِلَاف الَّذِي فِيهِ فاذا كَانَ قبل المولد بيومين أخرج من الابل وَالْبَقر وَالْغنم شَيْئا كثيرا يزِيد على الْوَصْف وزفها بِجَمِيعِ مَا عِنْده من الطبول والمغاني والملاهي حَتَّى يَأْتِي بهَا الميدان ثمَّ يشرعون فِي نحرها ونيصبون الْقُدُور ويطبخون الالوان الْمُخْتَلفَة فاذا كَانَت لَيْلَة المولد عمل السماعات بعد ان يُصَلِّي الْمغرب فِي القلعة ثمَّ ينزل وَبَين يَدَيْهِ من الشموع الموكبية الَّتِي تحمل كل وَاحِدَة على بغل وَمن وَرَائِهَا رجل يسندها وَهِي مربوطة على ظهر الْبَغْل فاذا كَانَ صَبِيحَة يَوْم المولد أنزل الْخلْع والبقج وخلع على كل وَاحِد من الْفُقَهَاء والوعاظ والقراء وَالشعرَاء وَدفع لكل وَاحِد نَفَقَة وهدية وَمَا يوصله الى وَطنه انْتهى مَا أوردهُ ابْن خلكان مُلَخصا وَقَالَ ابْن قَاضِي شُهْبَة فِي تَارِيخ الاسلام بعد كَلَام طَوِيل وثناء جميل قالجماعة من أهل أربل كَانَت نَفَقَته على المولد فِي كل سنة ثَلَاثمِائَة ألف دِينَار وعَلى الاسرى مِائَتي الف دِينَار وعَلى دَار المضيف مائَة ألف دِينَار وعَلى الخانقاه مائَة وعَلى الْحَرَمَيْنِ والسبيل وعرفات ثَلَاثِينَ ألف دِينَار غير صَدَقَة السِّرّ انْتهى كَلَام ابْن قَاضِي شُهْبَة

أَقُول ان للنَّاظِر فِي كتَابنَا هَذَا ان يَقُول هَذِه الاموال الَّتِى كَانَ ينفقها هَل كَانَت من مَال لَهُ خَاص أَو من مَال الرّعية فاستبد بهَا وبذرها وَلم لم ينفقها فِي مصَالح الْمُسلمين وتقوية شوكتهم مَعَ احْتِيَاج وقته الى ذَلِك فرحمه الله ورحم أَمْثَاله مَا كَانَ أبعدهم عَن مرامي السياسة توفّي فِي السّنة الْمَذْكُورَة سَابِقًا وَهِي سنة ثَلَاثِينَ وسِتمِائَة بقلعة أربل وَحمل الى مَكَّة ليدفن فِي الْحرم فَلَمَّا وصلوا بِهِ الى الْكُوفَة لم يَتَيَسَّر لَهُم الْوُصُول وَلم يتَّفق وُصُول الْحَاج اليها لقطع التتار الطَّرِيق عَلَيْهِم فَدفن عِنْد أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ ابْن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ

وانت تعلم ان الْبِلَاد فِي زَمَنه كَانَت فِي ضيق وَخَوف شَدِيد من الاعداء الَّتِي تكتنفها وَمثله مغموس فِي الملآهي ومحبة العظمة والأبهة وَكَانَ ذَلِك قدرا مَقْدُورًا

<<  <   >  >>